-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء  18/02/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


الأخ الكريم زهير سالم

تحية طيبة واحتراماً فائقاً وبعد ؛

أرفق لك طيه مقالا بعنوان " تبين لنا أنه ليس الشخص المطلوب!" لنشره في صحيفتكم الغرَّاء إذا رأيت أنه يصلح للنشر .

ومع خالص شكري لك مقدما ، أرجو قبول أصدق تحياتي ؛

بإخلاص

الدكتور عبد القادر حسين ياسين

===========

عزيزي الدكتور عبد القادر سأتردد في نشر المقال ، ذلك أنني لا أدري أين سأصنفه ، هل هو مقال يقع في خانة الأنشطة المعارضة أو لعلك ولعلي سأكون متهماً معك بالدعاية للنظام... رجل الأمن الذي ودعك قال لك بأن حظك من السماء ، وأنا أضيف عليه من السماء السابعة ، لأن بعض الحالات تتحدث عن بيتوتة ليس في فندق وإنما في الشيراتون إياه لمدة سبع سنوات !! .. التعليق هنا هل يليق هذا ؟!! هل هو مجرد تشابه أسماء ؟؟!! أو لعله سياسة ممنهجة آن لها أن تطوى ولا سيما أن أجهزة الأمن باتت تمتلك ما يكفي عن الأجنة في بطون أمهاتها ..

زهير سالم

=======================

"تبيَّن لنا أنه ليسَ الشخص المطلوب..!"

الدكتور عبد القادر حسين ياسين*

كنت عائدا من موسكو الى دمشق.... بسرعة فرغت من إجراءات الجوازات، وفي لمح البصر تقريبا تم كل شيء. فبطاقة البيانات وُزِّعت علينا في الطائرة ، وتم ملء بياناتها على النحو المطلوب . عبرت بوابة الجوازات الى حيث ينتظر المسافرون حقائبهم . وفجأة ظهر من يسألني عن اسمي ، ويطلب مني بلطف أن أدع حقائبي وأتبعه. وفي لحظة واحدة شديدة الكثافة ، وشديدة الغموض ، وعميقة الدهشة ، تبخرت رحلة آلاف الأميال ، وتلاشت كصورة جميلة رائعة ألقتها ريح عاصفة على ارض صلدة تناثرت أشلاء، وحملتها الريح العاصفة الى بعيد.

 

لم أكن أملك ، أو أقدر،  إلا أن أتبع من دعاني (أو استدعاني) أو قادني (أو اقتادني) , واترك للقارئ الكريم حرية اختيار اللفظ الذي يراه أكثر انطباقا على مثل هذا الحالة. فقد

"مشيناها خطى كتبت علينا ،

ومن كتبت عليه خطى مشاها!"

 

وفي تلك اللحظة لم أكن اهتم كثيرا بوصف الحالة التي كنت عليها ، وكل ما دار في ذهني تعلق بشان من شؤون السياسة التي تطاردنا ونطاردها ونحاول الفرار منها - أو هكذا نظن  - فإذا بها تهب علينا بأعاصيرها من حيث ندري أو لا ندري. وعدت أدراجي الى منطقة الجوازات التي لم أهتم كثيرا ،  وأنا أدخل منها سواء في هذه المرة أو في المرات السابقة ، بالتطلع الى تفاصيلها وجزيئاتها من حجرات أو أكشاك ... فانا  أشعر بنوع من الاختناق داخل صالات المطارات , ولا أتمنى شيئا إلا أن أخرج منها بسرعة . ولذلك لا أتطلع الى ما فيها ولا الى من فيها.

 

أما هذه المرة ، وأنا أتراجع من المنطقة الجمركية الى منطقة الجوازات ، فقد أتيحت لي الفرصة كي اقلب النظر فيما حولي ، خاصة وأنني بقيت في تلك الساحة حوالي نصف ساعة لا اعرف لماذا أنا في هذا المكان ، وكل ما شاهدته مجموعة من ضباط الأمن الداخلين والخارجين ، وكل واحد يتطلع إليَّ من زاويته الخاصة. ولبثت ساعة أو بعض ساعة لا اعرف بالضبط لماذا أنا على هذه الحالة ،  وخلال ذلك توقعت كل شيء من أسوا الاحتمالات الى أقلها شأنا . وحاولت أن أقنع نفسي بأن الأمر أهون من أن يستغرق كل هذا الوقت... وكان من الغريب أن أظل هكذا ... لا اعرف لماذا أنا هنا في هذا المكان ، وفي هذه اللحظة وعلى غير رغبتي ...  وسألت الشخص الذي استدعاني عن الأمر ، فقال لي أن اسمي في "قائمة الأشخاص الممنوعين من دخول البلاد". وأسقط في يدي ، كما يقولون ، لولا أنه أضاف بسرعة : "لكن من الواضح أن الأمر فيه نوع من تشابه الأسماء، وكلها لحظات ونكتشف ذلك"

 

استمرت هذه "اللحظات" ثلاثة أشهر لم يُسمح لي خلالها حتى بالاتصال تلفونيا أو بالخروج من "الفندق" . وذات يوم قارس البرودة من أيام "كوانين" دمشق ،  رافقني ضابط شاب (كان في غايةاللطف والتهذيب) الى شعبة المخابرات ، وطلب الى أحد رجال الشرطة إحضار ملف السيد "عبد القادر حسن الياسين" ،الممنوع من الدخول.

 

ومن المعلومات التي تضمنها الملف تبين له أنني لست الشخص المطلوب. وفي الحال إتصل بأحد كبار المسؤولين وأبلغه أن  "المذكور" (الذي هو أنا)  ليس عبد القادر حسن الياسين (الذي هو هو) , والذي لا اعرف لماذا منع من الدخول سوى أنه عامل، ضبط وهو يحاول تهريب مئة كيلوغراما من الحشيش ، فسُجن وطرد من سوريا ومنع من دخولها. وتبين لي ، بعد فوات الأوان ، أنه كان بالإمكان حلّ هذا الإشكال خلال دقائق ، وأنا في المطار ، ودون حاجة الى كل هذه التعقيدات ولأن أمضي في "ضيافة" الإخوان ثلاثة أشهر.

 

وقلت للضابط الشاب دون أن أفقد أعصابي : " كان بالإمكان التأكد من ذلك في المطار، ودون أن أرهق الميزانية بأعباء استضافتي ثلاثة أشهر  ، خاصة وان "معركة المصير" بحاجة الى كل فلس ."

 

وأكد لي الضابط المهذب بأن الأمر "ليس بهذه السهولة" ، وذكرني بأن "دخول الحمام ليس كالخروج منه" ، وأكد لي أنه يتلقى يوميا من المطار فقط عشرين حالة تشابه أسماء ، بعضها لا يمكن الفصل فيه بسرعة ، ويحتاج الى"تدقيق غير عادي" ، فضلا عن أن إمكانية تزوير الجوازات أمر وارد ...

 

ودون اسقاط مثل هذه الحجج من الاعتبار ، فان المراجعة أمر مطلوب خاصة وان قائمة الممنوعين من الدخول  طويلة . ولفت الضابط الشاب انتباهي الى أن رقمي ، أو على الأصح رقم السيد عبد القادر حسن الياسين ، (الذي ليس انا) هو 370 في حرف "العين" فقط  ، فما بالنا بالحروف والقوائم الاخرى؟ وعلى الرغم من عدم اقتناعي بما قاله الضابط الشاب فقد قلت له بأن جواز سفري والصورة الفوتوغرافية فيه يحويان من الأدلة ما يقطع بأنني لست الشخص المطلوب ... وفي مثل حالتي ، هل كان الأمن في هذا البلد سينقلب رأسا على عقب لو كلف ضابط المخابرات المسؤول نفسه عناء الاتصال بجهة عملي وسؤالهم والتأكد منها مما إذا كنت أعمل لديها أو لا .

 

على أي حال ، قضية السجن خطأ ، أو حتى المعاملة الخطأ ،  قضية مثارة في أوساط كثيرة ، ولكن الجديد في الأمر هو الاتجاه القانوني على المستوى العالمي الى دفع تعويض عن هذا الخطأ. وقد حدث هذا في نيوزيلندة حيث حصل مواطن سويدي على تعويض قدره حوالي 14 مليون كراون سويدي (حوالي مليوني دولار أمريكي) لأنه سُجن خطأ لمدة ثلاثة أعوام بتهمة قتل أحد جيرانه. وبعد مرور ثلاثة أعوام على صدور الحكم تأكدت المحكمة بأن التهمة باطلة ، وأنه بريء . ولكن هل تعادل المليوني دولارا فقدان الحرية ثلاثة أعوام؟

 

بعدما تأكد لهم بأنني "لست الشخص المطلوب"، تكرم الضابط المسؤول بالافراج عني . وعلى المدخل الرئيس لسجن "المزِّة" (الذي يطلق عليه السوريون  تندُّرا  لقب" شيراتون أبو سليمان"(الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد) ، شدَّ الضابط الشاب على يدي مودعا وقال بلهجته الشامية المألوفة :

"لك أخي ، أشكر ربك انك ما مضيت غير 3 أشهر ... في غيرك مضى سنين , انت حظك م السما...!!".

ـــــــــــ

*كاتب وأكاديمي فلسطيني مقيم في السويد .

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ