-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء  24/03/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


فقه التغيير – 11

ومن مظاهر الأنانية ( الإقليمية )

د. خالد الأحمد

الأنانية هي حب الذات ، والشعور بالتميز عن الآخرين ، وهي سلوك بشري مريض ، تدل على تخلف في النمو النفسي لدى بعض الأفراد ، ومن مظاهر الأنانية الفردية وعدم تقبل الروح الجماعية ، كما تحدثت سابقاً ، ومن مظاهر الأنانية أيضاً الإقليمية وهي الشعور بتميز فئة من البشر تنتمي إلى منطقة جغرافية واحدة ، والشعور بأن هذه الفئة أفضل من الآخرين ، وللإقليمية معارك ضارية مع روح العمل الجماعي ، وتماسك المجتمع ....

 

هل الإقليمية موجودة لدى أبناء الحركة الإسلامية ؟

توجد الإقليمية لدى الناس العاديين بشكل سافر ، فمن القليوبية في مصر إلى تكريت في العراق ، والتل في الجزائر والقرداحة في سوريا وغير ذلك ....

كما تجدها ضمن المحافظة الواحدة بين الريف والمدينة ، فأهل المدينة يشعرون بالتميز عن أبناء الريف ، ويتكتلون ضدهم، وأهل الريف يشعرون بتميزهم عن أهل المدن ويتكتلون ضدهم، واستفاد حافظ الأسد من الظاهرة الأخيرة كثيراً، وسخر أبناء الريف لمآربه ومصالح أسرته وزمرته ، ثم عاد وسخر كبار التجار الدمشقيين لمصالحه ومصالح زمرته ....

  بل تجد  الإقليمية ضمن المدينة الواحدة ، ففي دمشق أبو رمانة والمهاجرين متميزة عن الميدان والشاغور ، وفي القاهرة لا تتساوى المنيل مع بولاق وفي حماة الحاضر يختلف عن السوق ، وهكذا ...

الإقليمية أنانية متمددة :

نجد أن الشعور بالتميز عن الآخرين منتشر بأسماء متعددة ، الأنانية ، الفردية ، والإقليمية ، وغيرها ... وهذا الشعور ينبع من الأنانية، ويضخمها عندما يجمع فئة من الناس على مواصفاتها، وسبق في التاريخ أن ادعى الألمان النازيون أن الدم الذي يجري في عروقهم يختلف عن دماء الآخرين، كما سبق لأمريكا أن منعت السود و(الكلاب ) من دخول مطاعم مخصصة للبيض فقط ... وسبقتهم قريش عندما كانوا يقفون في عرفات في زمن مخصص لهم يختلف عن سائر العرب قبل الإسلام، والأمثلة على ذلك كثيرة ...   

ولكن ألا ينبغي أن يكون أبناء الحركات الإسلامية قد تخلصوا من هذا المرض الاجتماعي ؟ كيف يدعون الآخرين إلى تغيير أنفسهم، وهم أنفسهم لم تتغير !!! ألا يخافون أن ينطبق عليهم قوله تعالى : "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ" الصف: ٢ - ٣ ، فكيف يسمع الآخرون منهم، وكيف يجعل الله قبولاً لدعوتهم عند الآخرين !!!

   هل توجد الفردية لدى أبناء الحركات الإسلامية ؟ نعم توجد . والفردية جاءت من الأنانية ، ولا أحد يستطيع أن يتجاهل وجود الفردية لدى بعض أبناء الحركات الإسلامية ، بل لا يستطيع أن يتجاهل كيف عطلت ( الفردية ) كثيراً من مشاريع الحركات الإسلامية ...  وإذا سلمنا بوجود الفردية ... ينبغي أن نسلم بوجود الإقليمية أيضاً، لأن الإقليمية أنانية جماعية، وفي سائر الحركات الإسلامية في العالم الإسلامي نجد هذه المرض على تفاوت بين القوة والضعف ...

ومن نتائج الإقليمية أن تحرم الحركات الإسلامية من قدرات بعض أبنائها، لأنهم ليسوا من المنطقة الجغرافية الفلانية !!! ... كما تجد الحركة نفسها ملزمة بمراعاة المناطق الجغرافية في ترسيم كوادرها،وتضعه في عين الاعتبار مع أو قبل القوة والأمانة والكفاية المطلوبة لدى كوادر الحركات الإسلامية،ومما يؤسف له أن نجد الإقليمية في قمة هرم الحركة الإسلامية العالمية المعاصرة.  وعندما يقوى الشعور بالفردية والشعور بالإقليمية وينتشر في عدد كبير من الأفراد فهذا تغيير للأنفس نحو الأسوأ، يغير الله عز وجل حال القوم إلى أسوأ، وربما هذا ما نلاحظه أحياناً في الواقع المعاصر لبعض الحركات الإسلامية المعاصرة، ولا حول ولا قوة إلا بالله ....

 

ومن جهة أخرى، هل توجد الإقليمية لدى الناس العاديين ؟ نعم موجودة، وهل تميز أبناء الحركات الإسلامية عن الناس العاديين ؟ الجواب هنا يجب أن يكون شجاعاً ودقيقاً وهو أن بعض أبناء الحركات الإسلامية متميز عن الناس العاديين، وهذا شرط أساسي من شروط الانتماء للحركة الإسلامية، التي تريد تغيير المجتمع إلى الأفضل، فلابد أن يبدأ أبناء الحركة الإسلامية بتغيير أنفسهم أولاً، ليكونوا أفضل من الناس العاديين، أو قل ليتخلصوا من أمراض الناس العاديين ، ثم يعالجوا أمراض الآخرين بعد ذلك ...

ولابد أن نسلم بأن بعض أبناء الحركات الإسلامية لم يتخلصوا من أمراض مجتمعهم، التي عشعشت في المجتمع منذ عقود، وتمكنت فيه، والإقليمية موجودة لدى الناس العاديين، بل أن بعض الحركات السياسية استغلت الإقليمية ووجهتها لمصلحتها أو لمصلحة الفرد المسيطر على الحركة، ورسخت هذا السلوك المريض في المجتمع .

ودخل هذا السلوك في شعور بعض أبناء الحركات الإسلامية، عندما وجد له أرضية ملائمة وهو الشعور بالأنانية وحب الذات  ...

ومن المؤلم أن الشعور بالإقليمية والفردية يخالف ما تطلبه النصوص المقدسة في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، قال عزوجل : "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ" الحجرات: ١٣ – وقوله صلى الله عليه وسلم [ الناس لآدم وآدم من تراب ] ، ولما اختلف بعض الصحابة على البئر في إحدى الغزوات ، ونادى أحدهم  يا للمهاجرين ، ونادى الآخر يا للأنصار . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [ دعوها فإنها منتنة ] ، وسماها دعوى الجاهلية. ونادى أمام الصحابة يقول : سلمان منا أهل البيت، وما يخفى على أحد مكانة سلمان الفارسي رضي الله عنه في الدعوة والحركة الإسلامية التي غيرت العالم يومذاك .

 

والإقليمية ، مثل الفردية ، نشأت عن الأنانية ، ولما نحارب الأنانية ونعالجها ، بترسيخ سلوك التواضع، وغرس روح العمل الجماعي منذ الصغر عند أبنائنا، وغرس روح التقوى والإيمان والطموح إلى الجنة في الدار الآخرة، عندئذ نتخلص من الأنانية ومظاهرها الفردية والإقليمية، وعندئذ نغير أنفسنا المريضة، ويؤلف الله بين قلوبنا "وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مَّا أَلَّفْتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ"الأنفال: ٦٣  ، وتأليف القلوب من تغيير القوم الذي يأتي به الله عز وجل، وعندئذ يغير الله أحوالنا نحو الأفضل ...والله على كل شيء قدير ...

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ