-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
"قناعة"
الرئيس عباس الجديدة ؟! عريب
الرنتاوي وصل
الرئيس الفلسطيني محمود عباس
إلى قناعة (جديدة) بأن إسرائيل
لا تريد السلام، و"إنما تريد
إضاعة الوقت والاستفادة من
الوقت لتعزيز الاستيطان وتعميق
الانقسام"، ولقد صدق فيما ذهب
إليه، وأقصد تحديدا الجانب
المتعلق بنوايا إسرائيل وليس
بقناعة الرئيس، فنحن بحاجة إلى
ما هو أكثر من التصريحات لنصدق
بأن الرئيس (المنتهية ولايته)،
قد وصل إلى هذه القناعة قولا
وفعلا، وأن هذه التصريحات ليست
مجرد "ردة فعل" أو تعبير عن
"الغضب والعتب والضيق الناجم
عن تآكل مكانة السلطة وموقع
الرئاسة. وأننا سنرى سلوكا
رئاسيا محكوما بهذه القناعة
الجديدة، فالرئيس ليس "محللا
سياسيا" ولا "خبيرا في
الشؤون الاسرائيلية" تستنطقه
قناة الجزيرة في برنامج "ما
وراء الخبر"، بل هو صاحب
السلطة والولاية، وفي جيبه
الكثير من الأوراق الكفيلة بقلب
الطاولة على رؤوس كثيرين، وكم
كنا نتمنى أن نستمع إلى "الشطر
الثاني" من بيت الشعر الذي
يشرح لنا "معالم الطريق"
ويجيب على سؤال: "ما العمل؟". لا نريد
للرئاسة والسلطة أن تمتشقا
سلاحا ناريا وتخرجا إلى الشوارع
لمطاردة الدوريات الإسرائيلية
التي "تتمختر" على مقربة من
المقاطعة وتستبيح كل زاوية في
الضفة الغربية الهادئة (قسرا
ورغم أنفها)، ولا نريد للرئيس
بعد أن هدأت المدافع نسبيا في
القطاع الجائع والمحاصر، أن
ينسحب من التزاماته الإقليمية
والدولية ولا من استحقاقات
عملية السلام، فهذا ما دعوناه
لفعله في "عز المذبحة" ولم
يفعل، ومن العبث تكرار الدعوة
الآن، فيما المراسم الرئاسية
منشغلة بترتيب اللقاءات مع بلير
وسولانا وميتشيل، كل ما نريده
من الرئيس، أن يخرج قليلا عن
النص المكتوب في مسائل الحوار
والمصالحة والإعمار والمعابر
والتهدئة، وأن لا يبقى على
نغمته المعتادة: حكومة وحدة
وانتخابات مبكرة، فالعالم بعد
غزة، تجاوز هذه الأقانيم، وما
كان صحيحا قبل غزة لم يعد كذلك
بعدها، والأولويات تبدلت
واختلفت، ومن البؤس استمرار
ترديد المواقف ذاتها، وكأن شيئا
لم يكن. على
الرئيس أن يشرع في إعادة بناء
النظام السياسي بمجمله، بدءا
بتطهير بيته الداخلي، وفتح
أبواب المنظمة لرياح التغيير،
وإقالة الحكومة المسؤولة على
الاعتقالات السياسية وتفكيك
العشرات والمئات من المؤسسات
المدنية والمنظمات الأهلية
وإطلاق النار على المتظاهرين،
والشروع في اتخاذ خطوات
وإجراءات كفيلة فعلا ببناء
الثقة ولملمة شتات الصف
المنقسم، وطمأنة مختلف
الأفرقاء حول مائدة حوار وطني،
والأفضل من دون وسيط، أو بسلة من
الوسطاء (على طريقة سلة العملات)
حتى لا يكون الإصرار على
الوساطة المصرية الحصرية،
وسيلة لإضعاف الفريق الآخر
وحشره في الزاوية. على
الرئيس أن يتصرف من موقع ولايته
العامة، كرئيس لكل
الفلسطينيين، وليس "أمينا
عاما" لفصيل أو اتجاه، وأن
يترك أمر السجال والمناكفات مع
الفريق الآخر، لكثرة كاثرة من
المستشارين و"الرداحين" و"الشتامين
الشامتين"، وأن يوفر جهده
ومواقفه لإعادة اللحمة
الفلسطينية على قاعدة الجمع بين
خياري المقاومة والتفاوض،
العمل المقاوم والعمل السياسي،
أما أن نلعن المقاومة يوميا،
ونعلن في الوقت ذاته أن إسرائيل
تريد الاستيطان والعدوان ولا
تريد سلاما ومفاوضات جادة،
فمعنى ذلك أننا نترك شعبنا
مجردا من كل الخيارات وأوراق
القوة التي يمتلكلها. لا يكفي
أن نردد بأننا "أهل المقاومة
وأننا من اخترعها"، فالأهم أن
لا ننهي المقاومة قبل إنجاز
أهدافها ومراميها، وكم من حركات
المقاومة والتحرر انتهت "حرسا
أبيض" أو "ثورة مضادة". نأمل أن
تكون تصريحات الرئيس عباس،
بداية مراجعة جذرية وشاملة
للمسار والمسيرة، مع أننا نخشى
الإفراط في التفاؤل والذهاب
بعيدا في الرهان، فمن لم يستفد
من تجربة "السور الواقي وحصار
عرفات واغتياله"، من لم يتعظم
بهزائمه الانتخابية والعسكرية،
ولم يبدل زلزال غزة ورصاصها
المصهور جملة واحدة في خطابه،
يصعب أن يخوض غمار مراجعة شاملة
للتجربة، والأرجح أن تصريحات
كهذه سيطويها النسيان عند أول
لقاء تفاوضي مع رئيس الحكومة
الإسرائيلية المقبلة، وربما
قبل ذلك. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |