-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
ننشر
هذا المقال ونقول للسيد الكاتب
نحن أكيدون أن دم المرحوم
الحريري قد لحق بدم الكثيرين من
الأبرياء ، وطقوس المحكمة ليست
أكثر من احتفالات كرنفالية ..
ومن يعش ير .. مركز
الشرق العربي محكمة
الحريري: عدالة القوة لا قوة
العدالة دياب
أبو جهجه* انطلقت
يوم الأحد الماضي أعمال المحكمة
الدولية الخاصة التي ستنظر
باغتيال رئيس الوزراء اللبناني
الأسبق رفيق الحريري وكذلك
بالاغتيالات السياسية التي
تبعته خلال الفترة الممتدة منذ
2005. من دون
الخوض بتفاصيل نشأتها والاطار
السياسي لذلك والتوظيفات
الداخلية لها لا بد لنا من أن
نتوقف للتفكير بالمدلولات
الأعمق والأبعد لهذا الحدث. و أول
ما يلفت النظر هو كونها محكمة
ذات طابع دولي أنشأت من أجل
اغتيال شخصية سياسية.
فالاغتيالات الني تلت اغتيال
الحريري لم تكن وراء القرار
بانشاء المحكمة على الاطلاق
وانما اضيفت تلك الملفات تباعا
الى صلاحياتها. اذا فان مجلس
الأمن الدولي الذي أنشأ المحكمة
بقرار منه أعتبر بأن اغتيال
شخصية سياسية أهم من مئات
المجازر التي شهدها تاريخ
العالم الحديث ولم تنشأ من
أجلها لا محاكم ولا فتحت لها حتى
تحقيقات دولية. هذا هو
نفس مجلس الأمن الذي رفض حتى أن
يرسل لجنة تقصي حقائق الى جنين
عام 2001 لا يكتفي بخلق لجنة تحقيق
دولية لاغتيال الحريري بل ينشئ
محكمة ذات طابع دولي له. هل يحق
لنا أن نسأل لماذا أم يجب علينا
أن نقبل ذلك ببساطة لكي لا يقال
أننا ضد المحكمة وهو الأمر
الموازي للكفر والزندقة في
لبنان اليوم؟ أنا كمواطن في هذه
الدولة اللبنانية منزعج جدا من
هذا الأمر، ليس لأنني لا أريد أن
يعاقب من اغتال الحريري أو لا
أريد أن نصل الى الحقيقة بل على
العكس، لأنني أريد أن يعاقب كل
مرتكب للجرائم ضد السياسيين وضد
المواطنين العاديين وليس فقط
قتلة الحريري. أين
المحكمة لقتلة رشيد كرامي؟ أولم
يكن الرجل ايضا رئيسا لوزراء
لبنان تم اغتياله عبر زرع
متفجرة بطوافة عسكرية لبنانية
أودت بحياته. وأين المحكمة التي
تنظر باغتيال معروف سعد؟ أو أن
من يغتاله حلفاء الغرب وأزلامهم
ومن تقتله أجهزة الاستخبارات
الموالية للغرب دمه حلال؟ قد يقول
قائل بأن الظروف كانت مختلفة
محليا ودوليا وأننا اليوم في
مرحلة العدالة والحق والقانون
وما سبق طوي مع الماضي الأليم
للحرب الأهلية اللبنانية
وملفاتها الشائكة وخاصة لشمول
قانون العفو اللبناني كل تلك
الجرائم. جيد جدا ولكن هنالك
جرائم لا تسقط مع الزمن ولا يمكن
لأي قانون عفو أن يضعها في خانة
النسيان والافلات من العقاب وهي
الجرائم ضد الانسانية . وفي
لبنان مثال صارخ لجريمة ضد
الانسانية هي مجزرة صبرا
وشاتيلا. عام 2001
رفع عدد من الضحايا دعوى قضائية
ضد أرييل شارون في بلجيكا وكان
لي شرف ترؤس اللجنة التي أطلقت
القضية . أنا
أذكر جيدا مدى حماستي في ذلك
الوقت للقانون الدولي ومدى
ايماني بفصل السلطات ونزاهة
القضاة والمشرعين. وأذكر أنني
تناقشت خلال لقاء مع الأستاذ
محمد حسنين هيكل الذي قال لي
بالحرف الواحد : '
استفيدوا من القضية سياسيا
لأنهم مش هيسمحوا انو اسرائيل
تدان ' وأشعر بالخجل اليوم من
سذاجتي حينها ومن ادعائي عندما
أجبته بأن عليه أن يثق أكثر
بنزاهة القضاء وبأن ما يقوله هو
' نظرية مؤامرة'. ولكن وفي بيروت
وخلال لقاء مع شخصية سياسية
كبيرة جدا لاطلاعه على مسار
الملف سمعت نفس الكلام : ' هيدي
القضية مفيدة اعلاميا لفضح
اسرائيل وأنا بأكدلك انو قريبا
رح يغيروا القانون' سمعت هذه
الكلمات مع أحكام مسبقة أقل لأن
صاحبها من النوع الذي عادة لا
يقول الا ما يعتقده يقينا وهو
ممن يثق بهم العدو قبل الصديق.
بعد مشوار طويل من المعاناة
القضائية والعملية فوجئنا بأن
بلجيكا خضعت للضغوط الصهيونية
والامريكية وغيرت قانونها
لتجعل من المستحيل ملاحقة
المجرمين أمام محاكمها. يومها
فقدت ايماني مع الكثيرين
بالقانون الدولي وبالمحاكم
سواء كانت محلية أو ذات طابع
دولي. ان
القانون في داخل أي بلد يعكس فكر
جماعة أو مدرسة أو طبقة مهيمنة
ويخضع لموازين القوى الداخلية
ويعبر عنها في نصه وفي روحيته
وفي تطبيقه. وكذلك القانون
الدولي لا يشذ عن القاعدة، فهو
وان نشأ من خلال المعاهدات
والأعراف الا أنه في تفسيره
وتطبيقه خاضع لموازين القوى
الدولية. وببساطة فأن القوي لا
يحاكم بل يحاكم الضعيف.
والمنتصر لا يحاكم بل يحاكم
المهزوم. والغني لا يحاكم بل
يحاكم الفقير. و
بالتالي فان العدالة لا تقدم
الا لمصلحة هذه الفئات المهيمنة
ولا تكون الا خدمة لهيمنتها وهي
بالتالي تفقد صفتها كعدالة
وتتحول الى جزء من الظلم المعمم.
ان عدالة مجتزأة هي ظلم لأنها
خلفية تظهر لنا مدى الافلات من
العقاب في كل الحالات الأخرى. صحيح أن
استشهاد الرئيس الحريري هو
مأساة لعائلته وأنصاره ومحبيه.
وهو ظلم وعدوان ولا بد من
الاقتصاص من القتلة والمجرمين.
ونحن لا يسعنا الا أن نتمنى أن
تكشف هذه المحكمة الحقيقة
وتظهرها بينة كما هي. الا أنني
وفي نفس الوقت لا أستطيع الا أن
أربط تحقق هذا الحلم في قضية
انسان وفرد واحد بتبدد حلم سعاد
سرور المرعي وغيرها من ضحايا
صبرا وشاتيلا لأن نفس الناس
الذين حققوا حلم عائلة الحريري
بالعدالة من خلال الضغط لانشاء
هذه المحكمة هم من بدد حلم سعاد
التي فقدت القسم الأكبر من
عائلتها في المجزرة واغتصبت
واطلقت عليها النار وتركت لتموت
بين جثث أهلها لكن كتب لها أن
تعيش لتحمل اعاقة مستديمة وضررا
نفسيا لا يشفى ولا تزال رصاصة
مستقرة في عمودها الفقري وهي لا
تمثل الا قليلا من ألمها الذي
يستقر في ذاكرتها أبدا. هل
يستطيع أحد أن ينكر أن أسباب
تحقق حلم الحريري ودوافع
الأميركان والفرنسيين لتحقيقه
هي نفس الدوافع التي من أجلها
أفشلوا ملف صبرا وشاتيلا، نفسها
تماما؟ أم أن هنالك فعلا من يؤمن
بأن العالم تغير فعلا وبأننا
قريبا سنشهد محاكمة الصهاينة
على جرائمهم بحق العرب
والفلسطينيين وبأن ضباط الجيش
الصهيوني الذين ذبحوا أطفال غزة
سيساقون الى محكمة دولية ؟
ناهيك عن جرائم بوش في العراق أو
جرائم النظام الفرنسي في
الجزائر وكلها جرائم ضد
الانسانية لا تسقط بالتقادم. كل
طفل في بلادنا يعرف الجواب
بالفطرة ولو استصعبه البعض. لا تزال
دموع سعاد وكلماتها تسكن مخيلتي
يوم جئت لأخبرها بأن القضية
سقطتت لأن الأميركان يريدون
حماية شارون : ' عدالة؟ في عدالة
بهالعالم للمساكين؟ عدالتهم بس
للقوي .. نحن عدالتنا بتجيبها
المقاومة '. و من له
أذنان فليسمع....... ـــــــ *كاتب
من لبنان ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |