-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء  25/03/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


هذا وأمثاله، يعطّلون عمل

 المعارضة السياسية، في أيّ بلد!

ماجد زاهد الشيباني

* لن أذكر اسمه، كيلا يؤذيه سدَنة الفساد، وحماته، ودهاقنته! فأنا أحرص عليه، كما أحرص على كنز حقيقي! وهو كذلك، في بلاد عمّ فيها الفساد، حتى خالط كل شيء فيها، فامتزج بالطعام والشراب والمسكن، والهواء والدواء..!

* إنه موظّف حقيقي، رائع، كأولئك الذين نسمع عنهم ونقرأ، في عهود الازدهار والعدل، في تاريخنا.. وفي الدول المعاصرة، التي تعدّ الموظف فيها، خادماً للمواطن، مطيعاً، مهذّباً!

* عرضت عليه قضيّتي، التي قابلته من أجلها.. فأصغى بمنتهى اللباقة والتهذيب والاهتمام.. وكأنه أمام ضيف كبير، من دولة صديقة عزيزة.. وليس أمام مواطن من مواطني دولته، المسحوقين تحت سياط أجهزة المخابرات في هذه الدولة!

* تفهّم قضيّتي، وتبنّاها، وأصدر أمره لِمن دونَه، بإنجاز معاملتي، دون أيّ عائق، وبسرعة!

* علم أني معارض لنظام حكمه.. ومع ذلك، عاملني كما يعامِل أيّ موظّف محترَم، مواطناً محترماً من مواطني دولته!

* جرى حديث عن قضايا الوطن ومشكلاته.. وعن المعارضة، وما تسعى إليه.. وعن ضرورة حلّ المشكلات، في البلد، الذي هو وطن الجميع!

* سألته عن رأيه في الفساد، وفي الإجرام الذي يمارسه بعض عناصر الأمن، مع المواطنين.. وعمّا إذا كان هذا يخدم النظام، الذي يدّعون الحرص عليه، والدفاع عنه، أم يؤذي هذا النظام! فأجاب ببساطة: إن هذا يؤذي النظام، وينخر أساسه، إذ يؤلّب المواطنين ضدّه، من خلال العدوان على حياتهم وممتلكاتهم.. وكراماتهم!

* سألني عمّا إذا كان أحد موظفي دائرته، أساء إليّ، أو قصّر في تلبية طلبي.. فأجبته بصدق وصراحة: لو كان كل موظّفي البلاد مثلك، ومثل موظفي دائرتك، لما عارض أحد نظام الحكم!

* تبسّم وقال: أتمزح!؟

* أجبته، بجدّية تامّة: إني جادّ كل الجدّ! ولمَ يعارض المواطنون نظام حكمهم، إذا كان جهاز الدولة، المكلّف بخدمتهم، وتسيير أمورهم، كله، من الموظّفين الصالحين الفضلاء!؟ أمّا الطموح، للوصول إلى كراسي الحكم، فلا يوجد إلاّ عند فئة قليلة من الناس، وهي لا تجد لها أنصاراً بين مواطنيها، إذا كانت الأكثرية الساحقة من المواطنين، مرتاحة في بلادها، لا تشكو من ظلم، أو إهانة، أو عدوان على حياتها وأرزاقها! أمّا رئيس الدولة نفسه، فلا صلة له بالمواطنين، ولا يعرفهم، وقلّما يرونه، إلاّ على شاشات التلفزة! وبالتالي، فإنه لا يسيء إلى أحد من مواطنيه إساءة شخصية، أو يعطّل أعماله، أو يحرمه من حقوقه الأساسية! ومع ذلك، فكل إساءة من موظّف، ضدّ مواطن.. تنعكس على شخص الرئيس، وموقعه.. وتسجّل في سجلّ حكمه، وتقلّل من محبّة مواطنيه واحترامهم له.. فيفسِد هؤلاء الموظّفون الفاسدون، الأدعياء، على رئيس البلاد، كل مسعى لكسب قلوب مواطنيه وعقولهم، وتأييدهم له!

* كان ينظر إليّ باهتمام، والبسمة اللطيفة لا تفارق وجهه.. ويهزّ رأسه، بين الفينة والأخرى. وحين أنهيت كلامي، سألته: هل أنا على خطأ، يا سيادة ال...!؟ فأجاب، ببساطة وجدّية: بل أنت على صواب تامّ، وأنا أؤيّدك كل التأييد، فيما قلت، عن التأثير الضارّ، بل المدمّر.. لهؤلاء الموظّفين الفاسدين!

* قلت له: هل يعجز رئيس الدولة، عن تطهير البلاد منهم، ليدعو له الناس، بدلاً من أن يدعوا عليه، بسببهم!؟

* صمت قليلاً، ثم قال، وهو يحسّ بالحرج: إنه يسعى، لكن.. متى يتحقّق له ذلك!؟ هذا بعلم الغيب!

* قلت له: وإلى أن يتحقّق له ذلك، ستظلّ المعارضة تعمل ضدّه! وكلّما أسرع في التخلّص من عناصره الفاسدة، كان أقرب إلى إنهاء عمل المعارضة، بل إلى كسبها في صفّه، والتفافها من حوله، بكل صدق وإخلاص، بلا تزلّف أو نفاق! وأرجو ألاّ تؤاخذني، إذا أخبرتك، بأنك أحد العناصر المعطّلة لعمل المعارضة، بهذا النبل، وهذا الاحترام لمواطنيك، ولنفسك، ولبلدك.. أولاً، وقبل كل شيء!

* نهضت من مكاني، أمام مكتبه، ونهض يودّعني، والابتسامة مشرقة على محيّاه! وخرجت، وأنا أتساءل، بيني وبين نفسي: هل أدعو الله، أن يكثر من أمثال هذا الموظّف النبيل، لتنتهي معارضتي ومعارضة أمثالي، للنظام الحاكم في بلادنا!؟ أم أدعو، أن يقلّل الله من أمثاله، لتظلّ أخطاء الفاسدين، معاول هدم في أسس هذا النظام.. حتّى يضعف، ويتفكّك من داخله، ثم يتهاوى، تحت ضغط المعارضة!؟ ووجدتني أميل إلى الدعاء الأول!

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ