ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 23/09/2007


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


ــ

شهادة حسن سلوك رئاسية

سالم أحمد*

من الأمور التي فتحنا عليها أعيننا بعد الاستقلال، خصوصا في القرى السورية حيث الكل يعرف الكل، هي حاجة المواطن المتقدم إلى أي وظيفة إلى أوراق ثبوتية، بعضها تؤخذ من الدوائر الحكومية: قيد نفوس من الأحوال المدنية، شهادة صحية من أقرب مركز صحي أو مستوصف، "لاحكم عليه" من دائرة الأدلة القضائية. وشهادة حسن سيرة وسلوك من مختار القرية أو الحي في المدينة. معظم هذه الأوراق لا يجد المواطن عناء في الحصول عليها، فهي تحصيل حاصل ينالها الجميع باستثناء شهادة "لا حكم عليه" حيث لا بد أن يكون سجله العدلي خاليا من أحكام جرمية. ومع أن المختار كان يعطي شهادة حسن سيرة وسلوك لكل مواطن، إلا أننا كنا نرى طالب "الشهادة" يلبس أحسن ثيابه، ويميل رقبته ويخفض صوته، "يتمسكن" ، حتى كأنه أصبح شخصا آخر.

وقد مضى على سورية زمن تغيرت فيه الأمور. فأصبح من يأكل أموال الناس لا يبالي من أين أخذها وكيف؟ يسمى "حربوقا". وأصبح المدير الذي ييسر المعاملات في دائرته ويقبض "المعلوم" في ظرف خاص داخل "الملف" يُعدّ مديرا ناجحا يخدم المواطنين. أماذلك الموظف الذي يرفض أن يطعم أولاده مالا حراما، فهو فاشل ومعقد، بل ويُتّهَم، عندما يرفض معاملة غير مستوفية الشروط، أنه يفعل ذلك لأنه يريد المقابل.

هذه الأيام أصبحنا نترحم على ذاك العهد والذي قبله، بعد أن وصلنا إلى عهد أصبح النظام الحاكم بأكمله لا يستحق أن يعطى شهادة "حسن سلوك" من المختار. بل لو تقدم أحد رموز هذا النظام يطلب شهادة حسن سيرة وسلوك من أحد مخاتير "أيام زمان"، يعرف بعضا من إنجازات هذا الرمز الخُلُقية، لرمى الورقة في وجهه وهو يقول:"أستغفر الله .... أستغفر الله ... روح يا ابني إلى مختار غيري ... أنا لا أوقع هكذا شهادة ... شو "طق" عقلي حتى أشهد شهادة زور .... أستغفر الله .... أستغفر الله".

في هذا العهد الميمون أصبح كل شيء مستباحا. تغير الإقطاعي الذي ورث أرضه عن أبيه وجَدِّه، فخدمها وحرثها وزرعها، فأنتجت واستفاد منها المالك والفلاحون. وجاء الإقطاعي "الكادح" فاستولى على أحسن الأراضي التي صادرها النظام الحالي بموجب قانون " الإفساد الزراعي". واستولى الثوريون على المصانع والشركات المنتجة بحجة أن أصحابها يمصون دم "صغار الكسبة"، مع أن أجورهم كانت توفر لهم حدا أدنى يحفظ كرامتهم. وأحيلت تلك المصانع إلى مدراء أحالوها إلى هياكل معدنية لا تنتج، بعد أن سرقوا كل شيء فيها. وكم

كان الشاعر "أحمد مطر" صادقا في تصويره عندما قال:

بالتمادي، يصبح اللص بأوروبا رئيسا للنوادي... وبأمريكا زعيما للعصابات وأوكار الفساد

وبأوطاني، التي من شرعها قطع الأيادي .............. يصبح اللص رئيسا للبلاد. 

ولو أن الأمر وقف عند نهب المال العام والخاص فربما هان الأمر. فقد تحول حكام سورية "الجدد" إلى عصابات قتل وانتقام حتى أصبحت سورية مرتعا للخوف لا يأمن فيها المواطن إذا نام ليلا في بيته ألا يجد نفسه في معتقل "كفر سوسة" أو "السادات"، هذا إذا لمْ يُرَحّل إلى معتقل "تدمر" الرهيب. أما سجن "المزة" –ورثه السوريون عن المستعمر الفرنسي- فقد غدا سجنا سياسيا "خمس نجوم"، خصص للرفاق الذين أطيح بهم في انقلاب الحركة التصحيحية "المجيدة". فالأهل يزورونهم أسبوعيا، يحملون الأطعمة من كل صنف ولون، والثياب تبدل، ورغم ذلك فهو مكان يعتدى فيه على المواطن بعد أن يسلب حريته.

أما سجن تدمر الرهيب فحدث ولا حرج. يكفي أن يعرف القارئ أن المعتقل فيه إذا أطلق سراحه، فإنه يرفض أن ينام وحده في بيته، خوفا من "زبانية" التعذيب الذين كانوا يفتحون عليه باب الزنزانة في أي ساعة من ساعات الليل و.... لا أراك الله أيها القارئ مكروها. بل إن أحدهم، بعد أكثر من عشر سنوات من إطلاق سراحه من معتقل "تدمر"، وبعد جهد جهيد و"تبويس" شوارب، سمح له بمغادرة سورية إلى إحدى الدول الخليجية. وهو يرجو قريبا له من المعارضة السورية أن لا يتصل به تليفونيا، خوفا أن تعلم المخابرات السورية أنه اتصل به! صدق أو لا تصدق فقد حصل هذا!

ومع كل ما قدمنا، وهو شيء يسير لا يكاد يلحظ إذا قيس بما يحصل في سورية، فلم يقف أمر هؤلاء داخل سورية. وكأنه لم يكفهم ما ذاقه السوريون من ويلات! فقد جعلوا أراضي لبنان مسرحا لجرائمهم، فكل شهر هناك اغتيال لنائب أو صحفي لبناني. وقد كان "أنطوان غانم" آخر ضحايا النظام السوري، حتى اضطر معظم الساسة إلى أن يغادروا. وأتساءل هنا! وأسأل اللبنانيين ممن يدينون بولائهم للنظام السوري؟: ماذا وجدوا في هذا النظام من حسنات حتى ألقوا له بقيادهم؟ وكما قيل: "لو كان عند جحا خير لكان في أهله!".

ولو عدنا إلى ما أسلفنا. ولو افترضنا أن رمزا من رموز النظام السوري مهما علا! ذهب إلى مختار "أيام زمان" يطلب منه شهادة حسن سلوك لقال له:" أقطع إصبعي ولا أمضي لك على "هيك شهادة" ... روح يا عمي شوف لك مختار غيري يشهد لك... أستغفر الله".

*مواطن من سورية الجريحة

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ