-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
عوائل
الصحراء في العراق الديمقراطي ناجي الغزي عندما تكون الكتابة مسؤلية أخلاقية
تعبرعن واقع المجتمعات
الانسانية بالذات المجتمعات
التي ينتمي لها الكاتب , تكون
الكتابة بمثابة صدى لصرخات
الواقع الذي لايمكن لغربال
المبررات ان يحجب اشعة الواقع
مهما كانت مرارته. وفي ظل
الانفتاح الاعلامي الكبير الذي
صاحب سقوط الدكتاتورية في
العراق هرعت وسائل الاعلام على
شبكات الانترنيت وعلى قمر
عربسات وهوت بيرد ونايلسات
لتنقل لنا الحدث لحظة بلحظة ومن
قلب الواقع. وقد شاهدت من على
شاشة الشرقية صور متحركة لعوائل
عراقية تعيش على قمامات الاوساخ
وتتلحف السماء وتتوسد الانقاض
وتفترش الارض. وقد سميت تلك
العوائل " بعوائل الصحراء "
لانها تعيش بالعراء دون مأوى
وهي تبعد خمسة كيلو متر من قبة
على بن أبي طالب أبي الفقراء
وناصر الحق والزاهد. وبقرب
الحوزة العلمية للنجف الاشرف
وبقرب القصور المترفة لاصحاب
العمائم وكبار تقوى الايمان. هل من المعقول ان تعيش تلك العوائل في
صحراء النجف وصحراء بابل وصحراء
السماوة وصحراوات اخرى من مدن
العراق المتنوعة؟ بهذا الشكل
المهين لآدمية الانسان. وهل
هؤلاء مواطنون عراقيون؟ وهل لهم
حق في المواطنة ؟ وأين هي حقوقهم
في الوطن؟ أسئلة كثيرة تطرح
أمام الرأئ العام العراقي ,
أسئلة تتحجر وتتكسر أمام آفة
الفساد الكارثية والسرقات
العملاقة للمال العام والهدر
الهائل للثروة الوطنية . أين هي
المساواة والعدالة كمبادئ
لحقوق الانسان في قانون الدول
الديمقراطية, ونحن نعيش تجربة
ديمقراطية جديدة نتباهى بها
أمام العالم. ونعادي بها المحيط
الاقليمي خوفاً من العدوى
الديمقراطية كي تصاب شعوبهم
بحمى الصحراء قبل الديمقراطية. عوائل تعيش على نفايات وتأكل من النفايات
, شاهدت على شاشة الشرقية أطفال
تمزق وجوههم حرارة الشمس ويحيط
بأجسادهم غبار الدخان الزاحف من
قهر اللامبالات وعدم الاكتراث
من قبل مسؤلين الدولة
الديمقراطية الجديدة. أقول كيف
ينام المرء قرير العين وهو يضع
علي بن أبي طالب أبي تراب قدوة
له. كيف يخاطب المرء ربه في
قنوته وهو يرى ويسمع تلك
المأساة المرعبة لتلك العوائل
الفقيرة. هل أصبحت الحكومة
عاحزة عن القيام بمهامها
الخدمية والادارية؟ وهي الدولة
العراقية فقيرة للحد الذي يدفع
رئيس الوزراء السيد نوري
المالكي للتبرع بـــــ 50 مليون
دينار من رواتبه لتلك العوائل؟
أم نحن شعب تعودنا على المنح
والهدايا والهباة, ونتنازل عن
حقوقنا الطبيعية في الوطن. حقوق الانسان بين التنظير والواقع وهل تغني التنظريات التي تتبناها الكثير
من الكتاب والمفكرين في طرح
مفهوم المواطنة والديمقراطية,
كمدخل لترسيخ ثقافة
الديمقراطية, التي تدافع عن
الانسان وحقوقه في الوجود
والعيش والتفكير والممارسة, وهو
امر له مشروعية في بلد يتجه نحو
التحول الديمقراطي . يكون فيه
المواطن وحقوقه الإنسانية
مصانة من اي انتهاكات. أن الدعوة
الى إقامة مجتمع دولة القانون
يحظى فيه الأفراد بالتقدير
والاحترام ، فلا يمكن أن يقام
بتجاهل حقوق الانسان الاساسية
في المسكن والعيش بكرامة. ولا
يمكن لحماية حقوق الإنسان بصورة
فعلية إن لم يطالب بها الأفراد
وقادة الرأئ والاعلام الحر
والواسع بشكل ملموس وباستمرار،
ولا يمكن الصمت عن تلك
الانتهاكات لحقوق الانسان الا
بعد معرفتها ومعرفة الوسائل
الكفيلة بضمان احترامها. أن خدمة الكائن البشري (الانسان وحقوقه) ،
هي المهمة الاساسية والواقعية
لكل عمل يهدف إلى تنمية الانسان
وتثقيف قيمه وسلوكه في المجتمع
، والدعوات إلى ترسيخ مفاهيم
حقوق الانسان في المؤسسات
التربوية التعليمية والمنظمات
لغرض الحفاظ على محيط الأطفال والشباب
من تصورات وقيم وسلوكيات خاطئة.
هي دعوات طوباوية وفضفاضة !!
لانها لاترتقي الى مستوى
المسؤلية والحس الوطني دون
الالتفات الى واقع العوائل
والطفولة المتشتت بين الصحاري
والتسول والعزوف عن التعليم . أن
التوجه لتلك الشريحة المعدمة هي
الخدمة الحقيقية لانتشال
الواقع البشري (الانسان وحقوقه)
من الضياع والتشظي والتمرد
والخروج على الدولة ومكوناتها
وهياكلها ومؤسساتها . وعلى الدولة العراقية وسلطاتها
التشريعية والتنفيذية الاسراع
بفتح تلك الملفات الانسانية
بقوة ومعالجتها بأقصى ما يمكن,
من أجل الوفاء بوعودهم وعهودهم
التي قطوعوها على الشعب . لكي
لاتصبح مقولاتهم شعارات مزيفة
لخداع الجماهير في مسرح
الانتخابات. وعلى السياسي
الناجح الذي يكرس كل قواه
المادية والمعنوية ومثالياته
السياسية لخدمة المواطن ويبحث
عن الانسان وحقوقه في أبعد نقطة,
وأن يصون ما قطعه على نفسه أمام
الجماهير, وان يبني مساحة واسعة
من الثقة بينه وبين الجماهير
ولاينظر تحت أقدامه ولا لمصلحته
الضيقة. والسياسي الناضج الذي
يلامس هموم شعبه ويبلسم
جراحاتهم الدامية . ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |