-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
شعار
لا يصحّ إلا الصحيح: ماذا يعني!؟ صحيح
مَن!؟ وأيّ صحيح!؟ عبد
الله القحطاني * إنه
شعار غامض، فضفاض، كثيرٌ
ترداده، قليلٌ إدراكه بتفصيلات
دقيقة، أو مضمونات محدّدة! *
يردّده العالم والجاهل،
والحصيف والأحمق، والبرّ
والفاجر، والمؤمن والملحد! * لكل
امرئ صحيحه، الذي في نفسه، أو في
عقله.. يسعى إلى تحقيقه، ويلهث
في محاولة دائبة، لفرضه على
الآخرين! *
السياسي الحاكم، يردّد الشعار،
حين يرى معارضين له، يسعون إلى
تغييره، أو تغيير سياساته..
ويتّهمهم بالجهل، أو بالغباء،
أو بالعمالة للأجنبي.. مردّداً
الشعار، مصراً على أن حكمه هو
الصحيح، وأن كل من يعارضه مخطئ،
بل خاطئ! وأن الصواب لديه، هو،
وحده.. ولن يصحّ صواب سواه! أيْ :
لن يثبت ويستقرّ ويستمرّ، سواه..
والأيّام كفيلة بإثبات ذلك،
فلينتظر المنتظرون، ليروا صحّة
هذا الكلام! *
والسياسي المعارض، يردّد
الشعار نفسه، مؤكّداً أن ما
لديه، هو الصحيح، ولا صحيح سواه..
وأن الأيام ستثبت ذلك! *
والإداري البليد، أو المتردّد،
أو الأرعن.. يردّد الشعار نفسه،
في كل مناسبة يرى نفسه، فيها، في
موقف يثير العجب، أو الدهشة، أو
الحيرة، أو الرثاء.. مؤكّداً أنه
على صواب، فيما يفعل.. وأن
الأمور بخواتيمها، وفي الأخير
لا يصحّ إلاّ الصحيحّ! *
والمفكّر، الذي يحمل أساليب في
النظر والتحليل، انقضى عهدها..
وينظر إلى بعض الحركات
السياسية، المخالفة لفكره،
تنمو من حوله، وتنتشر، في
الساحات كلها.. يهزّ رأسه،
ويردّد بثقة: أخيراً، لا يصحّ
إلاّ الصحيح! *
والأديب الضعيف، أو العاجز،
الذي تعلّم كتابة بعض الأسطر،
بصورة صحيحة، أو نصف صحيحة.. يرى
إحجام الناشرين عن نشر إنتاجه،
أو نصح الناصحين له بالتريّث،
وبتجويد إنتاجه.. ويردّد بثقة:
أخيراً لا يصحّ إلاّ الصحيح! *
والفنّان الفاشل، والتاجر
المفلس، والأحمق الذي يستثير
عداوات الناس، فيقاطعونه، أو
يهاجمونه، فيتّهمهم بالتجنّي
عليه.. كل منهم يردّد: أخيراً، لا
يصحّ إلاّ الصحيح! * ويظلّ
الشعار البائس، اليتيم، كرة
حائرة على ألسنة الخلق،
تتقاذفها الشفاه، دون أن يقرّ
لها قرار، ودون أن يستطيع أحد،
تحديد مفهوم عامّ مشترك، لها!
ويظلّ شأن الشعار، شأنَ ليلى،
التي قال عنها الشاعر: كلّ يغنّي على ليلاه، متّخذاً
ليلى مِن الريم، أو
ليلى مِن البشَر! ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |