ــ
مواقفنا
نحو المضامين السيئة للرسوم
المسيئة للنبي
الكريم
د.
خالد عبد الرحمن الشايع
استاء أهل الإسلام من
المحاولات المتكررة للإساءة
لرسول الله محمد صلى الله عليه وسلم من
قبل عدد من الاشخاص غير
المسلمين، وخاصة من المنتسبين
للكتابين
المقدسين التوراة والانجيل،
وسبيلهم في هذه المحاولات رسوم
ساخرة او محاضرات ومؤلفات او غيرها،
ويساعدهم في ذلك بعض وسائل
الإعلام، وخاصة في أوروبا
وأمريكا.
وكان من آخر هذه المحاولات ما
اقدم عليه رسام سويدي من رسم صور
مسيئة يحاول الرمز بها لشخص النبي
الكريم محمد صلى الله عليه
وسلم، وحاول عرضها في أوائل
أغسطس
2007بمتحف "هيمسبوقدقارد"
السويدي للفنون، وبادر المتحف
بفرض نشرها لاعتبارات عديدة، الا ان صحيفة نيركس
أليهندا (Nerikes Allehanda) المحلية تجاهلت المضامين السيئة
لمحاولة الرسام السويدي فلبت له
نشر تلك الرسوم المسيئة في 18اغسطس.
ولا ريب ان هذا العمل مما يتنافى مع
مبادئ وأسس الشرائع السماوية
التي جاءت باحترام
الانبياء
وتنزيههم عما يسيء اليهم، قال
الله تعالى في القرآن العظيم: (قولوا
آمنا بالله وما أُنزل إلينا وما
أُنزل إلى إبراهيم وإسماعيل
وإسحاق ويعقوب والأسباط وما
أُوتي
موسى وعيسى وما أُوتي النبيّون
من ربهم لا نفرق بين أحد منهم
ونحن له مسلمون).
(سورة البقرة، الآية: 136).
كما توعد الله جل
وعلا كل من وقف موقف العداء
والإساءة للرسل الكرام فقال سبحانه:
(من كان عدواً لله وملائكته
ورسله وجبريل وميكال فإن الله
عدو للكافرين). (سورة البقرة، الآية: 98). الى غير
ذلك من الآيات الكريمة التي
تبين مكانة الأنبياء
وسوء
عاقبة من اعتدى عليهم أو أساء
إليهم.
وما احسن ما قاله
شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه
الله - إذ قال: وإذا استقصيت قصص الأنبياء
المذكورة في القرآن تجد أممهم
إنما أهلكوا حين آذوا الأنبياء
وقابلوهم بقبيح القول او العمل، ولعلك لا
تجد احداً آذى نبياً من
الأنبياء ثم لم يتب الا ولا
بد
ان يصيبه الله بقارعة. كما ان
تلك الرسوم المسيئة والاعمال
الساخرة بالنبيين مما تمنع منه التشريعات الإنسانية
والدساتير الدولية لما فيه من
الاعتداء المعنوي على
الآخرين،
بل على أشرف البشر، وهم الرسل،
بل على سيدهم وسيد الخلق أجمعين
محمد صلى الله عليه وسلم، ونذكر في هذا
المقام بالقرار الذي تبنته لجنة
حقوق الإنسان التابعة
للأمم
المتحدة (بتاريخ 1426/3/3ه - الموافق
2005/4/12م) الداعي الى محاربة تشويه الاديان، لا سيما الإسلام،
بسبب تكرر الاساءة الى مقدسات
المسلمين. ومن جملة ما
يدعيه
اصحاب هذه الاساءات ومن ينشر
اساءاتهم انها داخلة في إطار
حرية الإعلام والتعبير عن الرأي، وهذا
الادعاء غير صحيح؛ ذلك ان
الاعلام له اخلاقيات يجب
التزامها،
ومن هذه الاخلاقيات عدم الاساءة
غير المبررة للآخرين، كما ان
التعبير عن الرأي ليس على اطلاقه بل انه
يقف عن حدود الاخلال بحقوق
الآخرين، ومن اعظم حقوق
الآخرين
مراعاة كرامتهم الإنسانية مهما
كانت منزلتهم، فكيف اذا كانوا
من اكرم الخلق وهم الرسل عليهم السلام، فكيف
بمقدمهم وخاتمهم محمد صلى الله
عليه وسلم. مع ان
الواقع
بين ان دعاوى حرية الاعلام
والتعبير عن الرأي لدى تلك
الوسائل الإعلامية ينقضها ما يشاهده العالم من
ازدواجية المعايير بحسب
المصالح والشخصيات. وان من
العجيب
ان الذين تتابعوا على محاولة
الاساءة للمقام العالي الشريف
والجناب السامي الرفيع (جناب سيدي محمد رسول
الله صلى الله عليه وسلم) هم من
المنتسبين لشريعة
المسيح
عيسى بن مريم، عليه وعلى أمه
افضل الصلاة واتم السلام، كما
شاهدنا في قضايا الرسومات المسيئة الدنمارك
وصحافتها وبعض الصحف
الاوروبية، ثم من رئيس الكنيسة
الكاثوليكية،
ثم اليوم من الرسام والصحيفة في
السويد. وهؤلاء لو كانوا صادقين
في التزام شريعة المسيح وكتابه
المقدس لكانوا من المتابعين
والمستجيبين لمحمد رسول
الله
صلى الله عليه وسلم كما اوصى
المسيح، وهو ما جاء مبيناً في
قول الله تعالى: (وإذ قال عيسى ابن مريم يابني
إسرائيل إني رسول الله إليكم
مصدقاً لما بين يدي من
التوراة
ومبشراً برسول يأتي من بعدي
اسمه أحمد فلما جاءهم بالبينات
قالوا هذا سحر مبين) (سورة الصف، الآية: 6). ومن
وقف على النسخ الصحيحة من
الانجيل فسيجد البشارة
من
المسيح عليه السلام بأخيه محمد
صلى الله عليه وسلم والأمر
باتباعه، بل ان الكتب المقدسة للأنبياء وبلاغاتهم
جميعاً لأممهم فيها الامر
بتصديقه واتباعه ونصره، كما
اخبر
الله بذلك في الكتاب المقدس
المهيمن على ما سبقه من كتب وهو
القرآن الكريم، وهو قوله جل وعلا: (وإذ أخذ الله
ميثاق النبيين لما آتيتكم من
كتاب وحكمة ثم جاءكم
رسول
مصدق لما معكم لتؤمنن به
ولتنصرنه قال أأقررتم وأخذتم
على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم
من الشاهدين) (سورة آل عمران،
الآية: 81). وقوله
تعالى:
(الذين يتبعون الرسول النبي
الأمي الذي يجدونه مكتوباً
عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف
وينهاهم عن المنكر ويحل لهم
الطيبات ويحرم عليهم الخبائث
ويضع
عنهم إصرهم والأغلال التي كانت
عليهم) (سورة الأعراف، الآية: 157).
فيجب علينا أهل الإسلام ان نقف مواقف صدق
تكون حكيمة وحضارية للاسهام في
التعريف برسول الله
محمد
صلى الله عليه وسلم تعريفاً
يمنع كل جاهل من الاساءة اليه او
تنقصه، وان ندرك ان متابعتنا لرسولنا صلى الله
عليه وسلم والاستمساك بسنته
والعمل بها من أعظم مظاهر
الايمان
به، وهو ما يغيض الاعداء
والحاسدين، وهذه المتابعة
والنصرة هي منزلة الفلاح التي قال الله عن أهلها: (فالذين
آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا
النور الذي أنزل
معه
أولئك هم المفلحون) (سورة
الاعراف، الآية: 157). والله نسأل
ان يهدي كل ضال الى سواء السبيل، وان يجعلنا من
انصار نبيه وخدام دينه.اللهم
وصل وسلم على عبدك ورسولك
محمد
ما تعاقب الليل والنهار، وصل
الله عليه وسلم كلما ذكره
الذاكرون الأبرار، بمنك وكرمك، وآخر دعوانا أن الحمد
الله رب العالمين.
*الأمين المساعد للبرنامج العالمي
للتعريف بنبي الرحمة صلى الله
عليه
وسلم
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|