-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت  21/02/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


احتمالات فوز خاتمي وإمكانية تطبيع

العلاقات الأمريكية الإيرانية

بقلم/علاء مطر

يثير ترشيح محمد خاتمي لرئاسة الجمهورية الإسلامية الإيرانية في الانتخابات المزمع إجرائها في يونيو من هذا العام، تساؤلات عدة حول مدى انعكاس إمكانية فوزه على علاقات بلاده بالولايات المتحدة الأمريكية، سيما في ظل إدارة باراك أوباما وتصريحاته الإيجابية تجاه طهران منذ حملته الانتخابية التي أشار فيها إلى "إنه من المهم جداً العمل على استخدام كل أدوات القوة الأمريكية بما في ذلك العمل الدبلوماسي, في علاقاتنا مع إيران".

وإشارته في خطاب التنصيب على "إذا كانت دول مثل إيران مستعدة لتليين مواقفها فستجد يداً ممدودة من جانبنا". وإعلانه في أول مؤتمر صحافي يعقده منذ انتخابه "أنه يأمل في إجراء مفاوضات مباشرة مع طهران خلال الأشهر المقبلة". هذه الإيحاءات الايجابية من الممكن أن تدفع في تجاه الحوار بين البلدين في حال فوز خاتمي، الرجل الإصلاحي الذي ترأس إيران لدورتين رئاسيتين متتاليتين من 1997-2005، والذي ترك انتخابه أثر إيجابي في أذهان الأمريكيين، حيث ابتدأ رئاسته باختيار الشعب الأمريكي لفتح الحوار معه عبر شبكة "سي.أن.أن" الإخبارية الأمريكية. هذه الرسالة كان لها دلالة كبيرة في ذاك الوقت لعدة اعتبارات: - أنه المسئول الإيراني الأول الذي يعلن صراحة موقف طهران القاضي باحترام اختيار الشعب الأمريكي لإدارته، واعترافه بشرعية هذا الاختيار عندما قال " الإدارة الأمريكية هي الإدارة الأمريكية التي أفرزتها خيارات الشعب الأمريكي، ونحن من جهتنا نحترم هذا الخيار". -يعتبر المسئول الأول في إيران الذي يعلن موقفاً غير سلبي من الإدارة الأمريكية، منذ حادث احتلال السفارة الأمريكية في بداية الثورة الإيرانية واحتجاز الرهائن هناك. - إنها المرة الأولى التي يضع فيها مسئول إيراني كبير قضية الحوار مع الولايات المتحدة الأمريكية في إطار حضاري، يصعب على الأمريكيين تحديده أو تجاوزه بسهولة عندما قال " آمل أن تفضي الحوارات الفكرية التي تقربنا من ظروف السلام والاستقرار أكثر فأكثر" .

جاءت هذه الرسالة في ظل رئاسة بيل كلنتون، التي اتخذت إدارته سياسة متشددة تجاه إيران، سيما مع سياسة الاحتواء المزدوج ضد إيران والعراق. كما تصاعدت الخلافات بين إيران والولايات المتحدة بشأن ملف التسلح الإيراني، والموقف الإيراني الرافض لمفاوضات التسوية السلمية للصراع العربي الإسرائيلي، وكذلك الاتهام الأمريكي الدائم لإيران بأنها ترعى الإرهاب الدولي، حيث زادت العقوبات الأمريكية بشدة في يونيو من عام 1995 بفرض الولايات المتحدة حصاراً اقتصادياً شاملاً ضد إيران، وفي عام 1996 أصدر الكونجرس الأمريكي ما يسمي بـ" قانون داماتو" الذي يفرض حظراً على ضخ الاستثمارات المباشرة من أي دولة إلى إيران، ويجعل الدول التي تقوم بضخ استثمارات تزيد على 40 مليون دولار في العام إلى إيران عرضة لعقوبات أمريكية.

رغم كل هذه الأجواء المشحونة بين البلدين في ذلك الوقت فإن انتخاب خاتمي للرئاسة والرسالة التي وجهها للشعب الأمريكي وتوالي دعوات الحوار من الجانب الإيراني، كان لهم أثر إيجابي على العلاقات بين البلدين، حيث دعا الكونجرس الأمريكي في يونيو 1999 الرئيس كلينتون إلى الموافقة في أسرع وقت على القواعد التي من شأنها السماح ببيع مواد غذائية وأدوية لإيران. كما صدرت إشارات عديدة من واشنطن تجاه طهران توحي بالرغبة في بدء حوار فعال تمهيداً لتطبيع العلاقات، ومن هذه الإشارات، وضع الإدارة الأمريكية منظمة " مجاهدي خلق " الإيرانية المعارضة في قائمة المنظمات الإرهابية في العالم. وقيام الولايات المتحدة بتخفيف الحظر التجاري والاقتصادي المفروض على إيران في سبتمبر عام 1999 وذلك بالسماح لبعض الشركات الأمريكية بتصدير بعض السلع إلى إيران. يضاف إلى ذلك اعتذار كلينتون للشعب الإيراني في أواخر أبريل 1999عما تعرضت له إيران من ظلم السياسات الأمريكية والغربية على مدى نصف قرن، ما يعد تحولاً في السياسة الأمريكية تجاه المنطقة وإسقاط لسياسة الاحتواء المزدوج تجاه العراق وإيران.

استمراً لهذه الأجواء الايجابية أعلنت وزيرة الخارجية مادلين أولبرايت أمام الاجتماع السنوي للمجلس الأمريكي الإيراني في واشنطن، عن عدد من الخطوات والإجراءات الإيجابية نحو إيران لتطبيع العلاقات بين البلدين، وبدء فصل جديد في هذه العلاقات بعد عقدين من انقطاعها تخللتهما مواجهات وتوتر وقالت " إن الولايات المتحدة قررت رفع القيود المفروضة على استيراد السجاد الإيراني والفواكه المجففة والكافيار، وغير ذلك من السلع والمنتجات الغذائية الإيرانية ". وأضافت أولبرايت "أنه في نطاق هذه الإجراءات قررت الولايات المتحدة الأمريكية أيضاً استكشاف الطرق اللازمة لرفع القيود المفروضة على الاتصال بين الطلاب والعلماء الأمريكيين ونظرائهم الإيرانية، وكذلك الاتصالات بين المتخصصين والفنانين والرياضيين والمنظمات غير الحكومية في البلدين". كما أشارت أولبرايت "بأن الولايات المتحدة مستعدة وجاهزة لمضاعفة الجهود الهادفة للتوصل إلى تسوية دولية للقضايا القانونية موضع الخلاف بين البلدين"، وذكرت "أنه تم حل الكثير من الخلافات بعد عودة الرهائن ، وبقي بعضها دون حل وأن الولايات المتحدة مستعدة لمضاعفة الجهود كلها" .

في نفس الاتجاه دعت أولبرايت في خطابها أيضاً إيران إلى كتابة هذا الفصل الجديد، وسردت في خطابها دور إيران في إثراء الحضارة الإنسانية ومكانتها وأهميتها الجغرافية والإستراتيجية، ودورها المستقبلي للحفاظ على المشاركة في تثبيت الأمن والاستقرار في المنطقة، وأشارت إلى أن الحضارة الإيرانية من أقدم الحضارات. واعترفت بأن الولايات المتحدة اتبعت سياسة قصيرة النظر بدعمها للعراق في حربه ضد إيران في الثمانينات وأكد ذلك التجربة مع صدام حسين بعد غزو الكويت. كما اعترفت بأن الولايات المتحدة تتحمل قسطاً من المسئولية عن الأسباب التي أدت إلى قطع وتدهور العلاقات بين البلدين وهذا ما أكده الرئيس كلينتون حين أعتذر لإيران في أبريل 1999.

رغم هذه المؤشرات الدالة على رغبة الدولتين في فتح صفحة جديدة من العلاقات، إلا أن هناك عدة عقبات حالت دون ذلك بل قد زادتها في بعض الحالات سواء وعدوانية. فرغم كل الإشارات الدالة على الحوار كانت هناك إشارة حذرة جوهرها أن كلاً من الدولتين يرغب في أن يرى تغييراً في سياسة الآخر تجاهه، في الوقت الذي بدأ كل منهما مقيداً بأوضاع وتوازنات داخلية، وظل اشتراط اتخاذ خطوات أو سياسات فعلية مستمراً.

وعندما عرضت الإدارة الأمريكية في منتصف يونيو 1998 ما أسمته مصالحة حقيقية تضمنت تكرار الشريط الخاص بالابتعاد عن دعم الإرهاب وعدم نشر أسلحة خطيرة ووقف المعارضة لعملية السلام. ومع تولي بوش الرئاسة، زاد التوتر في العلاقات بين البلدين وذلك في ضوء كثرة الخلافات الأمريكية الإيرانية وتصنيف بوش في 29/1/2002 كل من إيران والعراق وكوريا الشمالية بأنها " محور للشر يسلح نفسه لتهديد سلام العالم". يضاف إلى ذلك الحظر الاقتصادي الأمريكي الشامل والخلافات الإقليمية نتيجة تواجد القوات الأمريكية في الخليج والعراق وأفغانستان وبعض دول آسيا الوسطى إضافة إلى عداء إيران لإسرائيل ودعمها حركات المقاومة، بالإضافة إلى ملف التسلح الإيراني والملف النووي الإيراني الذي بسببه تصعدت العقوبات الدولية ضد طهران.

بعد الاستعراض لأبرز معالم العلاقات الأمريكية الإيرانية فترة تولي خاتمي للرئاسة في إيران، يتضح أنه رغم بعض الأجواء الإيجابية التي وجدت ظلالها فترة حكم كلينتون على وجه الخصوص، إلا أن محاور الخلاف شكلت عقبة كؤود أمام تطور إيجابي حقيقي بين البلدين. وفيما يتعلق بالتصريحات الداعية للحوار من أوباما وإن ستجد لها صدى إيجابي عند خاتمي حال فوزه في الانتخابات إلا أن نقاط الخلاف قد لا يمكن تجاوزها، فالانجازات الإيرانية على صعيد ملفي التسلح والنووي، لن تستطع إيران التخلي عنها رغم الحوافز الدولية التي من الممكن أن تقدم لها، خاصة وإن إيران تباهت دوماً بتقدمها وانجازاتها الذاتية على الصعد كافة رغم كل العقوبات والضغوط الدولية عليها، وهذا ما أكدته منظمة الأمم المتحدة في أحدث تقرير لها أن إيران أحرزت المرتبة الرابعة بين 179 دولة عالمية لسرعتها في التطور خلال الأعوام الثلاثين الماضية.

وعلى صعيد اتهام الولايات المتحدة لها بدعم الإرهاب وحركات المقاومة اللبنانية والفلسطينية فهذا الطرح لن يتلاشى خاصة مع انتخابات الكنيست الـ18 الأخيرة التي أخرجت للسطح أحزاب يمينية متطرفة بنسبة مقاعد تصل إلى 65 مقعداً، حيث ستشهد عملية السلام مزيداً من العقابات وستزيد من فرص تصعيد الصراع مع الفلسطينيين واللبنانيين أيضاً. يضاف إلى ذلك معارضة إيران للوجود الأمريكي في المنطقة لن تتغير النظرة الإيرانية إليه كثيراً حتى مع إمكانية خروج الولايات المتحدة من العراق فإن الاتهامات الأمريكية لإيران في التدخل في الشؤون الداخلية للعراق ستظل قائمة. عليه وإن سيكون لاحتمال فوز خاتمي في انتخابات الرئاسة الإيرانية صدى إيجابي على العلاقات الأمريكية الإيرانية، وقد يتمخض عنه إمكانية حتى لحوار مباشر بين البلدين، إلا أن محاور الخلاف ستظل قائمة في الأمد المنظور على الأقل وستحول دون تطبيع العلاقات بين البلدين.

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ