ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 16/09/2007


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


ــ

فؤاد السنيورة: أيّ رجلٍ لأيّ مرحلة!

الطاهر إبراهيم*

في مقال سابق بعنوان "دستور الطائف تصحيح متأخر" أشرنا في آخر المقال إلى اضطلاع رئيس الحكومة "فؤاد السنيورة" بأهم بنود هذا التصحيح، وهو وضع "لبنانية" القرار اللبناني موضع التنفيذ، بعد أكثر من عقدين كان فيهما القرار اللبناني محصلة للتجاذبات والتأثيرات الإقليمية والدولية، بحيث لم تكن حصة لبنان فيه إلا دفع تكاليف ذلك القرار.

عند الكلام عن سيرة السنيورة، ربما كان من المفيد أن نعيد إلى الأذهان أن الزعيم الدرزي "وليد جنبلاط"، -بعد أن استمع إلى ما جرى للمرحوم "رفيق الحريري" في دمشق في قضية التمديد للرئيس "لحود" خريف عام 2004 – نصح "الحريري" بأن يوافق على التمديد، بينما رفض جنبلاط أن يوافق على التمديد. وقد فهم الجميع من ذلك أن "جنبلاط" كانت له طائفة تشد عضده، بينما كان أهل "السنة": (لكل جماعةٍ فيهم إمام .... ولكن الجميع بلا إمامِ). فقد تم تفتيت طائفة السنة إلى مجموعات متنافسة، سهل بعد ذلك احتواؤها.

نزعم أن "السنيورة"، وقد لاحت الفرصة أمامه سانحة، أراد أن تنال "السنة" حقها بأن تكون طائفةً لها من الوزن بقدر حجمها، لا أن يكون أهلها كالغنم في يومٍ شاتٍ ممطر، كل "شلعة" في واد. استطرادا فقد كان هذا هو أكبر ذنوب "فؤاد السنيورة" عند دمشق وعند جماعة 8 آذار. ظهر ذلك من تأجيل زيارته لدمشق أكثر من مرة ثم لم تتم هذه الزيارة حتى الآن، وفي الحدة التي كانت تطبع كلام رئيس المجلس النيابي "نبيه بري" تجاه "السنيورة". بينما استبطن الآخرون من قوى 8آذار مواقفهم، فصبوا جام غضبهم على مجمل الحكومة. ومع ذلك فإن أكثر فرقاء 14 آذار يعتبرون "بري" هو الأقل تشنجا من غيره.

عندما يتصدى كاتب لسيرة شخص ما لابدّ أن شيئا هاما في تلك الشخصية شده إليها فعكف على تسليط الضوء على مجمل الشخصية، والعوامل التي أثرت في بروز ذلك الشيء الهام عنده. المفكر "عباس محمود العقاد" عندما كتب "عبقرياته" كان يجري وراء الجانب الأهم في هذه العبقرية وكان يعتبر صاحبها يدور بشكل أساس حوله، وقد أسماه "مفتاح" العبقرية. لعل أكثر ما استرعى انتباهي في شخصية "السنيورة" هو الكم الكبير من الصبر الذي يتحلى به وهو يواجه العواصف العاتية التي كانت تهب عليه من داخل لبنان وخارجه.

إذا كنا لا نستطيع أن نعزل شخصية "السنيورة" عن انتمائها "الإسلامي السني" في بلد كل ما فيه ومن فيه ينطق بالطائفية، غير أن العارفين به يؤكدون أن انتماءه إلى الإسلام السني لا يختلف كثيرا عن انتماء رئيسي الكومة السابقين "رشيد كرامي" و"رفيق الحريري". لكننا لا ننفي أن " السنيورة" عانى من تهميش طائفة السنة في لبنان خلال فترة ما بعد الطائف. وأن رئيس الحكومة السني كان يجب أن ترضى عنه دمشق قبل أن يعرف اسمه اللبنانيون سواء أكانوا راضين عنه أم ساخطين!. 

نعيد إلى الأذهان أن كل النواب اللبنانيين زكوا الرئيس "السنيورة" في الاستشارات الملزمة، قبل تكليفه برئاسة الحكومة الحالية باستثناء نائبين اثنين. وهو بهذه الصفة لم يأت إلى الحكم  بانقلاب بل جاء وفق الدستور اللبناني واتفاق الطائف معا. وعندما شكل حكومته جمع فيها كل أطياف النسيج اللبناني. بل شارك فيها أهم فصيلين معارضين للحكومة، وهما حزب الله وحركة أمل. وشارك الجميع في البيان الوزاري الذي نالت الحكومة الثقة على أساسه وكان أهم بند فيه هو النص على شرعية المقاومة، الأمر الذي جعل حزب الله يصر -عند استقالة نوابه مطالبين بحكومة يكون لهم فيها الثلث المعطل- على توسيع الحكومة الحالية لاتشكيل حكومة جديدة. لأن البيان الوزاري سيخلو عندها من بند المقاومة، انسجاما مع قرار مجلس الأمن رقم 1701 الذي صدر عقب حرب تموز- آب عام 2006 .

جميع اللبنانيين فهموا أن الإصرار على الثلث، إنما كان لتعطيل إقرار المحكمة الدولية التي ستحاكم قتلة الشهيد "رفيق الحريري"ورفاقه. أكد ذلك استقالة وزراء المعارضة مباشرة عند إدراج قرار تشكيل المحكمة على جدول أعمال الحكومة. وقد كان لصمود "السنيورة" داخل السراي الحكومي رغم أن الآلاف من أنصار المعارضة طوقوا المبنى مهددين باجتياحه في أي لحظة من ليل أونهار. وقد كان السنيورة يشرف من نوافذ السراي على الحشود بعد كل خطاب للسيد "نصر الله"، متهثلا بقول الشاعر: "إن كنت ريحا فقد لاقيت إعصارا".

يبقى أن نقول أن استشهاد الرئيس "الحريري" ربما كان دافعا قويا لصمود الرئيس السنيورة ، لأنه يعلم أن "العمر واحد والرب واحد"، وبين يديه ديوان "المتنبي" يقرأ فيه بيته الشهير:

"من لم يمت بالسيف مات بغيره     تعددت الأسباب والموت واحد".

وربما التفت "السنيورة" إلى ناصحيه في نادي رؤساء الحكومة السابقين متمثلا بشعر "طرفة بن العبد": "إذا كنت لا تسطيع دفع منيتي      فدعني أبادرْها بما ملكت يدي".

لكننا ننظر مشفقين إلى الأخطار المحدقة بلبنان بسبب الاستحقاق الرئاسي، وماقد يتناثر منه إلى سورية، ومن بيده الأمر كأنه في غير هذا الوارد، فنرفع أيدينا قائلين: الله يستر.   

*كاتب سوري

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ