-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
المقاومة
عملية تراكمية سوسن
البرغوتي من
البديهي أن المواجهة التي حدثت
في قطاع غزة بين المقاومة
والجيش الصهيوني، لم تكن لتحرير
أي شبر محتل من فلسطين، كأسدود
أو عسقلان على سبيل المثال، ولم
تكن معركة إستراتيجية فاصلة،
إنما كانت للدفاع عن القطاع،
وصد الاعتداء الهمجي. وكانت
الأهداف الصهيونية المعلنة،
وغير المعلنة، التي بدأت تطفو
على سطح المشهد كثيرة، أما عن
الأهداف من العدوان الظاهرة
للعيان، نأتي على ذكر بعضها: أولاً ـ
إبادة جماعية للشعب الفلسطيني
في القطاع، ليتم بعد ذلك ترحيل
أو تشجيع هجرة الشباب على وجه
الخصوص، إلى دول الجوار العربي،
ودول غربية تقبل باستقبالهم. ولهذا
فإن احتمال تكرار الهجمة
الدموية على الضفة الغربية
المحتلة – لا قدر الله- وارد،
للسبب نفسه، موازاة مع ترحيل
تدريجي لفلسطينيي الداخل
المحتل عام 1948. ثانياً
ـ الاستيلاء على احتياطات
الغاز في القطاع، وتحويله إلى
أشكول، وهذا ما ذكره خالد شمت
بتقريره نقلاً عن صحيفة
ألمانية، تحت عنوان "إسرائيل
تسرق الغاز الفلسطيني"، حيث
أن السلطة الفلسطينية تحصل فقط
على 10% من العائدات، وتحصل
"إسرائيل" على 30%، والـ 60%
الباقية تحصل عليها شركة
بريطانية، ما يعني استبعاد
الشركة البريطانية، لتتمكن
"إسرائيل" من الحصول على 90%
من العائدات مع المخزون، أما
حصة السلطة فهي مقيدة أساساً
بسلطة النقد، المهيمن عليها
"إسرائيليًا" وأزلام السطو
الفلسطيني. ثالثاً
ـ إعادة فتح معبر رفح وفق
اتفاقيات المعابر عام 2005،
بالإصرار على تواجد قوات دولية،
وبمراقبة "إسرائيلية"،
وتواجد سلطة رام الله، شكلياً
لا أكثر، مما يرجح التوجّه كما
صرح القادة "الإسرائيليون"
ضرورة عودة سلطة المحمية
"إسرائيليًا" إلى القطاع. رابعاً
ـ اتفاقية ليفني- رايس الأمنية،
تعمل على تواجد قواعد عسكرية
أمريكية- "إسرائيلية" على
الحدود المصرية- الفلسطينية،
إلا أن أبعاد هذا الاتفاق تكمن
باستكمال تطويق مصر بعد
الانتقاص من سيادتها، بذريعة
حماية الموانئ المصرية من
القرصنة الصومالية، وبراً لمنع
تهريب الأسلحة، والقضاء على
المقاومة، وجواً لمراقبة
المطارات المصرية وتحديد
حركتها. بهذا
يتم تطويق مصر من كل الجهات، عدا
الحدود بينها وبين ليبيا، وليس
مستبعداً وضع قوات دولية على
الحدود بينهما للسبب نفسه، أما
تدخل مجلس الأمن، المهيمن عليه
أمريكيًا، سيسرّع في تنفيذ هذا
المخطط... خامساً
ـ مؤتمرا القمّة في قطر
والكويت، تحملا مسؤولية إعمار
غزة، عوضاً عن "إسرائيل"،
التي من المفترض أن تدفع فاتورة
ما دمره جيشها المفترس للبنى
التحتية في القطاع. ويأتي
مؤتمر شرم الشيخ، للتغطية على
الجرائم "الإسرائيلية"،
سياسيًا، بالإضافة إلى البحث في
موضوع الغاز الفلسطيني، وتوزيع
حصص القرصنة الغربية الأمريكية
"الإسرائيلية" المشتركة. هذا مع
ضرورة التنويه إلى أن المؤتمرين
العربيين، لم يفرضا فتح معبر
رفح، وبقيت الخلافات العربية
العربية على ما هي، والتوصيات
لا تخضع للتنفيذ. بالمقابل
ظهور قيادات أوسلو على شاشات
التلفاز، وعلى الأخص البكّاء
صائب عريقات، باللطم والندب
المصطنع على شهداء غزة، وأقلام
صفراء وسوداء، تبرر الاعتداء
الهمجي، وأن "إسرائيل"
تدافع عن نفسها!، فهل هناك من
يتوقع أن نقابل نحن كشعب عربي
فلسطيني من يرجمنا بكل أنواع
وأصناف الصواريخ والأسلحة
الفتاكة بالورود والرياحين!،
وأن تخفض المقاومة جناح الذل
للمحتل!؟. رغم
أن فصائل المقاومة لم تنقض
التهدئة طيلة ستة شهور مضت، رغم
الحصار والقتل اليومي،
والخروقات "الإسرائيلية"
المتواصلة، ولا أحسب أن
المقاومين جاؤوا من بلاد الماو
ماو!. ولو
استعرضنا المشهد المقابل، وما
حققه أبطال المقاومة من إنجازات
بتوحدهم وتلاحمهم، لوجدنا أن
المقاومة حققت الكثير من
الأمور، منها: أولاً ـ
صد الاعتداء، دون أن ُتدمّر
البنى التحتية للمقاومة
المسلحة. ثانياً
ـ إعادة القضية الفلسطينية إلى
واجهة الأحداث، وارتقائها
لتصبح قضية كونية، بمساندة
الشعب الفلسطيني، وشرعية
الدفاع عن القطاع بالمقاومة. ثالثاً
ـ أن لا قبول بتهدئة مؤقتة، إلا
بفتح المعابر ورفع الحصار،
وتأتي أهمية فتح المعابر لتنفيذ
مشاريع الإعمار من خلال شركات
عربية تحديدًا، لأن المساعدات
النقدية ستسطو عليها سلطة رام
الله بادعاء أن السلطة
"شرعية"، وأن حكومة غزة
ليست شرعية، غير مسموح أن تستلم
المساعدات النقدية، وفق معايير
دولية – عربية، حلفاء الفلك
الأمريكي. رابعاً
ـ فضح سلطة وحكومة الشركاء
المتصهينون، من خلال تواصل
تهجمهم على المقاومة، بأنها
تعمل على فناء الشعوب، أما
اتفاقية أوسلو وأخواتها، فهل
أحيت القضية، واسترجعت حقًا
واحدًاً من حقوق الشعب
الفلسطيني؟، أم أن الكيان
الصهيوني واصل التهام أراضي
الضفة، ويعمل على تهويد القدس؟. آخر تلك
الفضائح، تعنت ما يُطلق عليه
لقب كبير المفاوضين
الفلسطينيين، الذي رفض التصريح
والموافقة على تحقيق المصالحة
على مبدأ برنامج المقاومة،
فالقضية يا سيادة المفاوض
العظيم، ليست إنسانية، إنما
قضية سياسية بحتة، واظهار الحزن
على أهلنا في غزة، لا يعفيك من
المسؤولية. ما يعني
الطلاق البائن بين برنامجين
متناقضين، وأي تصالح يمكن أن
يتحقق بين اللون الأبيض والأسود
غير لون رمادي، يزيد الطين
بلّة، ويدق آخر مسمار في نعش
القضية الفلسطينية، وليس
لإحيائها. لذلك
فإن ما اقترحه الدكتور رمضان
عبد الله شلح، من ضرورة تشكيل
حكومة مقاومة في الضفة والقطاع،
هو الأصح، وإنهاء فصل المفاوضات
على أساس حلول تسووية. فكل
المبادرات لأجل المصالحة أصبحت
في عداد المنتهية صلاحيتها
فعليًا، عدا التصريحات
الإعلامية من الطرفين. خامساً
ـ انهيار سلطة وحكومة رام الله،
فلم يعد لوجودها أي مبرر، إلا
مهمة تصفية القضية الفلسطينية،
وقمع الشعب في الضفة الغربية،
وإفساد الذمم، وانخراط ما يسمى
بالأجهزة الأمنية تحت إمرة
دايتون، الحاكم العسكري الفعلي
في الضفة. سادساً
ـ توحد تنظيمات فلسطينية
ومساندة المقاومة في القطاع،
على أساس إستراتيجية برنامج
المقاومة، وليس خيارًا أبدًا. إلا أن
التصريحات والبيانات لا تجدي،
إلا من خلال اتخاذ مواقف صريحة
ومعلنة، فسياسة "اللعم"
والتأرجح ما زالت حاضرة، بسبب
عضوية تنظيمات بمنظمة التحرير
على وضعها الحالي. سابعاً
ـ اختبار القدرات العسكرية،
فعلى مستوى المقاومين، فقد
أبدوا شجاعة أسطورية، بالرغم من
عدم وجود سلاح مضاد فعّال
للدروع، أو خفيف مضاد للطيران،
، وهدم الكثير من الأنفاق، مع
نقص حاد في تأهيل المستشفيات
لاستقبال الجرحى والمواد
التموينية، نتيجة الحصار
المفروض قرابة العامين،
وانقطاع الكهرباء، وعدم وجود
اتصالات أرضية آمنة، مما أتاح
الفرصة للعدو اغتيال الشهيدين
نزار ريان وسعيد صيام، وغيرهما
من المقاومين والمدنيين عبر
تحديد الأماكن من خلال الاتصال
بالجوالات، بالقصف المحدد أو
العشوائي للمدنيين. ثامناً
ـ الانتقال من مرحلة الحروب
التكتيكية إلى أخرى
إستراتيجية، مما سيأخذ
وقتًا، مع الإصرار على صمود
الأطفال وليس فقط الكبار
والمقاومة في القطاع والبقاء
على الأرض الفلسطينية، فهم
صامدون.. صابرون، مما يقوي إرادة
النضال بالخارج، وليس العكس. الحقيقة
الواضحة تتمثّل بالطفلة التي
تروي مأساتها، فهي أعظم من أي
زعيم سياسي، وتشير بكل صراحة
وعفوية ووضوح بأن الصراع بيننا
وبين الصهاينة القتلة صراع
وجود، كي تبقى الأرض المباركة،
أرض المنشر والمحشر. تاسعاً
ـ ربما تسقط تداعيات الحرب على
غزّة حكومات عربية – على أقل
تقدير- مما يسرع عملية بناء
مقاومة عربية شاملة، وتغيير
السياسات على قاعدة "بلدي
أولاً" بالالتفاف حول
المقاومة، لأنها الدرع الواقي
المواجه لحل الوطن البديل، أو
التوسع الاستعماري الصهيوني
شرق النهر. بالعودة
إلى حسابات الربح والخسارة، فإن
انسحاب الجيش "الإسرائيلي"
من جانب واحد دون شروط محددة،
واحتمالات المواجهة ما زالت
مفتوحة، لم تحقق "اسرائيل"
أي من أهدافها حتى هذه اللحظة،
ولم تسقط حكومة المقاومة في
القطاع، إلا إذا كان الانتصار
يعني قتل المدنيين الأبرياء،
واستخدام أسلحة محرمة
دولياً، واستعراض عضلات آلة
القتل!. ربما
يكون الانتصار الأمريكي-
"الإسرائيلي" من وجهة
نظرهما يكمن بتطويق مصر، وآلية
ذلك تأتي من خلال استدعاء قوات
دولية على وجه السرعة، لتصبح
"إسرائيل" عضوًا في جامعة
الدول العربية، كون لها حدود
مشتركة مع البلاد العربية!. فهل
يستطيع الإستراتيجيون العرب في
دول الاعتدال، بيان النتائج من
سلوكهم المؤيد والداعم لمعسكر
المحتلين، وما خفي أعظم؟!. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |