ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء 19/09/2007


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


ــ

6 سنوات على ضبابية مفهوم الإرهاب!

صبحي غندور*

هل كانت أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001 عملاً إرهابياً من صنع جماعة بن لادن أم أنَّ هناك قوًى أخرى داخلية أميركية أو خارجية هي التي قامت بها؟  وهل كان هناك تنسيق أو تفاعل بين "القاعدة" وبين تلك القوى؟

أعتقد أنَّ هذه المسألة قد تجاوزها الزمن الآن، فرغم أهميَّة التوقف عند الجهة المسؤولة فعلاً عن الهجوم الإرهابي الذي حدث على أميركا يوم 11 سبتمبر، فإنَّ تداعيات الأحداث بعد ذلك التاريخ جعلت التهمة الأميركية لجماعة "تنظيم القاعدة" – وفي مقدمتها أسامة بن لادن - تهمة مشروعة وإنْ لم تكن مثبتة بالأدلة القانونية الكافية بعد.

فالتصريحات المتتالية من أسامة بن لادن وجماعته، عقب 11 سبتمبر، باركت كلّها العمل الإرهابي الذي حصل ضدَّ أميركا واعتبرت أنَّ من قاموا به هم شهداء ومثواهم الجنَّة !

قد تمضي عقود من الزمن قبل أن نعرف حقيقة ما حدث يوم 11 سبتمبر 2001، فما زال مقتل الرئيس الأميركي جون كنيدي مسألةً غامضة رغم مضي أربعة عقودٍ عليها، كذلك مقتل الزعيم الأميركي الأسود مارتن لوثر كينج في الستينات.

فجهات عديدة غير عربية وغير إسلامية استفادت من هذه الأحداث الإرهابية، وتستفيد الآن، من سوء طروحات وممارسات جماعاتٍ تعمل تحت أسماء عربية وإسلامية.

صحيح أنَّ لأميركا أعداء في أكثر من مكان، وأنَّ في داخل أميركا أيضاً من هم جماعات إرهابيةً محلية كتلك التي قامت بتفجير المبنى الحكومي في أوكلاهوما بأواسط التسعينات، وصحيح أيضاً أنَّ لإسرائيل مصلحة كبيرة جداً فيما حدث ويحدث من تفاعلاتٍ وتداعياتٍ واتهامات، لكن كلّ هذه الاحتمالات التي كان من الممكن البناء عليها لإبعاد التهمة عن أفرادٍ عرب ومسلمين، أسقطها أسامة بن لادن ومن هم معه، من خلال الرسائل التلفزيونية المسجَّلة بعد 11 سبتمبر.

 

أميركا كلّها تعرَّضت لصدمة زلزالٍ أمني يوم 11 سبتمبر، فلم تشهد هذه الأمَّة من قبل حالة شبيهة بما حدث، ولم يتوقَّع أحد في أميركا أو في العالم أن تستخدم الطائرات المدنية الأميركية بما فيها من ركاب وحمولة "فيول" لدكِّ أكبر رموز أميركا الاقتصادية (نيويورك) وأكبر رموز أميركا العسكرية (البنتاغون).

كانت صدمةً كبيرة لأميركا وللعالم كلّه، وبمقدار حجم الصدمة كانت أيضاً حالة السلبية تجاه العرب والمسلمين في عموم دول الغرب وليس فقط داخل الولايات المتحدة الأميركية.

كان المناخ السياسي والثقافي والإعلامي جاهزاً لعاصفةٍ هوجاء وأعاصير ضدَّ كلّ ما هو عربي وإسلامي في الغرب، وللأسف، فإنَّ ما صدر ويصدر عن جماعة بن لادن أعطى وقوداً لنار الحملة على العرب والمسلمين.

أمَّا الشارع الأميركي فكان مزيجاً من حاقدين سلبيين في بعض الأماكن، ومن غالبيةٍ راحت تسأل من هم العرب وما هو الإسلام، ولِمَ هذا الحقد في العالم الإسلامي على أميركا، وتساؤلاتٍ كثيرة كانت أشبه بصحوةٍ على النفس وعلى العالم من حول أميركا. ووسط هذه الغالبية ظهرت جماعات إيجابية ترفض التعميم على كلِّ العرب وعلى كلِّ المسلمين، وترفض أن تمارس ما مارسه الهجوم الإرهابي نفسه من تعميم على كلِّ المدنيين الأبرياء لمجرَّد أنَّهم من الأميركيين.

والصورة الآن لا تختلف كثيراً عمَّا كانت عليه عقب هجوم 11 سبتمبر، فما زال حال العرب والمسلمين في أميركا يتأرجح بين سلبياتٍ هنا وإيجابياتٍ هناك.

ويتصارع في أميركا الآن اتجاهان: الأوّل، عنصري يرى بأنَّ الهجوم الإرهابي الذي حصل على أميركا هو هجوم "إسلاميّ" الدين، "عربيّ" الجنسية، "آسيوي" القارّة وتحديداً من بلدان العالم الإسلامي في آسيا.

والاتجاه الثاني، يرى أنّ ما حدث أشبه ما يكون بصفَّارة إنذار تدعو الأميركيين إلى فهمٍ أفضل للعالم ولِما يجري حولهم بعد عقودٍ من الجهل ب"الآخر" الموجود خارج أميركا. اتجاه يدعو إلى التساؤل عن الأسباب التي دفعت بعدة أشخاص إلى الانتحار بتفجير أنفسهم من أجل قتل أكبر عددٍ من المدنيين في أميركا.

أيضا، "الوطنية الأميركية" تصاعدت إلى حدٍّ لم تعرفه من قبل خلال الحروب التي خاضتها أميركا سابقاً في أكثر من مكانٍ بالعالم. ومع انتعاش "الوطنية" الأميركية والاعتزاز الكبير بالعلم الأميركي كرمزٍ لها، ازدادت فجأةً ظاهرة الاهتمام بالدين وبزيارة الكنائس فتحوّلت أميركا خلال سنوات قليلة من سمة العلمانية إلى مجتمعٍ شديد الارتباط بالدين والتمسّك بالصلاة والعبادة!

لكن الحرب الأميركية على "الإرهاب" التي أعلنتها إدارة بوش كانت أشبه بالحرب مع الأشباح حيث "العدوّ" في كلِّ مكانٍ تختاره أميركا أو تعتقد أنَّه ملجأ للجماعات الإرهابية، بحكم أنّ "العدوَّ " هو حالة وليس نظاماً أو كياناً.

إن الإرهاب هو حالة غير متفقٍ بعد دولياً على كلِّ مفاهيمها ومضامينها، لذلك كان يتوجب على الأمم المتحدة الاتفاق على مفهوم الإرهاب قبل المضي في الحرب ضدّه.

حتماً، ما حدث في نيويورك وواشنطن هو عمل إرهابي كبير ومأساة إجرامية بكلِّ التفاصيل والأبعاد والنتائج، ولن تجد واشنطن من يختلف معها على ذلك، وعلى ضرورة معاقبة من خطَّط لهذا العمل الإرهابي الذي لم يسبق له مثيل في داخل أميركا أو خارجها، لكن وجدت واشنطن من يختلف معها حول كيفية الردّ وحدوده وأمكنته، وأيضاً حول مدى شمولية مفهوم أميركا للإرهاب. فالولايات المتحدة ما زالت تعتبر أنَّ أيَّ عملٍ عسكريٍّ ضدَّ الجيش الإسرائيلي هو عمل إرهابي حتى لو كان هذا الجيش الإسرائيلي موجوداً بشكل احتلالٍ على الأراضي اللبنانية أو الفلسطينية.

ألم تكن واشنطن ضدّ المقاومة اللبنانية للاحتلال الإسرائيلي رغم أنّ هذه المقاومة امتنعت عن القيام بأيّّة عملياتٍ عسكرية خارج الأراضي اللبنانية المحتلة فلم تلاحق الإسرائيلي في الخارج ولا حتى في داخل إسرائيل نفسها، واكتفت المقاومة اللبنانية بمواجهة المحتلّ الإسرائيلي وعملائه فوق الأراضي اللبنانية المحتلة؟!..

إذن، فالسؤال الأهم الذي لم تجب أميركا عليه بعد في حربها ضدّ "الإرهاب"، هو تحديد ماهيَّة "العدو" ومفهوم الإرهاب نفسه حتى لا يختلط بتسمية الإرهاب حقّ المقاومة لدى الشعوب الخاضعة للاحتلال، وهو حقٌّ مشروع بكافّة الشرائع وبالمعايير الإنسانية.

فذريعة مكافحة الإرهاب كانت خلف القرار الأميركي بغزو أفغانستان أولاً ثم العراق ثم الحصار والحرب على الفلسطينيين في الأراضي المحتلة طيلة فترة حكم شارون وما بعده، كما كانت هي العذر لحرب إسرائيل في الصيف الماضي على كل لبنان. وهناك الآن محاولات للتشجيع على أعمال عسكرية أميركية وإسرائيلية ضدّ سوريا وإيران بحجة دعم البلدين لمنظمات إرهابية! إذ يتمّ اعتبار أي دعم "لأعمال عنف" ضدَّ إسرائيل بمثابَّة "إرهاب دولي" تستوجب محاربته أميركياً، إسرائيلياً وعربياً!.

***

قبل 11 سبتمبر 2001 كانت حروب أميركا تحدث على غير أرض أميركا، الآن دخلت أميركا حرباً ضدّ إرهاب مصدره، بالنسبة للمواطن العادي الأميركي، الإسلام كدين والعرب كأوطان.. ولربما هذا هو حال المواطن العادي الأوروبي والأسترالي أيضا.

فأطنان من الكتب والمقالات زرعت في نفوس وعقول الأميركيين والغربيين عموماً خلال العقد الماضي عن "صراع الحضارات" ..

وعشرات الحوادث الإرهابية حدثت في الغرب خلال السنوات الماضية كانت المَلامة فيها على "جماعاتٍ إسلامية وشرق أوسطية" ..

وآلاف من المؤسسات الإعلامية الأميركية والغربية تغسل دماغ المواطنين ب"مساحيق إسرائيلية" صباحاً ومساءً ..

وعشرات من البلدان الإسلامية تعيش أزماتٍ سياسية واقتصادية وأمنية تهجِّر المزيد من مواطنيها إلى دول الغرب.

هذا هو المزيج القائم الآن في الغرب عموماً بعد التفجير الإرهابي في أميركا.

ويحدث ذلك كلّه في ظل ارتفاع أصوات العداء بين "الشرق الإسلامي" وبين "الغرب المسيحي" بينما إسرائيل (التي هي "جغرافياً" في الشرق، و"سياسياً" في الغرب، وتنتمي إلى حالةٍ دينية "لا شرقية إسلامية ولا غربية مسيحية") هي المستفيد الأكبر من صراعات الشرق والغرب في "الحرب العالمية على الإرهاب"!.

وهذه المخاطر هي حصيلة مزيجٍ مركَّب من أسبابٍ داخليةٍ في الغرب، كما لها أيضاً مصادرها الخارجية. وحينما يكون المتَّهم (جماعات إرهابية عربية وإسلامية) فإنَّ الغضب الغربي سيتمحور حول كلَّ العرب والمسلمين أينما وجدوا، ويزداد حجم هذا الغضب إذا ما أضيف إليه جهلٍ عام بالإسلام وبالعرب وبقضايا العرب والمسلمين. ويقترن هذا الغضب  بممارساتٍ سلبيةٍ خاطئة قام ويقوم بها عدد من العرب والمسلمين حتى في داخل المجتمعات الغربية التي تعاني أصلاً من تضخّم عدد المهاجرين إليها وما يحمله هؤلاء المهاجرون الجدد (من مختلف بلدان العالم) من طقوسٍ وعاداتٍ وتقاليد ومظاهر لا تندمج سريعاً مع نمط حياة المجتمعات الغربية.

أيضاً، فإنَّ مشكلة المجتمع الأميركي تحديداً، أنَّ حكوماته المتعاقبة في القرن الماضي كانت منغمسةً جداً في عدَّة قضايا دولية وفي أكثر من حربٍ خارجية حتى وصلت إلى حدِّ الانفراد بقيادة العالم، بينما المواطن الأميركي العادي كان أكثر جهلاً من أيِّ مواطن دولةٍ غربيةٍ أخرى بقضايا العالم، وبالجغرافيا وبالتاريخ، وحتى بالنسبة لتاريخ أميركا وجغرافيتها! فالرفاهية الأميركية واتساع الأرض الأميركية وعزلتها الجغرافية عن باقي العالم، كلّها عوامل أدّت إلى عدم اهتمام الإنسان الأميركي العادي بما يحدث حوله في العالم وإلى تقبّل ما تقدّمه له أحياناً الحكومات الأميركية ووسائل الإعلام من أكاذيب وتضليل، كمسلَّماتٍ حول "الآخر" في العالم الآخر.

لذلك غاب التوازن لعقود طويلة بين مدى حجم التورّط الأميركي الرسمي في قضايا العالم، وبين مدى فهم المواطن الأميركي العادي لهذه القضايا ولما يحدث حوله في العالم، إلى حين صدمة 11 سبتمبر التي كانت بمثابة صحوة من غفوةٍ زمنيةٍ طويلة، لكن الصحوة حصلت بعد كابوسٍ مرعب أخلَّ بالتوازن الجسدي والعقلي والنفسي لعموم الأميركيين.

هنا تصبح المسؤولية في التعامل مع هذا الواقع الجديد مسؤولية مزدوجة على الطرفين: العرب والمسلمين من جهة، والأميركيين والغربيين من جهةٍ أخرى.

*مدير "مركز الحوار العربي" في واشنطن

alhewar@alhewar.com

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ