-ـ

ـ

ـ

الخميس  05/03/2009

العواصف الاقتصادية تهدد أوروبا بانزلاق خطير

هشام عوكل - بلجيكا

تتعرض الوحدة الأوروبية حالياً إلى خطر ماحق جراء رياح الحمائية الاقتصادية ورهاب الأجانب اللذان يجتاحان أوروبا، ويهددان بتقويض الأسس التي بُني عليها المشروع الأوروبي. ويجتمع وزراء مالية الدول السبع الكبار (جي 7) في روما حالياً للنأي عن ردود الفعل العفوية المسبقة على العواصف الاقتصادية الراهنة بقليل من الإجابات على التحديات الكبيرة التي تجابه العالم.

طفحت إلى السطح توترات حول سلسلة من الاحتجاجات العمالية والإجراءات الحمائية في العديد من الدول الأوروبية هذا الأسبوع عندما كشف الرئيس الفرنسي نيكولاي ساركوزي عن عملية إنقاذ بمليارات اليورو لصناعة السيارات الفرنسية والإعلان عن فكرة إغلاق المصانع الفرنسية في الخارج وإعادة توطينها في فرنسا. وهددت سلوفاكيا، التي توجد بها مصانع للسيارات الفرنسية، في رد على الخطوة الفرنسية، بإجراءات مضادة، في الوقت الذي تقوم فيه باريس بالدفاع بقوة عن قرارها، الأمر الذي يعيد إلى الأذهان أصداء ما جرى أوائل الثلاثينات عندما بدأت أسوأ فترة من فترات الانعزالية الاقتصادية.

يحذّر رئيس المفوضية الأوروبية خوسيه مانويل باروسو من "مأساة أوروبية" إذا انحنت الحكومات للضغوط وتصرفت "مثل الراقصين المنفردين" بدلاً من البقاء داخل صفوف القافلة الأوروبية. يقول السيد باروسو: "علينا أن نقاوم هذه الإغراءات السلبية، التي تدعونا إلى الانكفاء في كهف الوطنية والسياسات الحمائية في مجال التجارة والتشكيك في قوانيننا الأساسية. علينا أن نقرر سياساتنا بشكل جماعي وبروح أوروبية حقيقة". وأضاف بأن الخطر عظيم إلى الحد الذي يحثنا على دعوة القادة الأوروبيين إلى قمة طارئة في بروكسل للتداول حول القضية في الأول من مارس.

هذا التوجه الانعزالي يثير القلق بشكل خاص لأنه يحدث على أرض الاتحاد الأوروبي، الذي استبدل الحدود الاقتصادية والتجارية وسط أعضائه ال 27 بسوق واحدة، وأصبح بذلك رائد التجارة الحرة على النطاق العالمي. وتقول صوفيا إنت فيلد (ديمقراطيي 66) النائبة الهولندية باللجنة الاقتصادية في البرلمان الأوروبي: "ربما تكون الحمائية هي رد الفعل الطبيعي، لكنها رد فعل خاطئ لأنها تضعف أوروبا وتضعف اقتصاداتنا. لقد منحتنا التجارة الحرة الكثير من الثراء وقد حان الوقت لنقول ذلك لمواطنينا".

رغم أن المفوضية الأوروبية لديها سلطة الاعتراض على الخطط الفرنسية وغير الفرنسية للإنقاذ إذا تعارضت مع قوانين السوق الواحدة، إلا أن هناك قلقاً أعمق جراء تمدد الحمائية الذي يشبه أثر الدومينو باجتياحها جميع أنحاء العالم، إذ بدأ هذا النزوع، كما أشار السيد باروسو، بشعار ‘أشترو ما هو أمريكي‘ الذي أطلقه باراك أوباما. وقال "كنا ننظر إلى الولايات المتحدة، لكننا ظللنا نسمع نفس الأصوات تتردد في جميع أنحاء العالم. هذا خطر عظيم".

يجيء الهجوم على المبدأ الذي يقوم عليه الاتحاد الأوروبي ليس فقط من قبل الحكومات، بل من الاتحادات النقابية أيضاً، والتي ألقت باللوم فيما يتصل بتهديد الوظائف وفرص العمل، على قوانين الاتحاد حول حرية التنقل لقوة العمل، خاصة في مصافي النفط في إنجلترا. تقول السيدة صوفيا: "الكوكتيل المتفجر الخائف من التدهور والهجرة جرى من قبل في التاريخ الأوروبي وأنا لا أحبه. لا أقول إن موقفنا يتطابق مع ما سبق في التاريخ، لكن على قادتنا أن يتحملوا مسئوليتهم".

لدى القادة الأوروبيين الآن خمس مناسبات خلال الأشهر الثلاثة المقبلة للاجتماع ومحاولة وضع إستراتيجية لمواجهة الركود، بينها قمة لدول (جي 20) في لندن وقمتان إضافيتان للاتحاد الأوروبي أُضيفت للأجندة بواسطة الرئاسة التشيكية للاتحاد. لكن، ورغم النجاح النسبي للقمم المماثلة الخريف الماضي برئاسة السيد ساركوزي خلال الأزمة المالية، يبدو أن الحماس لاتخاذ خطوة جماعية، قد تقهقر. فقد صرخ وزير المالية الهولندية فاوتر بوس محركاً عينيه ذات اليمين وذات الشمال: "أليس من نهاية لهذه القمم!، لقد اخترنا عمداً ألا يجتمع بيروقراطيو بروكسل ليقولوا لكل ما هي الكيفية التي يحل بها الأزمة، ليس من فائدة في ذلك، لذلك لن نتبع ما يقولون".

في هذه الأثناء، يبدو السيد ساركوزي منهمكاً في تقويض جهود التشيك وربما يثبت أنه شريك غير متعاون. قال السيد جين- بول غوازيس، نائب البرلمان من حزب ساركوزي: "الهدف من خطة سياراتنا هو الحصول على رد مخطط له، قصير الأجل، على وضع غاية في الخطورة. وكان يجب علينا أن نفعل ما فعلناه لأنه لا يوجد تنسيق كاف وصحيح بين الدول الأعضاء بالاتحاد. فإذا كانت أوروبا لا تفعل شيئاً، يجب علينا التحرك لإنقاذ نفسنا".

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ