-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت  07/03/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


"العروبة المنفتحة" و"الإسلام المنغلق"

عريب الرنتاوي

يعيد مثقفو معسكر الاعتدال العربي، انتاج مقولة "العروبة"، فيلحقون بها وصف "المنفتحة" تمييزا لها – على ما يبدو – عن عروبة "منغلقة"، قمعية أو فاشية الطراز، وهي عروبة توزعت عليها أحزاب وحركات "التيار القومي" الذي ملأ الأرض والفضاء طيلة نصف قرن مضى، وما زالت بعض أحزابه تجلس على رأس هرم السلطة في بعض الدول العربية، وفي قاعدة هذا الهرم في بعضها الآخر.

 

لا اعتراض لدينا على إتْباع "العروبة بأوصاف" من هذا النوع، ونفضل أن يقال مثلا: عروبة ديمقراطية، عروبة إنسانية، عروبة تعددية، عروبة تعترف الآخر، وعروبة تحترم الحقوق الفردية والجماعية للعرب وغير العرب من اقليات تعيش معهم وبين ظهرانيهم، لكن مع ذلك، لا نعتقد أن "دعاة العروبة المفنتحة" يقصدون ما نقصد، أو أن هواجسهم هي من صنف هواجسنا، إنهم يريدون عروبة مكرّسة لمواجهة "التحدي الإيراني"، إنهم يريدون عروبة تضع إيران، وليس إسرائيل في صدارة قائمة الأعداء ومصادر التهديد، وفقا لمألوف الخطاب العروبي وكلاسيكيات الفكر القومي العربي، إنهم ببساطة، يعمقون فكريا ما درج بعض وزراء خارجية الاعتدال العربي، على إثارته سياسيا، خصوصا في الآونة الأخيرة.

 

والحقيقة أن لا اعتراض لدينا أيضا، على إدراج إيران في لائحة مصادر التهديد للأمن القومي العربي، ولا نريد للتضامن العربي أن يبنى على قاعدة التواطؤ مع استهدافات إيران في الإقليم، بيد أننا لا نفهم كيف يمكن للعروبة أن تكون متصالحة إلى هذا الحد مع إسرائيل، وكيف يمكن لدعاتها أن يتواضعوا على تأخير الخطر الإسرائيلي وتقديم الخطر الإيراني، خصوصا بعد الرصاص الإسرائيلي المصبوب على رؤوس أطفال غزة ونسائها، وبعد نتائج الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة.

 

كما أننا لا نفهم كيف يمكن لعروبة أن تكون منفحتة وأن تكون مذهبية في الوقت ذاته، فالعروبة في طبعتها الجديدة، المزيدة وغير المنقحة، هي في الغالب الأعم، عروبة سنيّة المذهب، بل ومصممة في مواجهة "التمدد الشيعي والتغلغل الإيراني"، وهي عروبة متحالفة مع مدارس الإسلام السياسي في طبعتها السلفية المناهضة للشيعة (الروافض) برغم عداء هذه المدارس الشديد والمتأصل للعروبة وفكرها الوضعي العلماني (الوضيع) ؟!.

 

مأزق تيار "العروبة المنفتحة" يشبه إلى حد كبير، ومن جوانب عدة، مأزق الإصلاحيين العرب، من ليبراليين وديمقراطيين وبقايا اليسار بتنويعاته المختلفة، وهو المأزق الذي يتجلى في ابتعاد هذه التيارات جميعها عن خنادق النضال ضد الاحتلال، وافتقادها للروح الكفاحية، بل وانتهاجها خطا ذيليا تبعيا للغرب، واستتباعا لإسرائيل وحكومات الاعتدال العربي، الأمر الذي جعل منها تيارات نخبوية ومعزولة عن الشرائح الأوسع من الجماهير العربية، لا ميادين كفاحية لها، خارج نطاق فنادق الخمسة نجوم.

 

مأزق هذا التيار، أنه ومهما فعل وقال وبرر، سيبقى تيارا أقلويا، وهو سيظل كذلك، طالما أن الرأي العربي يرى أن إسرائيل وليس إيران، هي العدو وهي الخطر وهي التهديد الأبرز لأمنه ووجوده وحقوقه ومستقبله..وطالما أن هذا التيار قبل بتقسيم غريب للعمل مع الحركات الإسلامية، قائم على ترك مقاومة الاحتلال لهذه الحركة، والاكتفاء بالنضال المخملي في ميدان الحقوق المدنية والحريات العامة، وبالقدر الذي لا يعرضه لأي خسارة أو أي تضحية من أي نوع.

 

لهذا السبب بالذات، سيظل تيار "الإسلامي السياسي" البديل الأكثر رواجا وتأثيرا وتغلغلا في أوساط الشارع العربي، سيظل التيار الأكثر شعبية أو "شعبوية" لا فرق.

 

بدل "العروبة المنفحتة" سيكون "الإسلام المنغلق" هو البديل الطافي على سطح الحياة السياسية العربية، وبدل أن تكون العروبة المنفتحة، ومن خلفها مختلف تيارات الحداثة والإصلاح هي "الطريق الثالث" للخروج من ثنائية الحكومات الوطنية والمعارضات الإسلامية، ستظل هذه التيارات وحتى إشعار آخر، ملحقا بهذا القطب أو ذاك، تاركة وراءها مجتمعاتنا لمزيد من التوتر والاستقطاب.

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ