-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد  25/01/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


بسم الله الرحمن الرحيم

محرقتان .. مهداة إلى حماس وأهل غزة

د.منير محمد الغضبان*

أما المحرقة الأولى فقد سمعناها وقرأنا عنها في تفسير كتاب الله.وهي التي رسمت طريق الدعاة إلى الله في الأرض ،أمام المجرمين الذين يقتلون أنبياء الله .ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس ولنستمع إلى أنباء تلك المحرقة كما رواها ابن إسحاق:

(_  _  _ فسار إليهم ذو نواس بجنده فدعاهم إلى اليهودية  .وخيرهم بين ذلك أو القتل . فاختاروا القتل فخد الأخدود فحرق بالنار وقتل بالسيف ومثل بهم حتى قتل منهم قريبا من عشرين ألفا ، ففي ذي نواس وجنده أنزل الله عز وجل على رسوله صلى الله عليه وسلم (قتل أصحاب الأخدود . النار ذات الوقود. إذ هم عليها قعود . وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود . وما نقموا منهم إلا أني يؤمنوا بالله العزيز الحميد .الذي له ملك السموات والأرض والله على كل شيء شهيد)

هكذا ذكر ابن إسحاق في السيرة أن الذي قتل أصحاب الأخدود هو ذو نواس ) تفسير ابن كثير /534

فإذن اليهود هم أبطال المحرقة الأولى

واليهود اليوم هم أبطال المحرقة الثانية

هذه المحرقة التي تريد الإنسان الفلسطيني المسلم . ولا تريد المقاتل فقط؟

تريد أن تحرقه من الوجود لتخلو له الساحة . وكما قالت تريد إنهاء سيطرة حماس على السلطة في غزة . وتغيير الوضع الأمني فيها .

ومن أجل ذلك . ولأنها تريد الإنسان الفلسطيني المعتز بعقيدته أولا، أو تخضع     المعتز بعقيدته والمدافع عن وطنه ، فقد كانت قسمتها عادلة في التوزيع .

الشهداء  ألف وثلاثمائة موزعين بين الرجال المدنيين والشباب والنساء والأطفال الذين قال الله تعالى عنه  ((إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا))

والجرحى توزعوا كذلك بالعدل أكثر. إذ كان للأطفال والنساء النصف وللرجال مسنين وشباب النصف الآخر .أما المجهدون فقد قتل منهم قرابة الخمسين.

واستعملت أعتى الأسلحة الثقيلة والطائرات والصواريخ والقنابل الممنوعة والمحرمة . والتي كان بعضها حقل تجربة بهؤلاء البشر . ولم ترض فقط بقتل الإنسان . فقد قتلت الحياة كلها . وقتلت الجماد .

ودمرت كل المؤسسات ابتداءا بالمساجد ومرورا  بالبيوت . وانتهاء بمؤسسات الإغاثة بين المستشفيات والمدارس المعدة لحماية المدنيين من قبل الأمم المتحدة . فكل شيء مباح في الإفناء والذبح والتدمير من البر والبحر والجو.

هاتان المحرقتان التي قام فيها اليهود للنصارى في نجران وللمسلمين في غزة .الأولى مسجلة في القرآن كتاب الله عز وجل علمناها علم اليقين . وهذه المحرقة شهدناها بعيننا عين اليقين . ومع ذلك فقد رأينا أعظم أدباء العربية سيد رحمه الله ، وصف المحرقة الأولى التي هي علم اليقين . ولا نجد في عصرنا الحاضر من يستطيع وصفها وهي عين اليقين مثل سيد .

فأنسحب لأدع له ما وصف به المحرقة الأولى وكأنما يرى المحرقة اليوم ويصفها بعد الوقوع . ولن يكون لي فيها إلا بعض العناوين الجانبية .

إنها قصة فئة آمنت بربها :

واستعلنت حقيقة إيمانها ثم تعرضت لفتنة من أعداء جبارين طغاة مستهترين بحق الإنسان  في حرية الاعتقاد والإيمان بالله العزيز الحميد. وبكرامة الإنسان عند الله عن أن يكون لعبة يتسلى الطغاة بآلام تعذيبها . ويتلهون بمنظرها في أثناء التعذيب بالحريق وقد ارتفع  الإيمان بهذه القلوب على الفتنة . وانتصرت فيها العقيدة على الحياة . فلم ترضخ لتهديد الجبارين الطغاة ولم تفتن عن دينها ، وهي تحرق بالنار حتى تموت .

لقد تحررت هذه القلوب من عبوديتها للحياة . فلم يستذلها حب البقاء وهي تعاين الموت بهذه الطريقة البشعة . وانطلقت من قيود الأرض وجواذبها جميعا . وارتفعت على ذواتها بانتصار العقيدة على الحياة فيها

وكانت هناك الجبلات الجاحدة الشريرة المجرمة اللئيمة :

(وفي مقابل هذه القلوب المؤمنة الخيرة الرفيعة الكريمة كانت هناك جبلات جاحدة شريرة لئيمة . وجلس أصحاب هذه الجبلات على النار( ذو نواس  وليفني وباراك وأولمرت)جلسوا يتلهون بمنظر الحياة تأكلها النار . يشهدون كيف يتعذب المؤمنون ويتألمون . جلسوا يتلهون بمنظر الحياة تأكلها النار . والأناسي الكرام يتحولون وقودا وترابا . وكلما ألقي فتى أو فتاة ، صبية أو عجوز ، طفل أو شيخ  من المؤمنين الخيرين الكرام بالنار . ارتفعت الشهوة الخسيسة في نفوس الطغاة . وعربد السعار المجنون بالدماء والأشلاء.

هذا هو الحادث البشع:

الذي انتكست فيه  جبلات الطغاة وارتكست في هذه الحمأة . فراحت تلتذ مشهد التعذيب المروع العنيف بهذه الخساسة التي لم يرتكس فيها وحش قط .فالوحش يفترس ليقتات لا ليلتذ آلام الفريسة  في لؤم وخسة

وهو الحادث ذاته الذي ارتفعت فيه أرواح المؤمنين ، وارتفعت وانطلقت إلى ذلك الأوج السامي الرفيع الذي تشرف به البشرية في جميع الأجيال والعصور .

إسرائيل تعلن الانتصار :

(في حساب الأرض يبدوا أن الطغيان قد انتصر على الإيمان.إن الإيمان الذي بلغ الذروة العالية في نفوس الفئة الخيرة الثانية المستعلية .. لم يكن له وزن ولا حساب في المعركة التي دارت بين الإيمان والطغيان .

ففي حساب الأرض تبدو هذه الخاتمة أسيفة أليمة

أفهكذا ينتهي الأمر . وتذهب الفئة المؤمنة التي ارتفعت إلى ذروة الإيمان . تعذب مع آلامها الفاجعة في الأخدود . بينما تذهب الفئة الباغية التي ارتكست إلى هذه الحمأة ناجية ؟

إن النصر في أرفع صورة هو انتصار الروح على المادة . وانتصار العقيدة على الألم . وانتصرت على جواذب الأرض والحياة . وانتصرت على الفتنة انتصارا يشرف الجنس البشري كله في جميع الإعصار وهذا هو الانتصار .

إن الناس جميعا  يموتون وتختلف الأسباب :

ولكن الناس جميعا لا ينتصرون هذا الانتصار ولا يرتفعون هذا الارتفاع ولا يتحررون هذا التحرر . ولا ينطلقون هذا الانطلاق إلى هذه الآفاق إنما هو اختيار الله وتكريمه لفئة كريمة من عباده لتشارك الناس في الموت وتنفرد دون الناس في المجد ؛المجد في الملأ الأعلى . وفي دنيا الناس أيضا . إذا نحن وضعنا في الحساب نظرة الأجيال بعد الأجيال.

لقد كان باستطاعة المؤمنين أن ينجوا:

بحياتهم في مقابل الهزيمة لإيمانهم . ولكن كم كانوا يخسرون هم أنفسهم ؟ وكم كانت البشرية كلها ستخسر؟كم كانوا سيخسرون وهم يقتلون هذا المعنى الكبير ؛ معنى زهادة الحياة بلا عقيدة ،وبشاعتها بلا حرية ،وانحطاطها حين يسيطر الطغاة على الأرواح  بعد سيطرتهم على الأجساد؟

إنه معنى كريم جدا هذا الذي ربحوه :

وهم بعد في الأرض . ربحوه وهم يجدون مس النار فتحترق أجسادهم الفانية . هذا المعنى الكريم الذي تزكيه النار.

ثم إن مجال المعركة ليس هو الأرض وحدها :

وليس هو الحياة وحدها . وشهود المعركة ليسوا هم الناس في جيل من الأجيال .لأن الملأ الأعلى يشارك في أحداث الأرض ، ويشهدها ويشهد عليها . ويزنها بميزان غير ميزان الأرض في جيل من أجيالها ، والملأ الأعلى يضم من الأرواح الكريمة أضعاف أضعاف ما تضم الأرض من الناس .  وما من شك في أن ثناء الملأ الأعلى وتكريمه أكبر وأرجح في أي ميزان من رأي اهل الأرض جميعا وتقديرهم على الإطلاق(معالم في الطريق ص173 -176 مقتطفات)

يا أهل غزة يا أخواننا قادة حماس :

عندما كنتم تقرؤون آخر فصل من المعالم. لم يدر بخلدكم أن تكونوا الفصل الجديد التطبيقي منه .ونشهد أننا شهدنا انتصاركم على الأرض .ففي علم الحرب يقاس انتصار المهاجم دائما : هل حقق أهدافه أم لا ولا يقاس بما خلف من قتلى أو جرحى أو أشلاء . لقد شهدنا بأعيننا انحسار إسرائيل هاربة من أرضكم بدباباتها وأسلحتها الثقيلة دون أن تحقق ما أعلنته من إسقاطكم . كما هربت قريش في أحد دون أن تأخذ شبرا من المدينة ،أو تنهي الإسلام فيها .

وما أنتم إلا ثمرة ذلك الجيل الأول ؛ جيل الصحابة والتابعين . لقد أعدتم لنا الجيل الرباني النبوي الفريد . فكنتم المنارة في عصر الهزيمة . ليبدأ بكم الانتصار من جديد.

(( قل جاء الحق..وما يبديء الباطل وما يعيد؟))سورة سبأ 49

ــــــ

*باحث إسلامي سوري

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ