-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
الشارع
العربي كما نراه *السيد
محمد علي الحسيني ليس
بالإمكان التغافل أو التغاضي عن
الدور السلبي الذي أداه و يؤديه
الشارع العربي في مواجهة
المواقف و الاحداث المهمة و
الحساسة سيما المصيرية منها،
كما ليس بالإمكان أيضا أن
نتجاهل الانتقادات الكثيرة
الموجهة لهذا الشارع والتي
تبالغ البعض منها في حدتها و
قسوتها بالصورة التي تضع اللوم
كله على عاتق الشارع العربي
لأنه منقاد للسياق العام و ليس
في وسعه أن يختط لنفسه أي سياق
خاص يفرضه على أرض الواقع، أما
البعض الآخر فيرسم صورة أخرى
مختلفة بعض الشيء عن السياق
الآنف عندما يتهم الشارع العربي
بالجهل و التخلف و التواكلية و
الخنوع و التقاعس ويرى أن الداء
و المصيبة كلها تكمن في ذلك
ويورد نماذج و أمثلة من التأريخ
و التراث العربي لكي يؤكد صواب
رأيه. وهناك أيضا ثمة من يقول أن
هذا الشارع مغلوب على أمره لأنه
يفتقد حاكما صالحا و عالما(أو
مثقفا)رشيدا كي يساهما بشكل أو
آخر في قيادته و هدايته الى طريق
الرشد و الصواب، وهناك ثلة أخرى
تذهب الى أن الشارع العربي هو
مارد يراقب كل الذي يجري عن كثب
و قد ينتفض في أية لحظة
ليقلب كل الموازين و
الحسابات رأسا على عقب و يحدد
معادلات و حسابات جديدة تكون
قلبا و قالبا في خدمة الامة
العربية و أهدافها البعيدة
المدى. ونحن
لسنا هنا لتخطأة أو تصويب هذا
الرأي أو ذاك، رغم اننا نتفهم
مجمل الخط العام للآراء
المطروحة آنفا و ندرك أنها
إنعكاس و تجسيد للواقع العربي
بشكل عام و الذي للأسف نكاد أن
نجده لا يبشر بالخير الكافي،
إلا أننا مع كل ذلك نجد أنفسنا
ملزمين للتمسك بأهمية و حساسية
دور و موقف الشارع العربي في
تحديد و رسم مسار و سياق الاحداث
و المستجدات بشكلها و صيغتها
النهائية و نجزم بأنه لو تم ضمان
أن يقوم هذا الشارع بدوره
المطلوب منه فإن الامور ستتغير
حتما بصورة ستفاجئ حتما الاعداء
و المتربصين شرا بالعرب. ان اساس
الدور و الموقف السلبي للشارع
العربي لايكمن في الاساس الفكري
ـ الاجتماعي(أو العامل الديني)مثلما
يصر عليه البعض من الاخوة
الكتاب و المثقفين، كما أنه لا
يتعلق أيضا بالنظام الرسمي
العربي لوحده أو نظرية(المؤامرة)بحسبما
يذهب إليه العديد من أصحاب
الاقلام و الرأي، وليس يرتبط
أساس هذا الدور و الموقف السلبي
بمعضلة النظام السياسي العربي و
الدور السلبي للأجهزة الامنية و
الاستخبارية في التصدي للشارع
العربي و منعه من أن يؤدي الدور
التأريخي المناط به، بل أن اساس
المشكلة تتجلى في قضية ضمان
إستقلالية الشارع العربي و
ضرورة منحه المساحة الكافية
للتحرك على أرضية قوامها
المصالح العليا للأمة العربية و
كيفية ضمان الامن القومي العربي.
الشارع العربي، يجب أن لايكون
بمثابة قطيع متى شاء الحاكم
يقاد حيثما شاء و أراد، وإنما
يجب أن يكون مراقبا و حكما و
فيصلا للأمور التي تتخذ شكل
الازمة بين القادة و الزعماء
العرب و الاطراف الاخرى، ومثلما
نجد أن للشارع الشعبي في غالبية
بلدان العالم دورا مميزا في رسم
و تحديد سياق و إتجاه مسار أهم
الاحداث و أكثرها مصيرية، فإن
المطلوب من الشارع العربي هو أن
يقوم بدور لايقل أبدا عن دور
الشارع الشعبي في غالبية بلدان
العالم وان المهم و الحيوي في
الامر، هو أن تكون هنالك منظمات
و تنظيمات جماهيرية ـ شعبية
متغلغلة في أعماق المجتمعات
العربية وتلعب دورا مميزا في
توعية و إرشاد الشارع الشعبي
لما فيه خير و صالح الامة على أن
تكون هنالك قواسم مشترك عظمى
تجمعها على خط مصيري واحد و يكون
الخط الاحمر الوحيد لديها مصالح
الامة و أمنها القومي. واننا
نرى ضرورة أن لاتلعب هذه
المنظمات و التنظيمات
الجماهيرية دورا سلبيا فيما
يتعلق بالنظام السياسي ـ
الاقتصادي ـ الاجتماعي ـ الفكري
العربي و أن لا تدخل في غشاوة و
وهم العدو الداخلي المتجسد في
الانظمة العربية نفسها كما أراد
و يريد أعداء الامة وبذلك تنصرف
عن العدو الحقيقي الذي هو أساسا
خارجي لكن هذا ليس بمعنى أننا
نختلق المعاذير و الحجج للأنظمة
العربية بل لأننا نجد أن هنالك
العديد من القوى و الاوساط
الاقليمية و الدولية التي تجد
لها مصلحة كبيرة في تهميش دور
الشارع العربي و الانفراد
بالانظمة العربية الرسمية
تمهيدا لفرض مواقف و أجندة
محددة عليها، ومن هنا، فإننا
نرى في المجلس الاسلامي العربي
في لبنان ضرورة أن تعمل
المنظمات و
التنظيمات الجماهيرية بالشكل
الذي يكون مكملا و موازيا
للنظام العربي الرسمي وليس
مناقضا أو مضادا أو مخالفا له،
وبهكذا فهم و رؤية حريصة و
ملتزمة يمكن رسم ملامح شارع
عربي ملتزم بإمكانه أن يفرض
موقفه و رؤيته على العالم. ــــــــــ *الامين
العام للمجلس الاسلامي العربي
في لبنان. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |