ــ
العراق
الأمريكي...حقائق مؤجعة وأرقام
مفجعة
ياسر
سعد
العراق
الجديد, أنموذج ديمقراطية الشرق
الأوسط المفترض, والذي ما زال
زعيم الغزو جورج بوش يتبجح
بنجاحاته وإنجازاته فيه, يعيش
مآسي مركبة ومصائب يحار المداد
في وصفها ويعجز اللسان عن نقلها.
أي جرائم حرب تلك التي أرتكبها
الغزاة وعلى رأسهم بوش وبلير
وهاورد ومن ساندهم, وأي تخاذل
ذلك الذي تقترفه الدول العربية
والإسلامية وهي تشاهد في صمت
قاتل وسلبية آثمة, العراق يذبح
من الوريد إلى الوريد,
والعراقيون يلاقون قتلا
وتشريدا ويعانون فقرا وقهرا.
وحتى لا نتحدث بحديث العواطف
وإن كانت دامية أو بلغة المشاعر
ولو كانت صادقة دعونا نستعرض
بعضا من الحقائق والأرقام والتي
وصل إليها العراق بعد الاحتلال
الأمريكي-البريطاني ومساندة
ودعم سياسي الاحتلال ممن شجعوا
الاحتلال أو ابتهجوا به أو
دافعوا عنه أو تعاونوا معه.
*
قدرت صحيفة ذي أوبزرفر
البريطانية بناء على دراسة
أجرتها (او آر بي) وهي وكالة
بريطانية
لاستطلاع الرأي
عدد قتلى الحرب الأمريكية
الحالية على
العراق بحوالي 1.2 مليون عراقي.
وحسب الاستطلاع فإن 48% من القتلى
ماتوا بسبب الطلقات النارية
و20% بسبب السيارات المفخخة، و9%
بالقصف الجوي، بينما قضى 6% بسبب
حوادث السير و6% بسبب ألغام أو مواد متفجرة أخرى.
*
صرح مستشار رئيس الوزراء
العراقي حيدر العبادي أن 40 أو 50
بالمائة من سكان العراق لا تتجاوز دخولهم الشهرية أربعين دولارا في
الشهر وهو ما يجعلهم
تحت خط الفقر وهذه النسبة
لم يعرفها العراق حتى في عصور
الانحطاط الحضاري يوم كان
العراق خاضعا للاحتلال
المغولي والتتري!
(أخبار الخليج 17-9-2007)
*
في تقرير
صدر
في ابريل 2007
بعنوان "مدنيين بلا
حماية-الأزمة دائمة التفاقم في
العراق"، قالت اللجنة
الدولية للصليب الأحمر إن وضع
العراقيين العاديين ينتقل من
سيء إلى أسوأ، وإن الصراع في
البلاد يسبب لهم معاناة هائلة.
وسألت لجنة الصليب الأحمر
المدنيين العراقيين عمّا يتعين
فعله لمساعدتهم. وجاءت إحدى
الإجابات التي أوردها التقرير
على لسان امرأة قالت "إن
العراقيين بحاجة إلى المساعدة
في جمع الجثث الملقية في
الشوارع أمام منازلنا كل
صباح". يقول بيير
كرايهينبوهيل، مسوؤل اللجنة،
إن الجواب (جواب المرأة
العراقية) كان له بمثابة الصدمة.
وأضاف: "إن المعاناة التي
يتحملها الرجال والنساء
والأطفال العراقيون اليوم لم
تعد تحتمل ولم تعد مقبولة،
فأرواحهم وكرامتهم تتعرض للخطر
باستمرار". وأوضح التقرير
بجلاء أنه لا الحكومة العراقية
ولا قوات التحالف قامت بما يكفي
للتغلب على هذا الوضع حتى
الآن". كما
أشار التقرير إلى المشاكل
التالية : تدهور الرعاية الصحية
في العراق وأن البنية الأساسية
لإمدادات المياه العذبة والصرف
الصحي والكهرباء في حالة يرثى
لها, كما تم رصد نقص المواد
الغذائية في بعض المناطق وتفيد
الأنباء بتزايد حالات سوء
التغذية.
* كشف تقرير صحي أمريكي (مايو2007) أعدته منظمة
"أنقذوا الأطفال" أن نسبة
بقاء الأطفال على قيد الحياة في
العراق حتى ما بعد سن الخامسة،
قد تراجع بشدة منذ العام 1990،
ليحتل هذا البلد ذيل الترتيب
العالمي خلف مجموعة من أفقر دول العالم مثل بتسوانا
وزمبابوي، بعدما تضاعفت وفيات
الأطفال فيه مرتفعة بنسبة 150
في المائة. كما
أكد التقرير أن طفلاً من بين كل
ثمانية أطفال
في العراق يموت قبل أن يبلغ سن
الخامسة، نتيجة الأمراض
والعنف، وتوجه بالنقد اللاذع لحكومة بغداد التي اتهمها بإهمال
القيام بأي جهود في سبيل تحسين
أوضاع الأطفال. وحسب التقرير فقد شهد العام
2005 وفاة 122 ألف طفل عراقي.
*
أعلن مكتب المفوض السامي لشؤون
اللاجئين العراقيين في الأمم
المتحدة (مايو 2007) إنّ ما لا يقلّ
عن مليوني
عراقي نزحوا داخل بلادهم فيما
وجد 2.2 مليونا آخرين ملجأ في
الدول المجاورة. وحذرت
وكالة غوث اللاجئين التابعة
للأمم المتحدة من أنّ الوضع في
العراق "مستمر في التردي" ، ومازال العراقيون محرومين
من جزء كبير من الخدمات الاجتماعية.
*
كشف تقرير لمكتب المحاسبة
التابع للحكومة الأمريكية عن
فقدان ما بين 100 آلف و 300 آلف
برميل يوميا من إنتاج النفط
العراقي على مدى الأعوام
الأربعة الماضية حسب صحيفة
نيويورك تايمز يوم السبت 12-5-2007.
ونقلت الصحيفة عن التقرير قوله
إن كميات النفط المفقودة ضاعت
أما بفعل الفساد، أو بسبب
عمليات التهريب. ويشير التقرير
إلى أن قيمة هذا النفط تتراوح
بين خمسة و15 مليون دولار أمريكي
يوميا.
*
أعلنت المنظمة الدولية لمراقبة
تهريب المخدرات 12-5-2005 في مقر
الأمم المتحدة في فيينا بأن
العراق علي وشك أن يصبح محطة
عبور (ترانزيت) لنقل الهيروين
المصنع في أفغانستان إلى أوروبا
عبر إيران. وقال رئيس المنظمة
حميد غودسي خلال مؤتمر صحافي إن
الهيروين والمخدرات المستخرجة
من الأفيون الذي يزرع في
أفغانستان تنقل عبر العراق إلى
الأردن، حيث ترسل إلى الأسواق
في أوروبا الشرقية والغربية.
وأضاف أن هذا الوضع أصبح ممكنا
بفعل الوضع الداخلي في العراق،
حيث تنعدم المراقبة على الحدود
ويمكن أن يدخل المهربون إليه
بزي حجاج. من جهة أخرى كشفت
مصادر عراقية لصحيفة
الإندبندنت البريطانية 23-5-2007 عن
أن المزارعين
في جنوب العراق بدءوا في زراعة
نبات الخشخاش, الذي يستخدم
في إنتاج مادة الأفيون المخدرة, الأمر الذي أثار
مخاوف من احتمال أن يتحول
العراق إلي منتج رئيسي آخر للمخدرات علي مستوي
العالم إلي جانب أفغانستان.
وأوضحت المصادر أن
المزارعين علي امتداد نهر
الفرات, خاصة في مدينة
الديوانية بجنوب بغداد, قد توقفوا
عن زراعة محصول الأرز, الذي
اشتهرت به المنطقة, ويزرعون
الخشخاش بدلا منه.
* أشار تقرير لمؤسسة أوكسفام الدولية (يوليو
2007) أن الجوع والمرض ينتشران
بشدة في العراق, مما ينذر بوقوع
أزمة إنسانية متفاقمة. وأشار التقرير إلى أن 28% من الأطفال
العراقيين يعانون سوء التغذية
وأن 15% من العراقيين لا يملكون
عادة ما يكفيهم من الطعام، فيما
لا يتحصل 70% على مياه شرب نظيفة.
وتزيد هذه
المعدلات بشكل حاد عن المعدلات
المسجلة في عام 2003. ونقلت وكالة
رويترز عن جيريمي هوبز مدير
أوكسفام قوله: لقد زاد سوء
التغذية بين الأطفال بصورة
كبيرة وليس بمقدور الخدمات
الأساسية التي خربتها سنوات
الحرب والعقوبات تلبية
احتياجات الشعب العراقي.
*
في مسح أجرته مجموعة
استشارية بحثية تعمل في مجال
الموارد البشرية Mercer ومقرها في لندن ونشر في (مايو 2006) جاءت بغداد
في المركز الأخير في قائمة
تصنيف مدن العالم وفقا لنوعية
الحياة، فيما جاءت مدينة زوريخ
في المرتبة الأولى، نشرت
دراسة المسح وكالة أنباء IRIN التابعة
لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق
الشؤون الإنسانية. وتصنف
المجموعة الاستشارية البحثية، Mercer،
نوعية الحياة في المدن بناء
على 39 مؤشرا تتراوح ما بين
الاستقرار السياسي إلى الظروف
التربوية والبيئية، كما تشمل أيضا مدى توافر
المطاعم وخدمات النقل والمراكز
الصحية.
هذا
غيض فيض, وأمثلة محدودة مما لحق
بالعراق من تدمير وخراب وما
أصاب العراقيين الأبرياء
من بؤس والآم ومعاناة يصعب
وصفها, هذا عدا عن تدمير النسيج
الاجتماعي ونشر ثقافة القتل
والعنف والتفجير والإرهاب
والذي دخل العراق مع الاحتلال
ونما وترعرع في ظلاله. دمرت
المؤسسات التعليمية والصحية
وانتشر الخوف والرعب وعصابات
الخطف والاعتداء على الأنفس
والأعراض وغير ذلك كثير. إن
مأساة العراق فادحة ومصابه جلل.
على العالم عموما والغرب خصوصا
والذي ينشغل بإحياء ذكرى أحداث
الحادي عشر من سبتمبر أو ضحايا
الحرب العالمية الثانية أن يشعر
بالعار وهو مشارك في صنع مأساة
العراق إما بالفعل كحال أمريكا
وحلفاؤها أو بالصمت المشين وعدم
تجريم مهندسي ومنفذي وقيادي
الاحتلال والسعي لمحاكمتهم.
على
المقاومة والأحزاب الوطنية
العراقية بكافة توجهاتهم
وانتماءاتهم عدم الاكتفاء
بالمطالبة بخروج القوات
الأمريكية فحسب، بل الإصرار
بجانب ذلك على المطالبة باعتذار
وبتعويضات أمريكية لإعادة بناء
ما دمرته أمريكا وحلفاؤها. لقد
دفع العراق للكويت لحد الآن
أكثر من 48 مليار دولار تعويضا عن
احتلال نظامه "غير
المنتخب" لمدة لم تتجاوز ستة
أشهر، فكم يستحق العراق الذي
تعرضت بنيته التحتية للتدمير
المنهجي و علماءه للتصفية
ومؤسساته للحرق والنهب وشعبه
للإبادة وأشعلت الحروب والفتن
على أرضه؟ وإذا كانت أمريكا قد
ألزمت ليبيا بدفع تعويضات
مقدارها عشرة ملايين دولار عن
كل ضحية من ضحايا لوكربي، فكم من
المليارات يستوجب عليها أن
تدفعهم للأبرياء في العراق
الذبيح؟
ما
يزال العراق وهو يرزح تحت
الاحتلال لسنوات يدفع
التعويضات عن احتلاله للكويت
لأشهر، أليس من المنطق والإنصاف
أن تسدد أمريكا والتي دمرت
العراق واحتلته عبر مؤسساتها
المنتخبة تعويضات عن الخراب
والمعاناة والبؤس التي أنزلتهم
بهذا البلد المنكوب؟ قد يرى
البعض أن الحديث عن التعويضات
الأمريكية للعراق من قبيل الترف
الكلامي، غير أن من واجب أصحاب
الحقوق أن يطالبوا بحقوقهم وأن
يورثوها للأجيال القادمة،
فالحقوق لا تسقط إلا بتنازل
أصحابها عنها.
لقد
سقطت في أوحال العراق القيم
الأمريكية والغربية فيما يتعلق
بحرية الإنسان وحقوقه, وبدا
العالم اليوم أقرب منه إلى
أدغال, تحكمه شريعة الغاب
وتهيمن عليه وعلى قراراته
الدولية سياسيون يتصرفون كرعاة
بقر وقطاع طرق. أليست هذه
الأجواء الظالمة والسياسات
الموغلة في البطش والانتهاكات
هي الظروف الموائمة لنشوء ونماء
ثقافة القتل والتفجير والتدمير
اليائس. من المنطقي إذا أردنا أن
نحصي جرائم أمريكا وتجاوزاتها,
أن يكون على رأس القائمة
الطويلة الإرهاب والإرهاب
المرتد كردة فعل عن إرهابها
وظلمها وبطشها.
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|