-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت  28/02/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


دوائر الصراع متداخلة متفاعلة،

كل منها تؤثّر في الأخرى،  وتتأثّر بها!

عبد الله القحطاني

لا نعلم أن ثمّة دائرة واحدة، من دوائر الصراع الإنساني، مغلقة، منفصلة عمّا حولها بشكل تامّ! أياً كان الصراع؛ من حيث: نوعه، وحرارته، وخطورته، والبشر المشاركون فيه، والمشمولون به!

* صراع الفرد، في مجتمعه وبيئته، في البحث عن لقمة عيشه، أو أمنه، أو تحقيق وجوده.. هذا الصراع الفردي، تتقاطع دائرته، بالضرورة، بدوائر أخرى، من دوائر الصراع الإنساني، ذات طابع فردي أو جماعي.. وكل دائرة أخرى، من الدوائر المتقاطعة مع الدائرة الأولى، متقاطعة، كذلك، مع دوائر أخرى متنوّعة!

* الدوائر في ميدان الصراع السياسي، أكثر تقاطعاً من غيرها، بالضرورة! لأنها تمسّ الوطن، كله؛ إذ ليس ثمّة مسعى سياسي، خارجياً كان أم داخلياً، غير مرتبط بالوطن، منبثق منه، دائر في فلكه، متفاعل مع قضاياه.. متقاطع، أو متشابك، مع مساعي أناس آخرين! ومن هنا، كان تقاطع الدوائر وتشابكها، في الميدان السياسي، هو الأعقد، بين سائر التقاطعات، القائمة بين دوائر النشاط الإنساني! فالدائرة الفردية، هنا، متقاطعة مع الدائرة الحزبية، أو القبلية، أو النقابية، أو المذهبية.. أو مع دوائر عدّة من هذه الدوائر! وهذه الدوائر، كلها، متقاطعة فيما بينها، من ناحية.. ومتقاطعة مع دوائر أخرى، من ناحية ثانية.. لتشمل التقاطعات ساحات الوطن كله، والمجتمع كله!

* وبناء على ما تقدّم، يبدو أن الناس الذين يفكّرون في الإطار السياسي، من خلال ما لديهم هم، وحدهم، من قوى ومصالح، ويهندسون أحلامهم، بعيداً عن واقع الساحة التي يعملون فيها، وعمّا فيها من قوى ومصالح، متنافسة متصارعة، متشابكة متداخلة.. يبدو أن هؤلاء السياسيين، يفكّرون في السياسة، بأسلوب أدبي، يغلب فيه الخيال الأدبي المجنّح، على الخيال السياسي، العملي الواقعي، على الأرض، المشحونة بدوائر الصراعات المختلفة!

* كل دائرة من دوائر الصراع السياسي، يختلط فيها، غالباً، الحقّ بالباطل، والخطأ بالصواب، والمزاجي بالعقلاني، والفردي بالجماعي..! وكثيراً ما تحيط الضرورات، بدوائر الصراع؛ فتمسك برقاب العناصر المتشابكة، فيها جميعاً! تمسك برقبتي الحقّ والباطل، ورقبتي الخطأ والصواب، ورقبتي المزاجي والعقلاني، ورقبتي الفردي والجماعي.. وتضغط عليها جميعاً!

* بالنظر إلى ما ورد، آنفاً، يظهر أن الفقه السياسي، هو فقه ضرورات، حكماً؛ إذ ليس فيه اختيار فردي حرّ مطلق، بعيد عن اختيارات الآخرين، المفروضة على ساحة العمل السياسي! فلا يستطيع فرد، أو حزب، أو تجمّع سياسي، على سبيل المثال.. أن ينجِح لنفسه مرشّحاً واحداً، لمجلس نوّاب، أو لرئاسة دولة.. دون خوض صراعات مريرة مع الآخرين، الذين يرشّحون أشخاصاً آخرين، للمناصب المذكورة!

* في المجتمع، أيّ مجتمع، عناصر كثيرة: بشرية، واقتصادية، وعلمية، وثقافية، وغيرها! وفي هذه العناصر، من المفارقات والموافقات، والمتماثلات والمتضادّات.. ما يعجز اللبّ عن حصره! وهذه العناصر تتفاعل فيما بينها، عبر شبكات من القوى، بأنواعها.. والمصالح، بأشكالها.. لتفرض على كل عنصر بشري، فرداً كان أم جماعة، نوعاً من التفكير الفريد، القابل للتعايش مع الآخرين، والقادر على ذلك.. لتصل إرادته وفكره، مع إرادات الآخرين وأفكارهم.. إلى نقاط تقاطع معيّنة، تحدّدها القوى والمصالح، والأوزان والأحجام، والضرورات الضاغطة.. ونحو ذلك! فحساب كل جهة سياسية، لمصلحتها، عبر قوّتها وحدها، أو إرادتها وحدها.. هو نوع من العبث الصبياني، أو التحليق الطفولي الساذج، في عوالم الأحلام الوردية، التي تتحوّل إلى كوابيس، بعد أن يُسحق هذا النوع من التفكير، مع أصحابه، على أرض الواقع الخشنة القاسية!

* استناداً إلى ما تقدّم، يستطيع المحلّلون السياسيون البارعون، أن يتكهّنوا بأفعال الساسة العقلاء، وردود أفعالهم، في مواقف معيّنة، لأنهم يفترضون أن الساسة العقلاء، عامّة، إنّما يحسبون قراراتهم وأفعالهم، وردود أفعالهم، ومواقفهم.. من خلال الواقع، ومن خلال معادلاته المعقّدة، التي هي ساحات العمل الأساسية، بالضرورة.. لعقول الساسة العقلاء جميعاً! أمّا الساسة الحمقى، فيوصفون في التحليل السياسي، بأوصاف معيّنة، أكثرها تهذيباً، هو الوصف المتداول، بأنهم: يصعب التكهّن بردود أفعالهم! لأن أفعالهم، وردود أفعاهم، ومواقفهم.. نابعة من أمزجتهم ومشاعرهم، لا من عقولهم، المحكومة بحسابات الواقع وتفاعلاته، ومعادلات القوى والمصالح، المتشابكة فيه!

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ