ــ
جبهة
الخلاص السورية! ....
ماذا
تقول وقائع مؤتمرها في برلين؟
الطاهر
إبراهيم*
قد يختلف مراقب عن آخر عما حققته
جبهة الخلاص الوطني من نجاح في
تثبيت قدميها كمعارض رئيس ضد
النظام السوري، يتصدى للجهد
الأهم في معارضة هذا النظام. وقد
يختلف مواطن سوري وآخر –من
منظار شعبي- في تقويم الخطوات
التي خطتها الجبهة في مدة لا
تتجاوز سنة ونصف من عمرها. ولكن
ما قد لا يختلف فيه المراقبون هو
صعود الجبهة إلى الواجهة بحيث
ما عاد مقبولا تجاهلها على
الصعيد المحلي والإقليمي
والدولي، رغم المطبات التي
اعترضت طريقها، والصعوبات التي
واجهت مسيرتها خلال عمرها
القصير. فما هي هذه الصعوبات؟
وكيف عبرت الجبهة فوق تلك
المطبات؟
نزعم أنه قد هدأت حدة وتيرة
الانتقادات الشعبية التي واجهت
الإخوان المسلمين في تحالفهم مع
عبد الحليم خدام، الرمز اللامع
في نظام حزب البعث على مدى أربعة
عقود ،خصوصا أنهم واجهوا تلك
الانتقادات بأنهم تحالفوا مع
مواطن سوري، لا مع زعامة أجنبية
تستهدف سورية. كما أن قوى "إعلان
دمشق" –الإخوان مكون رئيس
فيها- أعلنت في بيان تأسيسها
أنها تتطلع إلى انضمام أعضاء في
حزب البعث ورموز في النظام إلى
هذا الإعلان. فلا يعقل بعد ذلك
أن لا يقبل عبد الحليم خدام ضمن
المعارضة!
ورغم أن أرضية الشك، وربما
الرفض، التي تقف عليها واشنطن
والإخوان المسلمون، كل في
مواجهة الآخر ما زالت راسخة،
وأنه من المستحيل أن تقبل
واشنطن أن يكون الإخوان
المسلمون بديلا للنظام السوري،
إلا أن أعضاء أمريكيين، من أصل
سوري بجبهة الخلاص ،استطاعوا أن
ينفذوا إلى مكاتب وزارة
الخارجية وأن يقولوا بصريح
العبارة، إنه لا مناص من تعاون
الأعداء -من خلال قواسم مشتركة-
إذا كان ثمة هدف رئيس يجمعهم.
وأكدوا على أن للإخوان المسلمين
رصيد يفوق رصيد الفصائل
المعارضة مجتمعة، داخل الشعب
السوري، ولا يمكن القفز فوقهم
في أي عملية تغيير لنظام الحكم
في سورية.
كما نستطيع أن نؤكد أن الإخوان –قبل
تحالفهم مع خدام- كانوا قد قطعوا
أشواطا بعلاقتهم مع أوروبا من
خلال لقاءات "الحوار
المستدام" تمت مع مراكز بحثية
أوروبية. دل على هذا التقدم في
العلاقة مع أوروبا، أنهم
استطاعوا عقد المؤتمر الثاني
للجبهة في 16– 17 أيلول الجاري في
ألمانيا، بعد أن كانوا لا
يستطيعون عقد مؤتمراتهم في أي
دولة أوروبية إلا في بريطانيا
البلد المفتوح أمام الجميع. ولا
يخفى أن الاتحاد الأوروبي أصبح
مشاركا هاما في قضايا المنطقة،
كلاعب رئيس، أو من خلال كونه
واجهة لواشنطن.
في قراءة أولية لنتائج المؤتمر
الثاني لجبهة الخلاص الذي انعقد
في برلين 16- 17 أيلول الجاري اتضح
أن الجبهة قد توسعت أفقيا. انعكس
ذلك في حضور 140 عضوا مشاركا.
بينما لم يشارك في مؤتمرها
التأسيسي الأول الذي انعقد في
لندن في شهر حزيران من عام 2006
أكثر من ستين عضوا مؤسسا. كما
لوحظ أن معظم أعضاء الأمانة
العامة للجبهة –المكتب السياسي-
حافظوا على مواقعهم مع إضافة
خمسة آخرين ما يدل على ثبات
التوجه داخل الجبهة، وهو تغيير
النظام الحالي، الذي أعيد
التركيز عليه في هذا المؤتمر.
وفي وقت أكد فيه عبد الحليم خدام
على عزلة النظام الحالي، وأن
الأحداث أثبتت ذلك، أعاد
المراقب العام للإخوان
المسلمين المحامي "علي صدر
الدين البيانوني" إلى
الأذهان تأكيده: على أن الإخوان
المسلمين يرفضون الاستقواء
بالأجنبي على الشعب والوطن. كما
لم ينس العضو الكردي في الأمانة
العامة صلاح بدرالدين العزف على
اسطوانته الداعية إلى التأكيد
على حقوق الأكراد، بينما أكد
الحاضرون على أن المطلب الأساس،
وهو مطلب للسوريين جميعا، هو
العودة بسورية إلى الديمقراطية
من خلال التعددية والتداولية من
دون تمييز بين قومية أو أخرى، أو
بين دين ودين آخر، فالكل في
الوطن سوريون.
لوحظ في المؤتمر أن الإخوان
المسلمين، رغم أنهم الأكثر
حضورا في معارضة الخارج،
والأكثر شعبية في الداخل
السوري، بقيت حصتهم في الأمانة
العامة–للمرة الثانية- أقل من
الثلث المعطل حيث لم تزد عن
أربعة. وهذا يرد بشكل غير مباشر
على من يتهم الإخوان بأنهم
يسعون إلى الاستحواز على أي
موقع يوجدون فيه.
سجلت القنوات الفضائية، في هذا
المؤتمر كما في غيره، تغيبها عن
التغطية الإعلامية لأي نشاط
يشارك فيه الإخوان المسلمون،
مراعاة لهذا النظام أو ذاك.
وربما لا تكون واشنطن بعيدة عن
هذا التغييب. في وقت كانت بعض
القنوات الفضائية المشهورة
تفرد مساحات من وقتها لمقابلات
هامشية قد لا يهتم لها المواطن
العربي. وتحرص على نقل وقائع
ولادة دب من دببة "الباندا"
في هضبة التبت. هذا ينبغي أن
يلفت انتباه قادة جبهة الخلاص
ليحرصوا على أن تكون لهم
قنواتهم الفضائية، ولو عن طريق
الاستئجار.
إلى أي مدى اهتم المشاركون في
المؤتمر بالتغلب على المحبطات
التي اعترضت مسيرة الجبهة في أن
تكون "ندا" ًللتحديات التي
تواجهها في سعيها لتكون بديلا
مقنعا لوحدها أو في مشاركة
الآخرين لوراثة النظام الحالي؟
وهل كان هاجسهم الأول هو
التغيير فحسب ؟ أم انشغلوا
بإثبات وجودهم على الساحة؟ هذا
ما ننتظر أن نعرفه بعد أن ينفض
السامر ليصير واقعا ملموسا في
عالم الشهادة، إن كان ذلك كائن!!!!
*كاتب
سوري
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|