-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء  11/02/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


البعد الإيراني .. بين أجندات الأنظمة ومصالح شعوبها!

الطاهر إبراهيم*

أما وقد وضعت الحرب على غزة أوزارها، مؤقتا ولو إلى حين، فإن أموراً كنا سكتنا عنها خلالها ستبرز إلى العلن مرة أخرى وبقوة. من هذا الأمور: فإن المواطن السوري من غير أهل الحكم يجد أن أجندة إيران تخدم بالدرجة الأولى دورها الإقليمي وسياستها على الصعيد الدولي. قد لا نعترض كمواطنين سوريين على سياسة إيران الدولية، لكنا لا نوافق على كثير مما يتعلق بدورها الإقليمي في منطقتنا العربية مما يضر مباشرة بنا، أو بالتداعي.

وبما أن المواطن السوري لا يشارك في حكم سورية إلا فيما ندر، وقد تكفل النظام بالحكم بعد أن أبعد الشعب عن المشاركة، وانعزل هو داخل أسوار قلاعه الأمنية، فإن ما يهمنا من سياسة إيران ليس علاقتها بالنظام السوري فحسب، بل بما يحفر عميقا في نسيج الشعب السوري مثل دور إيران في "تشييع" أهل السنة الذي يجري على قدم وساق في سورية، وهو الأهم.

أهل السنة ليسوا وحدهم من يشعر بخطر ما تقوم به إيران من غزو مذهبي في المدن والقرى السورية. فقد نما لعلمنا تذمر زعماء علويين من هذا الغزو الذي لم تسلم منه مناطقهم. ربما لا يعلم كثيرون أن ماكان بين العلويين والشيعة من خلاف قبل عهد حافظ أسد يفوق ما كان بين السنة والشيعة، لكن التقارب بين النظامين حال دون أن يطفو هذا الخلاف إلى السطح.

التخوّف في المنطقة من سياسة إيرانية توسعية لم يأت من فراغ. فالبعض يستشعر بأنها سياسة إخطبوطية تسخّر إمكانيات اقتصادية ضخمة لخدمة المذهبية فيها. وإن الوقوف في وجه هذه السياسة غير متاح لشعب كل قطر في ظل عدم إدراك الأنظمة لخطورة هذه المذهبية الإيرانية بنفس القدر الذي تخاف منه تلك الأنظمة من سياسة إيران التوسعية. علما أن أي توسع لإيران فَشَلُه محقق إذا ما اعتمد التوسع العسكري فقط، من دون التمهيد له بالتغلغل المذهبي.

وقد شهدنا مصداق المقولة أعلاه عندما فشلت إيران في تحقيق النصرعلى عراق صدام حسين في ثمانينيات القرن العشرين. لكنها سجلت نجاحات بعد احتلال أمريكا للعراق لأنها اعتمدت على ميليشيات عبد العزيز الحكيم الشيعية التي تم عسكرتها في إيران أثناء حكم صدام حسين.

من المثال السابق يمكن إدراك فشل الأسلوب الذي تتبعه الأنظمة العربية في مقاومتها للتوسع الإيراني، لأنها تفضل التحالف مع القوى الدولية على مشاركة شعوبها في مواجهة هذا الخطر ،فحاسة استشعار الخطر المذهبي الإيراني عند الشعوب أشد منها عند الأنظمة. وقد رأينا كيف استشعر الشعب السوري ذلك وقد أحس بالتغلغل الشيعي، بينما النظام كأنه لا يدري.

حكومة البشير في "السودان" سمحت بفتح مكتب ثقافي إيراني، لكنها اضطرت لإغلاقه عندما تبين لها أنه يقوم بتبشير شيعي من خلاله. أقول: لو استطاعت حكوماتنا أن تلغي ما تسعى إليه إيران من تشييع للشعوب، لأصبح خطر إيران علينا –شعوبا وحكومات- يساوي الصفر.

لنضرب مثلا آخرا في فلسطين التي خسر العرب أكثر أراضيها في حرب 1948، ثم خسروا الضفة الغربية وقطاع غزة في هزيمة حزيران عام 1967. فإن ظاهرة التشيع في قطاع غزة والضفة الغربية تساوي الصفر، رغم أن حركة حماس وحركة الجهاد الإسلامي هما المهيمنتان فيهما، وكلاهما وثيق الصلة بحكومة إيران.

ما يهم المواطن العربي هو أن تحترم إيران خصوصية كل قطر، وأن تقلع عن سياسة "تشييع" أهل "السنة" في الأقطار التي غالبية مواطنيها من السنة مثل ما هو حاصل في سورية. بالمقابل فليس في جدول اهتمامات المواطن العربي أن تصطف حكومات عربية مع الحلف الأمريكي الأوروبي الذي يسعى لحرمان إيران من نشاطها النووي لأن ذلك ليس قضيتنا، ويجب رفض الابتزاز الغربي. هذا ما ينبغي أن تتنبه له الأنظمة العربية. قضيتنا أن نقنع إيران بأن تقلع عن محاولة تحويل المواطن المسلم السني إلى المذهب الشيعي فذلك مصلحة للجميع. وإذا أدركت إيران ذلك فسينتفي خطرها على الأقطار العربية حكومات وشعوبا.

ما يتوجب التنبه إليه هو أن لا خطر على القضية الفلسطينية من علاقة حركة حماس بإيران. فليس في منظورٍ قريب توقع قيام دولة فلسطينية كاملة السيادة في الضفة الغربية وقطاع غزة، من خلال مفاوضات سلام. فكل الأحزاب الإسرائيلية لا ترغب بذلك حاضرا. كما أن من يدقق في الأمر جيدا، يجد أن سياسة حماس هو ترسيخ المقاومة في فلسطين وحمايتها من الاقتلاع الإسرائيلي لها، والعمل على النّفَس الطويل لتحرير كامل فلسطين بعيدا عن الأحلاف.

إذا كان هذا هو توجه المقاومة -حماس والجهاد- فليس من ضرر قد يلحق بالدول العربية من  

استعانة حماس بإيران. فالمقاومة تسعى أن تمدها إيران بالسلاح والمال. والمراقب المنصف لا يجد ضررا من هذه العلاقة. بعض الدول العربية المجاورة لفلسطين متوجسة من علاقة حماس بإيران. ربما لو انصتت هذه الدول إلى لسان حال المواطن العربي في فلسطين لسمعته يقول: "لا ترحموننا ولا تتركون رحمة الله تنزل علينا"؟

أخيرا:كنا نتمنى أن يتم تأجيل توزيع الشهادات التقديرية على بعض دول المنطقة التي أظهرت دعمها للمقاومة. لأنه وباستثناء دولة واحدة بعينها ما تزال تبدي تشدداً تجاه أهل غزة، فإن كل الدول التي لم توزع عليها الشهادات لم تبخل سابقا ولن تبخل لاحقا على فلسطين. وإذا كانت بعضها قد وجدت في نفسها من علاقة حماس بإيران، فإن هذا شعور وقتي لا يلبث أن يزول مع الزمن كما تنقشع سريعا سحب الصيف الخفيفة.  

ــــــ

*كاتب سوري

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ