-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
من
تداعيات "ما بعد غزة" عريب
الرنتاوي سيجد
بينيامين نتنياهو حين يعود إلى
الحكم في إسرائيل، شريكين
"نشطين" لتنفيذ مشروعه
الخاص في الضفة الغربية: طوني
بلير، مبعوث الرباعية الدولية،
رئيس الوزراء البريطاني الأكثر
تبعية لواشنطن، أحد أكثر القادة
الأوروبيين حماس لتدمير
العراق، الرجل الذي يتولى ملف
"إنماء الضفة الغربية"،
سيكون ذراعا يمنى قوية لمشروع
"السلام الاقتصادي" الذي
يروّج له نتنياهو منذ زمن...أما
الذراع الأيسر لنتنياهو فسيكون
الجنرال دايتون، الأب الروحي
للأجهزة الأمنية الفلسطينية
الحديثة، والتي صَمَدت على
"قَسَم التنسيق الأمني"
وأطلقت النار على المتظاهرين
الفلسطينيين في رام الله
والخليل، برغم جبروت العدوان
الإسرائيلي على غزة وإجرامه،
هذا الجنرال سيكون راعيا وحارسا
للشق الأمني المتعين على
الفلسطينيين تنفيذه من الفصل
الأول في خريطة الطريق، وهذا
بالضبط ما يريده نتنياهو وما
تفترضه مقاربته الجديدة
لـ"عملية السلام": الأمن
والاقتصاد أولا، أما الدولة
فمرجأة حتى إشعار آخر...الضفة
الغربية أولا، أما قطاع غزة
فاليذهب إلى الجحيم. في
الميدانيين الاقتصادي والأمني،
سيكون نتنياهو على خط واحد مع
واشنطن وموفديها وجنرالاتها،
ومع الرباعية الدولية وممثلها
إلى الشرق الأوسط، أما حين
يتعلق الأمر بالمفاوضات
النهائية والحل النهائي، فإن
لنتنياهو مقاربة ينفرد بها،
قوامها تفادي المفاوضات الجادة
وتأجيل الحل النهائي ما أمكن،
ولا أحسب أن أيا من اللاعبين
المحليين والإقليميين
والدوليين يشاطره مقاربته، بيد
أحدا منهم في المقابل، لن يكون
قادرا على انتزاعها من رأس
نتنياهو أو عن صدارة جدول
أعماله في الوقت ذاته، او فرض
مقاربة أخرى عليه. ستنشغل
الضفة الغربية في ملفي الأمن
(ملف استكمالي) والاقتصاد،
وسينشغل قطاع غزة بملف إعادة
الإعمار وتثبيت التهدئة
والتقاط الأنفاس لعدة سنوات
قادمة على أقل تقدير، ستُبقي
السلطة على سلطتها في الضفة،
وستَبقى حماس اللاعب الرئيس في
غزة، وستكون النتيجة تراجع قوى
الضغط الدافعة هنا وهناك باتجاه
الحل النهائي للأزمة
الفلسطينية في بعديها الداخلي
والاحتلالي، وسيكون ذلك بمثابة
"هدية مجانية" تقدم
لنتنياهو وهو يخطو أولى خطوات
ولايته الحكومية الثانية، إذ
ستكون لديه الكثير من الأعذار
"المقنعة" للتسويف
والمماطلة. برغم
النوايا (طيبة كانت أم خبيثة)
التي تقبع في صدر الرئيس أوباما
أو أركان المجتمع الدولي، وبصرف
النظر عمّا إذا كانوا جادين
فعلا أم غير جادين حيال مسألة
إقامة دولة فلسطينية مستقلة /
قابلة للحياة قبل نهاية العام
الحالي، فإن مما لا شك فيه، أن
وجود نتنياهو واليمين على رأس
الحكم والحكومة في إسرائيل
سيجعل مهمة أوباما وأوروبا
وروسيا وتركيا و"المعتدلون
العرب" صعبة للغاية، حيث
سيكون الانصراف إلى معالجة
ملفات الأمن والاقتصاد
واحتياجات ما بعد الحرب على غزة
بديلا عن التوجه لحل سياسي
جذري، وهي مقاربة وإن كانت
ستأتي أكلها على المدى القريب
أو المباشر، بالنظر لحاجة
الفلسطينيين لالتقاط الأنفاس،
إلا أنها مقاربة قاصرة على
المديين المتوسط والطويل، وقد
جُرّبت من قبل وكان مصيرها
الفشل الذريع، وليس ثمة ما يوحي
بأن تجريبها مرة أخرى سيعطي
نتائج مغايرة. بعد أن
صممت المدافع في غزة، وحين يصار
إلى تثبيت التهدئة، وهذا أمر
ممكن ومرجح، سيعود اللاعبون
الرئيسيون إلى ممارسة هوايتهم
في تقطيع الوقت وشرائه، وستدخل
المنطقة في دوامة من المماطلة
والتسويف، التهدئة والهدنة،
بانتظار انفجار آخر وحرب أخرى،
يصعب من الآن التكهن بأطرافها
وساحاتها و"مبرراتها"
ونتائجها، وسيظل حالنا على هذا
المنوال، طالما ظلت إسرائيل غير
جاهزة لدفع ثمن السلام
واستحقاقاته، وطالما بقينا على
"خيار السلام الاستراتيجي
الوحيد" المجرد من عناصر
القوة والاقتدار، منزوع
الأنياب والمخالب، وطالما بقي
حال الفلسطينيين على حاله من
انفصال في الجغرافيا وانقسام في
السياسة وتوزع على خنادق
متقابلة. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |