-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
لابدّ،
في السياسة، من معارضة! فالمرء
يعارض نفسه، أحياناً! والمهمّ:
شكل المعارضة، وهدفها! عبدالله
القحطاني *
السياسة: مصطلح عامّ، تندرج،
تحته، أسماء كثيرة، وتفصيلات
كثيرة! * هناك
السياسة العامّة، التي تعني
إدارة شؤون الدولة، بكل ما
فيها، ومن فيها! * وهناك
السياسات الخاصّة، المتعلّقة
بكل نشاط من أنشطة الدولة، مثل:
السياسة الاقتصادية، والسياسة
التعليمية، والسياسة
الزراعية..! *
والسياسة اجتهاد بشري، صِرف..
بصَرف النظر عن مرجعياته
الفكرية أو العقدية! وهو يستند
إلى أمور شتّى، متنوّعة، منها:
الواقع الذي يعيشه صانع
السياسة، داخل بلده.. ومنها
الظروف المحيطة بصانع السياسة،
أو صانع القرار السياسي؛ الظروف
الداخلية والخارجية! وتدخل في
حساب القرار السياسي، جملة ضخمة
معقّدة، من الحسابات البعيدة
والقريبة! فالارتجال، في أيّ
قرار سياسي، عامل تدمير، أو
تخريب.. في المجال الذي يصنع
لخدمته، أو في كيان الدولة،
كلّه! * كل
صانع قرار سياسي، له طريقته في
الحساب، وأساليبه، ووسائله،
والرجال الذين يَعتمد عليهم، في
تنفيذ سياساته! وبناء على هذا،
كله، لابد من اختلاف الرؤى،
والاجتهادات، والتصوّرات.. بين
صنّاع القرارات السياسية.. سواء
أكانوا من أحزاب سياسية مختلفة،
أم كانوا من حزب واحد! وسواء
أكانوا من مدرسة سياسية واحدة،
أم من مدارس مختلفة! بل، حتّى لو
كانوا من فريق عمل واحد! ولو
وجِد ملهَم وحيد، في أيّة دولة،
لكان هو المؤهّل، وحده، دون
منازع.. لاتّخاذ القرار
السياسي، وفرض الرأي السياسي،
الذي يراه مناسباً.. وما على
الآخرين إلاّ الطاعة والامتثال!
* مادام
الملهَم الوحيد ليس موجوداً،
فلابدّ من اختلاف الآراء، بين
الأشخاص الذين يتصدّون لصناعة
السياسة، وصناعة قراراتها!
وبالتالي، لابدّ من أن يعارض
بعضُهم بعضاً! وربّما تنشأ
بينهم اختلافات حادّة، تحسمها
المؤسّسات، التي تحكم عملهم، في
العادة! بل، كثيراً ما نرى صانع
القرار السياسي، يتحمّس لقرار
معيّن، اليوم، ثم يتخلّى عنه،
غداً، بعد أن يعيد النظر فيه،
ويكتشف أنه كان يستند، في
حساباته، على معلومات ناقصة!
وربّما كان بعضها ضعيفاً، من
حيث صحّته، أو دقّته! وربّما
كانت الطريقة، التي حسب بها
القرار، ليست هي الأجدى، في هذا
القرار! وهكذا.. *
المعارضة تقوّي صانع القرار،
داخلياً؛ إذ تفرض عليه، استنفار
أقصى ما لديه، من طاقة ذهنية
وعملية.. ليأتي قراره مسدّداً،
خالياً من العيوب والأخطاء!
وذلك، كيلا يعطي المعارضة حجّة
عليه، لإحراجه، أو إسقاطه! كما
أن المعارضة تقوّي صانع القرار،
خارجياً.. في مواجهة الضغوط،
التي تؤثّر في عزيمته وإرادته،
وإصراره على تحصيل أكبر قدر من
المنافع، لدولته! لأن أيّ تهاون
منه، إزاء ضغوط الآخرين، سيعطي
المعارضة حجّة عليه، لإحراجه
أمام شعبه، أو لإسقاطه سياسياً!
والمقصود، هنا، بالطبع،
المعارضة الجادّة، المنضبطة
بأصول العمل السياسي، وضوابطه! *
والمهمّ، في أيّة معارضة، هو:
شكلها، وهدفها: ـ ويدخل
في الشكل: الموضوعية والمزاجية..
والمنهجية والاعتباطية، في
حساب معادلة القرار..! ـ كما
يدخل في الهدف: خدمة المصلحة
العامّة.. والهوى الشخصي، أو
الفئوي، أو الحزبي..!
*
المستبدّون بآرائهم، الذين
يعدِمون الآراء الأخرى، في أيّ
مجال من مجالات العمل العامّ،
إنّما يرتكبون جرائم بشعة، في
حقّ أمّتهم وشعوبهم! لأنهم
يدمّرون طاقات الأمّة الفاعلة ؛
إذ يشلّونها عن العمل والإبداع!
هذا من ناحية.. ومن ناحية أخرى،
لأنهم يجعلون الأمّة مجالاً
خاصاً بهم، لتجريب مواهبهم
الخاصّة، في شتّى مجالات
النشاط: السياسي، والاجتماعي،
والاقتصادي، والإنساني..! وأيّ
خطأ يرتكبونه، بحقّ الأمّة،
تنجم عنه تداعيات، لا يعلمها
إلاّ الله! لذا؛ فإن هؤلاء وباء
مدمّر، لابدّ من استئصاله، إذا
لم يمكن إيقافه عند حدّه! وإلاّ
حلّت بالأمّة كوارث لانهاية
لها، سوى الفناء! ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |