-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
حسن
هويدي بقلم
خالص جلبي إذا
أردت أن ترى رجلا يصلي فتأمل حسن
هويدي.. كان
الهويدي رجلا مميزا عظيما
مجاهدا تقيا نورانيا صوفيا
واعيا جرئيا سياسيا قياديا
هادئا بقوة مفاوضا لينا بحكمة
عليه رحمة الله ولا
نزكي على الله أحدا.. ومثله
أذكر صديقي عبد الحليم أبو شقة،
الذي دلف مع زوجتي ليلى سعيد إلى
دار الأبدية. ومن
هؤلاء الخاشعين في صلواتهم ذكر
أخي الفاضل عبد الحميد أبو
سليمان ونوري إبراهيم عبدو
صديقي من القامشلي، الذي امتحن
فلبث في السجن بضع سنين، ونجا من
سرطان الكولون بأعجوبة؟؟ وهي
خلاف كل ما يعرفه الطب.. فعلى من
يريد أن يصلي تأمل خشوعهم حتى
يعرف كيف يؤدي الصلاة.. وهنا
أدركت معنى قد أفلح المؤمنون
الذين هم في صلاتهم خاشعون.. وعجبت
من أولئك الذين يؤدون الصلاة
طقوسا ميتة بدون خشوع وإنما
حركات.. وكنت قد
كتبت فيما سبق عن أستاذ
الرياضيات أمين شاكر الذكي
الموهوب التقي النقي المجاهد،
الذي جاءه الأجل في غير بلده،
وما تدري نفس بأي أرض تموت، كما
ماتت زوجتي وملهمتي في أرض
البعد والبرد في كندا، كذلك
صنوه وقرينه ورفيق جهاده
الدكتور حسن هويدي فأتذكر ذلك
المجاهد الذكي ذو الوجه
النوراني والقلب الشجاع
واللسان الفصيح والثقافة
الواسعة والهدوء والطمأنينة
والخشوع في الصلاة.. لقد
قرأت كتابه الوجود الحق فتعلمت
منه عمق الفلسفة، وزرته في دير
الزور فقرأت الطمأنينة العجيبة
في عينيه ومسلكه، وهنا عرفت
لماذا يعتنق الغربيون الإسلام،
لأنهم يرون بشرا من نوع مختلف.. وهكذا
كان أمين شاكر وكذلك رفيق دربه
وجهاده الدكتور حسن هويدي.. الأول
برع في الرياضيات فأخرج جيلا
كاملا من الطلبة النجباء،
والثاني طبب الناس مرتين في
أبدانهم وعقولهم.. ولكن
أهم ما فيه هو ذلك الهدوء العجيب
الذي تقرأه في وجه المؤمنين
فزادهم إيمانا، وأنزل السكينة
في قلوبهم، وشجاعته في وجه
الطاغوت منقطعة النظير دفع
ثمنها سجنا وحبسا، وكانوا رواد
جيل كامل فبهداهم اقتده.. وإذا
أردت الخشوع في الصلاة فتأمل
صلاة هذا الرجل الرباني.. لقد مر
علي في حياتي أناس لا ينسون : أمين
المصري في حديثه عن الصحابة.. حنان
اللحام جدة أحفاد ومفسرة
للقرآن، وسعدية سعيد من يحي
الجدل العقلي. وإدريس
المهدي المغربي من أحفير وجدة
الفعال النشيط المخلص الوثاب
عمر عبيد حسنة فكر
وأستاذية... أديب
الصالح قرآن وتفسير وأبوة
وخطابة.. وأحمد
كنعان صاحب التآليف العديدة
الممزوجة بخلق التواضع.. وصديقي
توفيق دراق الرائع الذي دفع
حياته ثمنا للعنف في تدمر وهو
الحمصي الودود الذي جاء بأرفع
الشهادات من كندا... وجودت
سعيد فكر محلق ومجدد للفكر
الديني ومولد لكهرباء الفكر..
وعصام العطار الذي تقرأ
الحياة في عينيه مع تقدم سنه.. وعبد
الحميد أبو سليمان في وقاره
وخشوعه وفكره النير.. .. وهم
كوكبة من أساتذة أجلاء لانهاية
لهم .. كلهم
أساتذتي أدين بهم بالفضل
والعرفان والاستفادة والتنوير.. يبقى
هناك أناس من أروع من اجتمعت بهم
في حياتي مثل الفيلسوف البليهي،
ذو الوجه النوراني والعقل
المتوقد والثقافة بعمق المحيط،
والذي يجمع بين سمو الروح وبعد
الهمة وحدة الوعي والنظافة
الأخلاقية والمالية، والرجل
كان في منصب حساس؛ فرفض حتى منحة
الدولة له بأرض، قال: هي حلال
ولكن في منصبي هذا حرام؟؟ هكذا
نقل لي، وهو ليس جديدا على
أخلاقياته المفرطة الحساسية.. وأخي
الوفي الدكتور معاذ الحفار ذو
النبل والكرم والعطاء بدون
حدود. والدكتور
زهير السباعي ذو العقل الرياضي
والمنطق المنظم والأخوة
والوفاء .. وآخرون
من مثلهم أزواج لا يضمهم كتاب
ويحصيهم عد في كل الأرض .. الله يا
ربي إن أعظم كنوز الإنسان في
الدنيا هذه هي الثروات
المعنوية.. والأخلاء يومئذ
بعضهم لبعض عدو إلا المتقين.. وأخيرا
ارتاح المجاهد حسن هويدي فتداعى
إلى التراب للقاء رب الأرض
والسماء. مات غريبا مهاجرا في
عمان بتاريخ 13 مارس 2009م الموافق
16 ربيع الأول 1430هـ. ومن
يخرج من بيته مهاجراً إلى الله
ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع
أجره على الله.. يا حسن
هويدي أنت اليوم في موعد مع
الحقيقة واليقين، ولقد كانت
حياتك كلها لله وإلى الله
الرجعى، وأن ليس للإنسان إلا ما
سعى وأن سعيه سوف يرى، ثم يجزاه
الجزاء الأوفى، وأن إلى ربك
المنتهى، وأنه هو أضحك وأبكى،
وأنه هو أمات وأحيا وأنه خلق
الزوجين الذكر والأنثى من نطفة
إذا تمنى، وأن عليه النشأة
الأخرى. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |