-ـ

ـ

ـ

السبت  14/02/2009

طفلتي .. وأطفال فلسطين

بقلم : محمد مسعد ياقوت *

الحمد لله . إنا لله وإنا إليه راجعون .

بُنَيَّتِي ! الآن نفضتُ يديَّ من تراب قبرك ـ يا فلذة كبدي ـ، بعد دوّامة مرضك الذي حال الحول عليه دون إبلال، وكانت أيامك لا ثالث لها : يوم ٌ يشتد فيه المرض، ويومٌ يخف فيه من وطئته؛ كأن المرض يلتقط أنفاسه لينقضّ عليك من جديد؛ في حَلَبةِ صراعه مع جسمك الغض الضعيف، الذي أنحلته الأيام في حجرات المشافي، وأضنته الليالي بأدواية شبيهة بالسموم، وقد تفحصتك أيادي الأطباء وأيادي الممرضات؛ ولكأنما ينقّبون عن داء جديد بعد داء قديم .

لقد رحمك الله .. رحمك أن أراحك من هذا التعذيب من هذه الوخزات التي تنخر في جسمك المشلول القحل، الذي لم يمش قط على الأرض، رحمك من أيادٍ قاسية، وليالٍ مرعبة، ونقلك على أكف الرحمة إلى أرواح حانية، في جنة عالية، قطوفها دانية . 

***

بُنَيَّتِي ! لستِ أحب إلي من أطفال غزة، وليس مصابي فيك أشد من مصابي في أطفال غزة، بل أرى جرحي فيك أخف من جرحي في بنات يُتمت وأطفال قُتّلتْ هناك في أرض الله المباركة فلسطين .

***

ولستِ ـ يا صغيرتي ـ أكرم من أطفال سُحقن سحقًا، بآلة القتل الصهيونية بمشاركة وتواطىء القريب والبعيد من الخونة والمجرمين . 

هذا الرضيع الذي فُصل رأسه عن جسده بفعل صاروخ صهيوني، وهذا الطفل الذي بُترت أطرافه بفعل النيران الصهوينية، وهذا وهذا، وغيره وغيره ـ لستِ أكرم منهم، وأسأل الله أن يحشرك معهم، وأن يلحقني بك في جنة الخلد .

***

يا بُنية ـ رحمك الله ـ اذكريني بخير عند ربك فقد ربيتك، ومن القرآن الكريم غذيتك..

واذكري ملحمة أبطالها المجاهدون الصامدون .

حدثي عن أرض صلاح الدين، وبزر القسام، وسُقي ياسين ..

حدثي عن كل بطل شجاع بُهْمة، في هذه الأرض الأبية السنية غزة.. عن الكفاح والمجاهدة، والذب والمجالدة..  

***

وشاهت وجوه الأباعد .. وقبح الله ُوجوهًا لئيمة؛ تخاذلت عن الأبرياء، وتمندلت للأعداء.

___________

*داعية وكاتب مصري، عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، المشرف العام على موقع نبي الرحمة، ومستشار لموقع إسلام أون لاين في النطاق الشرعي.  

yakoute@gmail.com

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ