-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
قوى
الشد العكسي وإرهاصات المصالحة
الفلسطينية عريب
الرنتاوي الحوار
الوطني الفلسطيني بدأ بالفعل في
القاهرة، وفقا لما قاله عزام
الأحمد رئيس كتلة فتح في المجلس
التشريعي، حيث تزامنت لقاءات
وفود رفيعة من حركتي فتح وحماس،
وآخرها اجتماعات قريع – أبو
مرزوق، مع قيام مصر بنشر وثيقة
مبادئ للحوار، تختلف في بعض
جوانبها – الجوهرية – عن
الورقة المصرية التي وزعت أواخر
العام الفائت، والتي تميّزت
بالانحياز لصالح فتح على حساب
حماس. كان
بالإمكان توفير الكثير من الجهد
والمعاناة، الدم والدموع
والعرق...كان بالإمكان قطع
الطريق على حرب إسرائيل
المجنونة وتفادي وقوع عشرات
ألوف الضحايا من الشهداء
والجرحى والأسرى والمشردين، لو
أن "الوسيط المصري النزيه"
تصرف بحيادية أعلى ونزاهة أكبر
في جهود المصالحة الفلسطينية،
ولم يتخذ من "وساطته" وسيلة
لتصفية حساب مع حماس، وأداة
لتخويف "الداخل الإخواني
وإحراجه". نقول
ذلك وفي أذهاننا جملة من
الحسابات والاعتبارات
والفرضيات نوجزها فيما يلي: أولا:
لو أن المصالحة الفلسطينية
إنجزت "في حينه" لأمكن
تجديد اتفاق التهدئة، ولأمكن
توفير حلول لمشكلة المعابر –
رفح تحديدا – ولأمكن تشكيل
حكومة وفاق – ترفع الحصار –
ولكان بالإمكان تفادي ما حصل في
الفترة ما بين السابع والعشرين
من كانون الأول الفائت، وحتى
التاسع عشر منه، ونقول "بالإمكان
وليس بالحتم" لأننا نعرف أن
لإسرائيل أجندتها الخاصة بحماس
والقطاع والمقاومة
والفلسطينيين عموما. ثانيا:
نحن لا نتهم مصر ولا نحمّلها
مسؤولية ما حصل وبأثر رجعي،
ولكننا نسوق هذه الملاحظة
متطلعين إلى المستقبل، آملين أن
تنتهي التدخلات الضارة
والرهانات ضيقة الأفق لدول
الاعتدال العربي بانحيازاتها
المعروفة لصالح فريق على حساب
آخر، والتي لا تقل خطورة في كثير
من الأحيان عن تدخلات محور
الممانعة، إن لم تك أشد خطورة
وفاعلية ومضاء. ثالثا:
لأول مرة منذ الانقسام
الفلسطيني، تلوح في الأفق
إرهصات فرصة جدية للمصالحة،
ونقول إرهاصات لأن الطريق إلى
المصالحة طويل ووعر وشائك، وقد
يكون مغلقا في نهايته...والسبب
أن "الوسيط المصري النزيه"
قرر على ما يبدو الانتقال خطوة
إلى منتصف المسافة بين فتح
وحماس، وتقدم بورقة تأخذ بعين
الاعتبار المطالب الأساسية
لكلا الفريقين، ولا تتنكر
لمطالب فريق وتعلي من شأن مطالب
الفريق الآخر. رابعا:
أن للفرصة القائمة للمصالحة
أسبابها الأخرى العميقة منها
على سبيل المثال لا الحصر: (1)
سقوط مخططات إسقاط حماس بالقوة،
والقوة هنا لا تقتصر على
الانقلابات الدحلانية المضمرة،
بل وتشتمل على القوة
الإسرائيلية الغاشمة التي عجزت
آلة حربها عن إسقاط حكم حماس
وتصفية قادتها وأذرعتها
وكتائبها وبناها التحتية،
الأمر الذي أجبر المراهنين على
"خيار القوة" مع حماس
لمراجعة خياراتهم....(2) خروج حماس
من حرب غزة أكثر قوة ونفوذا
وشعبية، مقابل خسارة فتح
والسلطة والمنظمة ورموزها...(3)
إدراك حماس لحاجتها السياسية
للمنظمة والسلطة وفتح، فمن دون
تعاون وتوافق بالحد الأدني،
ستظل مطالب رفع الحصار وفتح
المعابر مجرد صيحات في واد
عميق، والمسألة هنا لا علاقة
لها بالصمود والنصر وأوزان
القوى وموازينها، المسألة
مرتبطة بقرار دولي إقليمي
مستمسك بتيار الاعتدال
الفلسطيني ايا كان حجمه ومهما
بلغ تهافته....(4) نتائج
الانتخابات الإسرائيلية التي
انتهت بفوز "مظفّر" لليمين
الإسرائيلي، الأمر الذي وضع
معسكر الاعتدال الفلسطيني في
زاوية ضيقة زادته حرجا على حرج...(5)
بروز مؤشرات دولية على قرب خروج
حماس من شرنقة الحصار الدولي،
وبداية الانفتاح على الحركة
والقبول بمشاركتها في حكومة
وحدة وطنية. الخلاصة،
أننا أمام انفراجة جديدة في
المشهد الفلسطيني، لم تصل بعد
ضفاف الأمان، وقد لا تكون نهاية
المطاف، ذلك أن احتمالات النكسة
والانتكاس ما زالت قائمة. المطلوب
الآن، أن تتجه جهود مختلف
الأطراف لبناء ثقة المتبادلة،
بدءا بوقف الاعتقالات
والتصفيات، مرورا بالإفراج عن
السجناء والمعتقلين وإعادة فتح
المؤسسات والجمعيات، ثم التوجه
لحوار جاد، ينتهي بحكومة توافق
تنهي الحصار وتفتح المعابر
وتجري الانتخابات التشريعية
والرئاسية بعد سنة من الآن
وتشرع في ملف إعادة الإعمار في
غزة، فهذا الملف دام ونازف ولا
يحتمل التأجيل والمماطلة. مطلوب
توافق فلسطيني على برنامج
وطني جديد يجمع بين التفاوض
والمقاومة، ويضع مرجيعات وشروط
للعمليتين التفاوضية
والمقاومة، ويؤسس لنظام فلسطين
جديد ليس فيه مربعات مغلقة على
أحد أو في وجه أحد، نظام يعيد
بناء السلطة ويحدد "تفوضيها"
ويعيد بناء المرجعية الموحدة
للشعب الفلسطيني على أسس وطنية
وديمقراطية تمثيلية، تتخلص
بنتيجته منظمة التحرير من
المومياءات والعوالق
والطفيليات وقوى الشد العكسي
التي أصابها الذعر في الأيام
الأخيرة حين لاحت في الأفق بواد
مصالحة فلسطينية، فأخذت –
وأكثر رموزها تطرفا ليسوا من
فتح بالمناسبة
- بفتح ملف "جرائم حماس ضد فتح
في غزة" في الوقت الذي كانت
فيه قيادات فتح الأصيلة تلتقي
مع قيادات حماس في القاهرة،
لكأن هؤلاء الذين اختطفوا منظمة
التحرير يريدون اختطاف فتح هذه
المرة، وهم بحربهم الاستباقية
على حوارات القاهرة، يحاولون
وضع الكلام في أفواه قيادات فتح
وقطع الطريق على مهمتهم في
القاهرة. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |