-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء  03/02/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


الأتراك فخورون باردوغان، ونحن كذلك

رشيد شاهين

عندما تخرج الجماهير التركية لاستقبال السيد رجب طيب اردوغان عند الفجر فإننا نعتقد بان هذا من حقها، كما انه من حق السيد اردوغان عليها، هذه الجماهير التي لم تتأثر بأجواء البرد الشديد السائدة في بلادها إنما أرادت أن تعبر عن مدى شعورها بالفخر والاعتزاز بموقفه المشرف في المنتدى الاقتصادي العالمي وانسحابه برأس شامخة مرفوعة، احتجاجا وغضبا على التحيز الذي أبداه من هو قائم على تنظيم هذا المؤتمر - الذي لا يأتي سوى في عداد المؤتمرات الكثيرة والمتعددة التي لا يتم  اختلاقها وصناعتها إلا من اجل الترويج لدولة الاغتصاب وحتى يصبح وجودها، أي إسرائيل،في المستقبل في كل الدول العربية والإسلامية شأن عادي- واحتجاجا على كل التزوير والكذب وتبرير قتل الأطفال والشيوخ والنساء والكوادر الطبية والصحفيين الذي مارسه رئيس دولة الكيان العبري.

كذلك فإننا عندما نسمع المعارضة التركية تقول بان اردوغان بالغ في اصطفافه إلى جانب الشعب الفلسطيني، وان هذا الوقوف بهذا الشكل لن يكون مفيدا لتركيا لان الجماهير العربية والفلسطينية لن تقف إلى جانبه، أو وفي أحسن الأحوال لن تقف مع تركيا بنفس القوة التي يقف اردوغان بها مساندا للموقف الفلسطيني، في إشارة إلى تخاذل المواقف العربية وهزالها ومن انها كانت دائما مواقف لا تتسم بالقوة وكانت تتسم بالضعف وعدم الثبات وعدم الاستمرارية، وان جماهير العرب وقادتها على أي حال لم تقف بشكل يتسم بالقوة حتى في أحلك الظروف مع قضاياها، وبرعم تفهمنا لهذا الموقف من المعارضة، إلا اننا نعتقد بأن فيه جزء كبير من الحقيقة والصحة لا بل والدقة، وإن أي نظرة مجردة وموضوعية إلى الشارع العربي بشكل عام والفلسطيني بشكل خاص، تؤكد على أن المعارضة التركية لم تجانب الحقيقة بشكل كبير لا بل هي طرقت عين الحقيقة وكبدها.

الموقف الشعبي التركي لم يأت هكذا بشكل عفوي، بل جاء بعد أن قال السيد رجب طيب اردوغان ما قاله خلال الحرب الدموية المجنونة والإجرامية التي شنتها قوات الدولة العبرية مستخدمة كل ما في ترسانتها العسكرية من أسلحة متطورة صممت للقتل والتدمير ضد أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، تلك الأقوال التي اعتقد الكثير من المراقبين على مستوى العالم العربي وفي العالم، وحتى في إسرائيل نفسها، بأنها قد تكون مجرد – طفرة- مؤقتة في الموقف التركي تجاه الدولة المارقة وممارساتها بهذا الشكل الهمجي واللا إنساني الفظيع ضد الأطفال والنساء والشيوخ العزل في القطاع ، لا بل ذهب بعض المحللين الاستراتيجيين في إسرائيل إلى القول بان ما قاله اردوغان في حينه ليس سوى جزء من الدعاية الانتخابية المبكرة التي ستجري في تركيا، وقد كان لافتا ان السيد اردوغان حاول أن يذكر قادة إسرائيل بأنه ينحدر من دولة ذات تاريخ عريق، وان ما تقوم به إسرائيل وقادتها إنما يشكل وصمة عار كبرى في جبينهم وجبين الإنسانية، وإن عليهم إيقاف هذه المجزرة التي ترتكب ضد الأبرياء في قطاع غزة، لأنها لن تجلب لهم الأمن أو السلام، ولن تكون نتيجتها سوى المزيد من الدم والأحقاد.

تركيا لم تتوقف عند ما قاله السيد اردوغان، لا بل يمكن القول بان المظاهرات التي جرت في كل ركن من أركان المدن والبلدات التركية لم يجر مثلها منذ وقت طويل ولم يجر مثلها في أي مكان في العالم ولا حتى في الأراضي الفلسطينية.

بالأمس وخلال مؤتمر دافوس الاقتصادي وقف السيد اردوغان من جديد متصديا ومتحديا محاولا إيقاف رئيس دولة الكيان العبري شمعون بيريس الذي يكذب أكثر مما يتنفس، ووصلت به الصلافة خلال عملية الذبح التي كانت لم تزل مستمرة ضد أطفال ونساء قطاع غزة أن يقول في لقاء له مع الجزيرة، بان قوات الاحتلال الفاشية لم تقتل ولو حتى طفلا فلسطينيا واحدا، وعندما تم عرض صور الأطفال الذين تم قتلهم من قبل جيشه في ذات البرنامج لم يتردد بالقول بان هؤلاء قتلوا عن طريق الخطأ.

اردوغان لم تكن لديه القدرة أو الصبر الذي كان لدى محطة الجزيرة، فهو لم يقو على أن يصمت على استمرار رئيس الكيان العبري في التدليس والكذب وتزوير الحقائق والتاريخ ومحاولة إيجاد المبررات التي يحاول سوقها لقتل كل هذا العدد من الأطفال والنساء والأبرياء، وكل هذا التدمير الممنهج لكل شيء في قطاع غزة، كما لم يستطع اردوغان صبرا على محاولات هذا الكذاب الأشر تحميل الجانب الفلسطيني المسؤولية عما جرى ولا زال، لا بل هو وبخ الذين صفقوا لبيريس بعد أن انتهى من إلقاء خطابه المليء بالكذب والسموم، واعتبر أن هذا ليس سوى نوع من الثناء - حتى لا نقول التشجيع- على ما أقدم عليه جيش الاحتلال الذي يعتبر الرجل احد قادته والذي لا زالت يديه ملطخة بدماء الأطفال الفلسطينيين.

الغضب الذي أظهره السيد اردوغان ضد بيريس لم يظهره أي من المندوبين العرب وعلى رأسهم السيد الأمين العام لجامعة الدول العربية الذي كان يجلس على المنصة ذاتها التي جلس عليها بيريس، وكل ما قام به عمرو موسى هو وقوفه ليصافح أردوغان خلال انسحابه احتجاجا على التحيز الذي أبداه منظموا المؤتمر، كما إننا لم نر حركة احتجاج واحدة من أي من هؤلاء العربان، وبالضرورة لم نر أي رد فعل من السيد بان غي مون الذي كان شاهدا على ما جرى في غزة من خلال آثار العدوان التي شاهدها بأم عينه خلال زيارته القصيرة إلى القطاع، فقط السيد اردوغان الذي تحركت فيه مشاعر الكبرياء والكرامة التي تأبى عليه أن يجلس دون أن يحرك ساكنا أو أن يظل صامتا على كل ما يسمعه من تزوير، وعندما حاول الرد على كل ما أورده الثعلب الهرم المعروف بالكذب لم يسمح له من يدير المؤتمر بذلك علما بان بيريس وبحسب ما ذكر السيد اردوغان تحدث لمدة مضاعفة عما تحدث به اردوغان.

اردوغان الذي حركته كرامته الشخصية والإحساس الإنساني بالتعاطف مع الحق والضحية ليرد على – مهاترات- الرجل العجوز أراد أن يقول له بان كفاك تزويرا للتاريخ، وأن كفى لدولتك المارقة والخارجة على القانون والشرائع الدولية هذا الاستهتار بكل القوانين والقيم والمبادئ الإنسانية، وان ما يحدث ليس سوى مجزرة ترتكب على أيدي جنود جيشك القاتل، وانه لا بد من أن ينهي العالم هذا النفاق تجاه دولة الاغتصاب لان ما جرى لم يكن دفاعا عن النفس كما تحاول إسرائيل الترويج بل كان جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بكل المقاييس.

السيد التركي الذي يعتز بانتمائه يذكرنا بتلك الأيام التي كانت فيه الوفود العربية لا تقبل الجلوس أو الحضور في أي منتدى يكون فيها مندوبا أو ممثلا لإسرائيل، كان ذلك يحدث عندما كانت الأمة لم تزل تتمتع ببقية من نخوة أو شعور بالكرامة والاعتزاز. أما وفي هذه الأيام فان الأمة تتسابق لحضور أي منتدى أو لقاء تدعى إليه إسرائيل، لا بل أصبحت دول الأمة وقادتها يتراكضون متسابقين على حضور تلك المؤتمرات والترويج لها، وصار المواطن العربي يتمنى لو أن قادة من امثال أردوغان وشافيز هم قادته، ترى هل يتعظ قادة الأمة من موقف اردوغان فيتصرفوا على أساس - ولو بالحد الأدنى -من الإحساس بالنخوة والكرامة ؟

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ