-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
التكفير
بين السياسة والدين محمود
العمر ابتليت
أمتنا الإسلامية أواخر القرن
الماضي بما سمي يومها بالفكر
التكفيري ,الذي بدأ بتكفير
الحكام ثم تعداه إلى تكفير من
ينتخبونهم ثم إلى من يسكتون
عنهم ثم إلى من لا يخرجون على
أولئك الحكام ثم تعدى ذلك إلى
الحكم بالكفر على كل من يخالف
المكفرين ولو بحالة الطقس . وقد
قامت حركات مسلحة تبنت هذا
الفكر النشاز وحاولت نشره وفرضه
على الناس بالقوة , لكن لم يكتب
لهم النجاح بفضل الله ومنه
وكرمه.. إلى أن تنادى بعض
العقلاء من قادة هؤلاء إلى
مراجعات فكرية وتقويمات حركية
أدت بهم إلى تراجع غالبيتهم عن
هذا الفكر المنحرف , لكن بعد أن
كلف الأمة ما كلفها من هدر
للطاقات والوقت والجهد
والممتلكات , وسفك لدماء بريئة
لا ناقة لها في هذه القضية ولا
جمل , بل راح ضحية هذا العنف
التكفيري ثلة من خيرة أبناء
الأمة من علماء ومفكرين ودعاة .
و لا تزال الساحة العراقية إلى
يومنا هذا تعيش بقايا ويلات
هؤلاء المكفرين الذين يرون
الدنيا من ثقب إبرة . وقد اضطررت
لمناقشة بعضهم في فترة سابقة
ممن كنت أحسب فيه بعض الصلاح
والإنصاف فوجدتهم أولي نفوس
مريضة وشخصيات معقدة , ولديهم حب
في الظهور والشهرة لا يعدله شيء.
وقد اختاروا سبيلا حسبوه مختصرا
للوصول إلى مبتغاهم من السمعة
والشهرة . فبدل أن يسلكوا طريق
العلم والمعرفة
ويتدرجوا في الخبرة والعمل
ويخوضوا معترك الحياة عمدوا إلى
التطاول على العلماء وتكفيرهم
وقذفهم بأقذع النعوت والصفات ,
ظنا منهم بأن هذه الطريقة تسمو
بقاماتهم القصيرة ونهاهم
الضيقة إلى مصاف العلماء
العاملين .. لكن هيهات هيهات فقد
لفظتهم الأمة وانفرط عقدهم
وصاروا و لله الحمد أثرا بعد عين
لا تحس بهم من أحد أو تسمع لهم
ركزا . وفي
الأيام الأخيرة خرج علينا ناس
من قومنا اتبعوا سنة هؤلاء –المكفرين
– فنهجوا نهجهم وساروا على
طريقتهم لكن في التكفير السياسي
هذه المرة . أولئك أمسكوا
بأيديهم ميزان الحق والباطل
وبطاقات الكفر والإيمان
يوزعونها كما أرادوا , وهؤلاء
احتكروا لأنفسهم قسطاس الصواب
والخطأ ,ومعيار الصدق والإخلاص
فمن وافق هواهم فهو على الحق
ووفق الصراط , ومن خالفهم فهو
الخائن والعميل . والصفة
المشتركة بين أرباب التكفير
الإعتقادي وأرباب التكفير
السياسي هو العجز وصغار النفس
مع حسد الناس على ما آتاهم الله
من فضله . لن تجد من هؤلاء من
يبادر إلى خير أو يخطو إلى فضيلة
.. لن تجد منهم من يسعى إلى معروف
أو إصلاح بين الناس .. لن تجد
فيهم من يحب ظروف الحياة
الطبيعية , لأنهم وجدوا ذواتهم
في الظروف الاستثنائية .. لن تجد
منهم من يحب الصفاء والنقاء .. لن
تجد فيهم من يفضل الماء العذب
الزلال , لأنهم ألفوا الصيد في
الماء العكر .. لن تجد فيهم من
يحب الربيع والأزهار , لأنهم
يعشقون الشوك والسحب والغيوم ..
همهم وجل جهدهم النقد والتجريح
وإحراج العاملين .. بضاعتهم الشك
يرمون الطين على الجدار فإما أن
يعلق وإما أن يبقى أثره من
الريبة .. ديدنهم
الغمز واللمز يرون البطولة في
وضع العصي في دواليب من ينشطون ..
أفكارهم محدودة يعتقدون أن
مقارعة الخصم تبدأ بعد الانتهاء
من تحطيم إخوانهم .. فهل من فائدة
من هؤلاء ترجى في مقارعة عدو أو
منازلة خصم .. فضلا عن تغيير نظام
( عفا
الله عنك لم أذنت لهم حتى تعلم
الذين صدقوا وتعلم الكاذبين ،
لا يستئذنك الذين يؤمنون بالله
واليوم الآخر أن يجاهدوا
بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله
والله عليم بالمتقين ، إنما
يستئذنك الذين لا يؤمنون بالله
واليوم الآخر وارتابت قلوبهم
فهم في ريبهم يترددون ، ولو
أرادوا الخروج لأعدوا له عدة
ولكن كره الله انبعاثهم فثبطهم
وقيل اقعدوا مع القاعدين ، لو
خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا
ولأوضعوا خلالكم يبغونكم
الفتنة وفيكم سماعون لهم والله
عليم بالظالمين ) ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |