-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
الدكتور
حسن هويدي رحمه الله كنز
ثمين وعملاق متواضع شعبان
عبد الرحمن التقيته
المرة الأولى قبل أكثر من عشر
سنوات، كان اللقاء مطولاًً،
استمر لأكثر من
عشر ساعات على ثلاثة أيام
متتالية؛ حيث حاورت الدكتور حسن
هويدي - يرحمه الله - عن مسيرته
الكاملة مع الحركة الإسلامية
والتي تم نشرها على أعداد
متتالية من «المجتمع» (من العدد
1738 إلى العدد 1741)، ومنذ ذلك
الوقت لم تنقطع لقاءاتي الصحفية
به كلما وصل إلى الكويت، فقد
وجدت نفسي ليس فقط أمام كنز ثمين
من تاريخ الحركة الإسلامية في
العصر الحديث، ولكن أيضاً عملاق
متواضع.. لا تملك إلا أن تحبه،
وتحرص على الإنصات إليه طويلاً؛
لسمو خلقه وعذب حديثه الفياض
بالعلم والتجربة. ولِم لا، فقد
صاغت شخصيته الفذة تجارب ستة
وستين عاماً بحلوها ومرها منذ
عهد الاحتلال الفرنسي لسورية،
حتى العهد الحالي... إنها سنوات
حافلة بالجهاد ضد الاحتلال
الفرنسي عندما كان طالباً
بالمرحلة الثانوية، ثم
المشاركة في تأسيس الحركة
الإسلامية في أجواء كانت سورية
تموج كغيرها من دول المنطقة
بالفكر الاشتراكي والقومي ثم
البعثي. وأسس
مع إخوان له «دار الأنصار» في
بلدته «دير الزور» لتكون نواة
للعمل الإسلامي هناك، ثم اندرج
في العمل ضمن صفوف الإخوان
المسلمين، وقسم وقته بين عيادته
في «دير الزور» وبين دعوته،
ورغم حصوله على الترتيب الأول
في التخرج ثم حصوله على درجة
الدكتوراه بالدرجة النهائية
لأول مرة في تاريخ كلية الطب،
إلا أنه اعتذر عن بعثة لفرنسا
مفضلاً عيادته البسيطة وتعلقه
بدعوته. وقد
كان متابعاً ومشاركاً جيداً في
الحركة الفكرية التي كانت تموج
بها الساحة السورية، وكان
حريصاً على حضور ندوات «ميشيل
عفلق» التي كان يبشر فيها
بأيديولوجية «البعث» وخاض
مناظرات ساخنة معه ووضع «عفلق»
في مآزق صعبة
أمام الجماهير. وفي الوقت
نفسه، كان يشارك بكثافة في
الدعوة للإسلام، وقد لازم
الأستاذ مصطفى السباعي - يرحمه
الله - في جولاته وجهوده لنشر
الفكرة الإسلامية الصافية،
والتقى الإمام البنا خلال
زيارته لدمشق والتي كان لها وقع
طيب في نفسه.. وهكذا نذر الرجل
نفسه لخدمة الإسلام ضمن قافلة
الدعوة المباركة، ولاقى في سبيل
ذلك ما يلاقيه أصحاب الدعوات من
ابتلاء، فقد اعتقلته السلطات
السورية عام 1964م
في عهد الرئيس «نور الدين
الأتاسي»، وبعد ذلك بأشهر تم
اعتقاله في شهر رمضان بعد خروج «الأتاسي»
ومجيء الرئيس
«أمين الحافظ»، ثم أُفرج عنه هو
وزملاؤه بعد خمسة عشر يوماً،
وفي عهد الرئيس «حافظ الأسد» تم
اعتقاله لمدة خمسة أشهر، وفي
المرات الثلاث كانت بلدته
والبلدات المجاورة لها تنتفض
احتجاجاً على اعتقاله، حتى إنه
بعد الإفراج عنه في الاعتقال
الأخير التقاه الرئيس «حافظ
الأسد»، وكان حوار الأسد معه
عبارة عن اعتذار غير مباشر عما
جرى وقال الرئيس الأسد له خلال
المقابلة: «مدينتك كلها تحبك،
ومدينتك مجتمعة عليك»، وبعد تلك
المقابلة عرض عليه منصب وزير
الصحة فاعتذر بلباقة شديدة،
مفضلاً العمل ضمن دعوته
التي لاقى في سبيلها ما لاقى،
حتى اليوم الأخير من حياته.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن
ينزله الفردوس
الأعلى مع النبيين والصديقين
والشهداء وحسن أولئك رفيقاً ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |