ــ
سورية
...ماذا ينتظرها ؟!.
د.نصر
حسن
مابين انتهاك الأجواء
الوطنية السورية المتكرر صباح
مساء , ومابين انتهاك النظام
كرامة المواطن السوري المستمر ,ومابين
تناقضات الوضع المعاشي والأمني
والسياسي المهينة في سورية ,
ومابين طقوس الفساد التي ترخي
بظلالها على حياة الناس بكل
جزئياتها ومفراداتها, ومابين
عطالة النظام السياسية
والوطنية التي طالت الدولة
كمؤسسة جامعة للمواطنين ,ومابين
عطالة جهازالنظام وقصوره وفشله
في الدفاع عن الكرامة الوطنية
والسيادة , ومابين عطالة
الأجهزة التنفيذية الأساسية
القائمة عليها بقايا الدولة
السورية , ومابين عطالة وتعطيل
آليات المجتمع المدني والحقوق
إنساني والثقافي , ومابين عطالة
قوى التغيير ودورانها في شباك
مساجلة النظام وعجزها عن إحداث
اختراق سياسي يشد الحالة العامة
المشلولة في البلاد , ومابين
وصفية أكثرية المثقفين
والمفكرين السوريين وبعدهم عن
هموم الشارع السوري ودورانهم في
جزئيات حقوقية وسياسية وثقافية
ليست من محددات أزمة الشعب
الأساسية , ومابين وضع إقليمي
خطير منفجر ومتشظي عشوائياً في
كل الإتجاهات , ومابين وضع دولي
يعطي "الحلول " بالقطارة
لتعمي بدل أن تشفي , جرعات
مدوزنة لمنطقة فقدت دورها بمعية
رؤساء فاقدي الشرعية الوطنية
والسياسية وفاقدي قدرتهم على
المشاركة ولو بقدر يسير بحلول
تنتشل البلاد والعباد من حالة
اليأس والإحباط والهامشية , وكل
مافي وسعهم عمله هو التسول
والإنتظار على بوابات القرارات
الدولية التي تفعل فعلها في
المنطقة تخريباً طولاً وعرضاً ,
ومابين حالة صمت مذل للنظام عن
كل مايعيشه الشعب وعن كل مايجري
من مآسي على مستوى سورية
الداخلي والخراب الإقليمي
وعنجهية بدون رادع حيث تدق طبول
حروب أخرى ينساق إليها النظام
مكابراً بتهافته وسكوته عن
تقديم التوضيحات الضرورية
للمواطنين واستمرار تغييب
الحقيقة عن الشعب , وعلى خطى
استمرار النظام بتعنته وتشبثه
بسياسته الفاشلة داخلياً
وعربياً وإقليمياً , هو بهذا
الشكل أو ذاك يشارك مباشرةً
بدفع سورية نحو الهاوية ,نحو
الإنهيار الذي بات آخر محطة في
قطار النظام الذي يتحرك بفوضى
تعم المنطقة هي الأخرى , مابين
كل هذا وذاك يكبر الخوف والقلق
من تكرار المشهد المر المأساوي
لإنهيار الدولة السورية ,والنظام
لازال يتفرج ويهذي ويصمت على
الكثير من الإنذارات المتناقضة,
بعضها تحذيرية بحجم الكارثة
يطلقها الشعب السوري,وبعضها
تخريبية يطلقها أصحاب المشاريع
التي تريد تحطيم الدولة عبر هذا
النظام المتهالك المكابر
الفاقد للمسؤولية , حيث ترى في
ضعفه وبؤسه العبٌارة التي
توصلها إلى العبث باسس المجتمع
الداخلية وكيان الدولة السورية
التي أوهنها النظام السوري بشكل
لاسابق له.
مابين هذا وذاك , ودمشق
المخنوقة من نظامها وأزماتها
الداخلية التي أفرزها نظام فاسد
شاذ ليس له شبيه في العالم ,
متماسك بفساده وقمعه وولاءاته ,ومهما
زيفها وغطاها بمنظومة من
الشعارات السياسية والوطنية
والتحريرية ,هي بمحصلتها العامة
أوصلت الشعب السوري إلى الحضيض ,
معاشياً وحقوقياً وإنسانياً
وسياسياً ,والأخطر منها هو
ماتنتجه مثل هذه الحالة من
إضعاف قدرته على الصمود في وجه
أية هزة خارجية مغيباً عنها
ومهمشاً فيها ومجروراً إليها ,وغير
عالم بمفرداتها وأولوياتها
ونهاياتها وأهدافها في آخر
المطاف ,غني عن القول أن حجم
القمع ومصادرة الحريات
والتجويع والتركيع والإقصاء
وإبعاد وتهميش الشعب وحصار
مفكريه ومثقفيه وسياسييه
وإصلاحييه عبر عشرات السنوات ,
قد كسر الإرادة الوطنية وأفرز
حالة آنية مخيفة من الوهن العام
وهي جد خطيرة ومقلقة في الظروف
الراهنة , حالةإستقرار غياب
المشاركة في الحياة العامة
ويخشى أن تكون كذلك حتى في حالة
حصول مانتمنى أن لايحصل.
يبقى بعض المخرج من هذه
الحالة النفسية السلبية
والمعاشية الخانقة اليومية
والضعف المهينة التي يستمر
النظام فيها بحصار الشعب ضمن
محدداتها واحتمالاتها
وسراديبها, عازفاً على الخراب
الذي يتناثر والدماء التي تسيل
على الساحة الإقليمية , ومبشراً
بها في حالة نقده أو رفضه أو
محاولة إيجاد البديل
الديموقراطي القادر في ظروف
سورية الداخلية الراهنة من
الحفاظ على السلم الأهلي
والروابط الوطنية التي تحفظ
كيان الدولة ووحدة المجتمع من
التمزق والإنهيار , يبقى المخرج
أو بعضه الذي يشكل عملاً
إسعافياً وطنياً وأخلاقياً
للمعارضة السورية بكافة
فصائلها التي تتبنى
خيارالتغيير الوطني
الديموقراطي أن تقوم به على وجه
السرعة بوحدتها تحت المطلب
الديموقراطي والتحرك لحماية
الدولة والسيادة بأن تخطو خطوات
عملية جديدة تلامس الجرح العام
وبخطاب يتجاوب معها الشعب
السوري , خطوة جديدة عملية
تتجاوز وصف النظام الذي لايوصف ,
إذ هو لضحالته وسوءه أصبح
صندوقاً عجيباً يخبئ في داخله
أصنافاً من الفساد والقمع وعدم
المسؤولية بمالا يحصى ومالا
يخطر على بال عتاة الفساد
والديكتاتورية في كل العصور ,
وعليها أيضاً تجاوز وصف مايحدث
في المحيط الإقليمي لسورية ,
والقرب أكثر من حقيقة المشكلة
الوطنية بخطاب ميداني مفهوم
ومحدد بسقف زمني والإبتعاد عن
الإملاء والإنشاء , فظروف
النظام ومعه سورية أصبحت واضحة
وقد وصلت حد البغاء!.. عليها أن
تقترب أكثر من الشارع والبيت
والسجن والشباب والكبير
والصغير ولقمة عيش الشعب التي
أصبحت مغموسة بالذل والإهانة
بشكل لم يعرفه الشعب السوري في
تاريخه كله .
لم تعد النصائح مجدية ولم يعد
الوصف والتحليل مجدي , ولم تعد
البيانات والخطابات اللفظية
تحرك الناس , ولم يعد تكرار
الكلام وحده يشبع فقيراً أو
يحرر سجيناً أو يحمي وطناً أو
يعطي أمناً أو حتى يهز نظاماً , فلابد
من حسم القرار السياسي على
مستويين داخلي وخارجي , باتجاه
الخروج من الدائرة التي هي فيها
, باتجاه خلق بدائل وطنية حقيقية
لها سند وظهر وليست يتيمة ,
مصدرها الأساسي هو واقع الشعب
السوري نفسه وإظهار قدرة
وديناميكية على صياغته سياسياً
بشكل يتبناه الشعب ويحميه
ويرتبط به ويأخذه مطلباً
ودليلاً , باتجاه خيارات عملية
قادرة على تحريك سكون الحياة
العامة وركودها واستكانتها تحت
مطرقة القمع والخوف والجوع
وهذيان الصمود والرد المناسب في
الزمن المناسب الذي أضاعت عمرها
الأجيال ولم تحن المناسبة بعد ,
خيارات جامعة قادرةعلى تعبئة
الشعب كله في مواجهة وضعه
المتردي الذي يمثله النظام ,خيارات
وبرامج عملية يشارك هو في
إنتاجها, تشده ويتفاعل معها
ويشعر أنها أمانه وكرامته
وإنسانيته ووحدته ومستقبله
وتقويته لدفع فاتورة خلاصه مرةً
واحدة ً .
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|