-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
ليبقى
اختلاف العرب رحمة محمد
علي الحسيني* إعتقاد
البعض بأن طرح المسائل و
المفاهيم المتعلقة بالمذاهب
الاسلامية لاتغني عن شئ وانها
تزيد الطين بلة و تساهم في
المزيد من الفرقة و النفور و
الاختلاف بين المسلمين بشکل
عام، هذا الاعتقاد قد يکون له
مايبرره و يمنح أصحابه الحق في
ما يرونه و يتصورونه إذا ما
طالعنا مقاطع معينة من التأريخ
المعاصر و الحديث خصوصا مايتعلق
منها بتلك الهجمات الاستعمارية
بأشکالها العسکرية و السياسية و
الاقتصادية و الفکرية و حتى
الدينية. لقد کانت طرح مسألة
الفرقة و الاختلاف بين أبناء
الاسلام بشکل عام و الامة
العربية بوجه خاص، قضية ملحة
جند لها الاعداء و المتربصون
شرا بها إمکانيات و قدرات ضخمة و
لم يباشروا بهکذا مسألة إعتباطا
او من دون سابق تفکير و تخطيط
مدروس إذ عمدوا الى إرسال بعثات
إستکشافية لغرض إستقصاء الامور
و دراسة الواقع الفکري و
الاجتماعي و الاقتصادي و الديني
للمنطقة العربية الاسلامية وهي
بعثات إفتضح امر العديد منها
وهي في بداية امرها لکن الضعف
السياسي و العسکري و الاقتصادي
للأمة العربية و الاسلامية
حينها لم يکن بالمستوى الذي
يمکنها من التصدي لهکذا مؤامرة
خبيثة و خطيرة وهو ماساعد على
مضيها قدما في مراحلها اللاحقة
لتصبح فيما بعد بالمستوى الذي
يؤهلها لتشکل خطورة على المنطقة
و شعوبها ولاسيما عندما سعت و
تسعى قوى دولية تتضارب مصالحها
مع العرب و المسلمين لفرض أجندة
معينة لها على النظم السياسية
الحاکمة في دول المنطقة. وإذا
ماناقشنا البعض جدلا بأن
الاختلاف قد کان موجودا في
الاساس وانه موجود حتى بين
مذاهب طائفة مسلمة لحالها کما
هو الحال بين مذهب الشيعة
الامامية و المذهب الزيدي مثلا
وکلاهما من الطائفة الشيعية أو
بين المذهب المالکي و الشافعي
وکليهما من الطائفة السنية، کما
ان الاختلاف العرقي أيضا موجود
بين القوميات المختلفة
المتواجدة في المنطقة، واننا
برأي هؤلاء البعض نستخدم نظرية
المؤامرة لتبرير عجزنا و قصورنا
و التستر على عيوب واقعنا و
نلصقها بأعداء خارجيين، لکننا
مع إحترامنا لرأي هؤلاء نرى أن
الاختلاف بالشکل الذي يطرحونه
کان و لا يزال موجودا وهو مشيئة
او امر خارج إرادتنا لکن هذا
الاختلاف هو کما وصفه نبي
الرحمة صلى الله عليه
وسلم:(إختلاف امتي رحمة) أي
بمعنى آخر هو إختلاف إيجابي
يساهم في إذکاء العقول و تربية
النفوس و إرشادها ملمحا ضمنا
الى قدرة و عظمة الباري عزوجل في
کثرة خلقه و اختلاف حالهم و
امورهم و اشکالهم، لکن القوى
الخارجية الطامعة و تلك
الاقليمية المتربصة شرا
بالعروبة، عمدت و تعمد الى منح
هذا الاختلاف طابعا عدائيا يتم
بموجب مفاهيمه الشيطانية
الشريرة السعي لإلغاء الآخر و
التشکيك بکل المفاهيم و المبادئ
و القيم التي يدعو إليها وهنا
تکمن جذور المشکلة، ولو نظرنا
في الواقع العراقي بعد 9 نيسان
2003 و تلك الصراعات الدموية بين
أبناء الوطن و العرق الواحد
لأسباب طائفية و تقصينا عن
المستفيدين الاساسيين من سفك و
إباحة الدماء العربية
الاسلامية بهذه الصورة
المريعة، لما وجدنا أمامنا غير
أعداء الامة و المتربصين بها
شرا، وهنا نطرح تساؤلا مشروعا
وهو لو کان هنالك قدرا مناسبا و
موضوعيا من الوعي و الدراية هل
کان بالامکان تمرير هکذا مؤامرة
قذرة و مشبوهة. الاختلاف
الايجابي الموجود على الساحة
العربية کان بالامکان ان نتصدى
له برحابة صدر و نتفهمه على أنه
جزء من تکويننا و وجودنا وهو امر
واقع حاله حال أي شئ آخر موجود
رغما عنا کالتأريخ المشترك و
رابطة الدم و الموقع الجغرافي
لأوطاننا و ماإليها، کان يجب
علينا أن نشرح أن الاختلاف رحمة
طالما کنا نتقبل الآخر و نحترمه
على أنه جزء مکمل لوجودنا و
إعتبارنا الاساسي ويجب ان نحاول
کل جهدنا من أجل أن لاينقلب هذا
الاختلاف الى نقمة عندما يتخذ
شکلا عدائيا کما يريده أعدائنا
و المتربصين بأمتنا شرا و سوءا و
ان ندرك انه متى رفع عربي شيعي
السلاح بوجه أخيه العربي السني
أو العکس فإنه يخرج من الدائرة
الاسلامية و يلغي عروبته أيضا
إکراما لمصالح و نفوذ الاعداء. نحن
اليوم مطالبون و بقوة للتأکيد
على مسألة الحوار و دراسة نقاط
الالتقاء و السعي لتلافي أو
تجاوز تلك النقاط التي من
الممکن أن يستخدمها اعداء الامة
يوما کمحفز لإثارة نيران الفرقة
بيننا وان لانألوا جهدا في سبيل
التقارب و المزيد من فهم الآخر
وصولا الى الادراك التام بکونه
امرا واقعا ليس بالامکان رفضه
أو إلغاءه و ان أية محاولة بذلك
الاتجاه لن يخدم الامة و امنها
القومي. اننا في
المجلس الاسلامي العربي أسسنا و
نؤسس لهکذا إتجاه و نعمل بکل
مافي إمکاننا من أجله و نطمح بکل
تفاؤل الى غد مشرق نکون في رحابه
کأخوة متکاتفين و متحابين في
السراء و الضراء وعملنا في
الاساس يترکز على توعية أبناء
الامة و إرشادهم لکي يکونوا على
مستوى متقدم من فهم للنقاط
المهمة و الحساسة في واقعهم
ويدرکون کيف و متى و لماذا
يستغلها الاعداء ضدهم.
ــــــــــــ *الأمين
العام للمجلس الإسلامي العربي ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |