-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
محاكم
وتقارير أي كلام!!! نضال
نعيسة "قتل
امرئ في غابة جريمة لا تغتفر،
وقتل شعب آمن مسألة فيها نظر".
إبراهيم طوقان؟؟ "إن
وفاة فرد من الأفراد يعتبر
مأساة، أما موت مليون من البشر
فمجرد مسألة إحصائيات". جوزيف
ستالين ورحم
الله، أيضاً، أمثالنا الشعبية
التي تكتنز، وتعكس تجارب وخبرات
شعوب هذه المنطقة على مر عهود
وأجيال، ولم تترك سلوكاً ولا
ظاهرة اجتماعية إلا حللتها
واختزلتها بكلمات قليلة تغني عن
قراءة مجلدات من السفسطة
والطلسمة والكلام الفارغ
الهراء. إنها خلاصات جامعة لكل
تلك المعارف السوسيولوجية
المتراكمة التي تمزج الحكمة
بالفلسفة والتأمل، والتبصر
البعيد والعلم اليقين بكنه
وأعماق النفس البشرية وطواياها
المخبوءة، الخبيثة منها
والطيبة، على حد سواء. ويحضرني
اليوم، مع همروجة هذه الحرتقات
"القانونية" الدولية
البأساء للبحث عن حقيقة هنا
وهناك، وتحقيق للعدالة في غير
مكان، ما يردده الخطاب الجمعي
الشعبي الموروث بمثل بليغ حين
يقول، وبما معناه: " أن لا أحد
يعلم بانحراف الغني ، ولا بموت
الفقير". وطبعاً لا يحتاج هذا
القول البليغ المختزل والمبسط
إلى كثير جهد لفهمه واكتشاف ذاك
الكم من المرارة والسخرية
والغنى المعرفي بالحياة. فمع
همروجات المحاكم الدولية
"المأجورة"، والمدفوعة
الثمن، التي تزأر بها بعض
"البواجيق" هنا وهناك، لا
بد من استحضار هذا المثل، فهو
ربما خير ما يعبر ويعكس حال
العدالة الدولية العوراء، التي
"تطنش" عن فناء وموت
الملايين من الفقراء،
والبسطاء، الذين لا يعبأ أحد
بموتهم، ولا بمعاناتهم، ولا
يلتفت لعذاباتهم، بينما تزمجر
نفس الماكينات المأجورة، مسبقة
الدفع، وتهدر وترعد، وترغي
وتزبد، لموت
أحد الأغنياء، والحزن عليه،
وإقامة مراسم الحداد، واللطم
والندب، والإيحاء، لجمهور
الغلابة والدراويش من عباد
الله، بأن مجرد إقامة تلك
الطقوس القضائية، هو انتصار
للإنسانية، وللوطنية، وللعدالة
الدولية.( كانت بعض المحطات
اللبنانية، وهي بالمناسبة، ويا
عيني عليها، ذاتها التي تهمها
العدالة، وتبحث عن الحقيقة في
سراويل جورج بوش، تبث أفلام
غرامية ساخنة، وأخرى لجيمس بوند
في ذات الوقت الذي كان فيه
الفوسفور الأبيض، واليورانيوم
المنضب الـ
Depleted
Uranium يتهاطل تهطالاً، وكوابل مطر
على رؤوس أطفال غزة). وفي نفس
السياق، وممارسة لذات الانحراف
الإعلامي، والأخلاقي ربما، فإن
قناة رصينة ومحترمة، كهيئة
الإذاعة البريطانية، رفضت، وفي
أوج العدوان البربري الهمجي
الصهيوني على غزة، نشر بيان
استغاثة ونداء لمساعدة أهلها من
على أثيرها، بينما تقيم ذات
المؤسسة "الرصينة"
والمحترمة عشرات الندوات
والبرامج الحوارية والنقاشات
المتلفزة، لموت مافيوزي، ومراب
مصاص الدماء، أو تاجر السلاح،
أو نفوق إحدى العاهرات هنا أو
هناك. كما تتذرع الكثير من محطات
التلفزيون ووسائل الإعلام
الأوروبية والأمريكية، ما
غيرها، صاحبة بدع حقوق الإنسان،
بالامتناع عن بث الصور المروعة
والفظيعة لجرائم النازية
الصهيونية في غزة وجنوب لبنان،
بحجة التزامها معايير الشرف
والمهنية الإعلامية، وتحاشياً
لـ"خدش" مشاعر، وأحاسيس
المتلقي الأوروبي و"يا
حرام"، بصور أطفال فقراء
الذين مزّقت أحشائهم وأدمغتهم
أسلحة برابرة العصر الأغنياء.
والبي بي سي، ومن على
شاكلتها من المحطات، هنا، تذهب
أبعد من ذلك حين
تتبنى وجهة نظر "الغني"
الذي يسوق السلاح، ويمتلك وسائل
نشر المعلومات والمسيطر على
الإعلام ووسائل الإنتاج، ويفعل
ما يحلو ويطيب له من عهر وانحراف
وخدش للحياء العام، ولكن من دون
أن يتجرأ أحد على الاقتراب منه،
وتترجم بشكل حرفي، وربما عن جهل
وقلة معرفة، كلمات مثلنا الشعبي
الذي ذكرناه أعلاه. وأما
الفقراء الذين يئنون وتتمزق
أجسادهم وينخر عظامهم الفوسفور
الأبيض، واليورانيوم المنضب،
فهم المحقوقون والملامون لأنهم
أتوا في مرمى النيران، ولذلك،
وعقوبة لهم، لن يسمع أحد
بأنينهم وصراخهم على الإطلاق،
وهم، من أصله، يخدشون مشاعر
الأغنياء. فالمحاكمات
الحقيقة، إن كان هناك ثمة ميل
ورغبة أكيدة لتحقيق أي قدر ضئيل
من العدالة الدولية، ينبغي أن
تطال تلك الرؤوس الكبيرة من
مجرمي الحرب الكبار، الذين
يمارسون الإرهاب المنظم،
والقتل الممنهج، والعنف
المؤدلج والاستهداف المبرمج.
أولئك الذين أشعلوا فتائل
الحروب الضارية والشرسة وأججوا
العداوات وألهبوا خيالات
مجرمين آخرين لارتكاب المجازر
والإبادات الجماعية ومدّوهم
بالأسلحة الفتاكة في ظل
ازدواجيات أخلاقية، ومعايير
دونية، وعدالة دولية عوراء،
تمسك بتلابيب الصغار، وتلاحق
الضعفاء، وتطلق أيادي السفاحين
والقتلة الكبار. والأنكى من
هذا، وذاك، أن نفس أولئك
المجرمين والقتلة الكبار
وأنظمتهم، ما فتئوا يوزعون
شهادات حسن السلوك واحترام حقوق
الإنسان على هذا البلد أو ذاك.
(صدر تقرير الخارجية الأمريكية،
مؤخراً. وكالعادة استثنى الدول
التي تمارس، فعلاً، إرهاب
الدولة المنظم وترعاه. لقد أصبح
– التقرير- مجالاً للتندر
والسخرية والتهكم والاحتجاج
على انعدام المعايير
الأخلاقية، وافتقاره لأية
مصداقية، وعلى المفارقات
المبهمة والغريبة لعالم القطب
الواحد. غير أن هذا التقرير، في
واقع الأمر، لن يكسب أية
مصداقية، على الإطلاق، ما لم
تكن أمريكا، نفسها، صاحبة
التقرير، ومفبركته، والمجموعة
الغربية المتواطئة معها، على
رأس قائمة الدول التي تنتهك
حقوق الإنسان في العالم وترعى
وتمارس القتل وإرهاب الدولة
المنظم، وحماية مجرمي وسفاحي
العصر الكبار). من
يتجرأ في غمرة هذا التبخيس
والتمسيخ والتزييف والتبذيل
والتشبيح الإعلامي، على فتح
ملفات ما زالت تنز نازفة دماء
عشرات آلاف الفقراء، في العراق،
وغزة، وجنوب لبنان، والمجازر
التي ارتكبت، وترتكب، يومياً،
في أفغانستان ؟ ومن يقدر أن يجلب
أولئك "الأغنياء" الكبار
إلى لاهاي ونراهم في
"البوكس" وأقفاص الاتهام،
حيث مكانهم الحقيقي، لا فوق
عروشهم المخملية الوثيرة
الخاوية التي تدعي الدفاع عن،
وحماية حقوق الإنسان؟ وعندها،
فقط يمكن تظخر الحقائق عارية،
وتتحقق العدالات، وتكون
التقارير صحيحة، وذات مصداقية،
وفيها "وجهة نظر"، من حيث
المبدأ والأساس، وما دون ذلك،
فستبقى، كلها، مجرد هراء بهراء،
وكلام بكلام، وأي كلام!!! ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |