ــ
ومضات
محرّضة:
لانأسف
لعدم محاربتنا للنظام ، لكن
نأسف لعدم تمكّننا من إسقاطه!
عبدالله
القحطاني
( بين
يدي المساعي الجادّة ، لقوى
المعارضة السورية.. لإسقاط نظام
الفساد والاستبداد !)
هذه أمور، نذكرها اليوم ، لا
لمجرّد استعادة الذكرى المرّة ،
بل لاستعادة بعض الحقائق ،
ووضعها أمام القاصي والداني ،
من أبناء سورية ، وغيرهم ،
لاسيّما مَن كانوا ينظرون إلى
الأحداث نظرة مجتزأة ، أو
مشوّهة ، ويحمّلون الإخوان
مسؤولية ماجرى ، في تلك المرحلة
، من تاريخ سورية ، في ظلّ هذا
الحكم الأسود الشاذّ ..! ولا سيما
أن الحملة ، اليوم ، لإسقاط هذا
النظام الفاسد ، قائمة على قدم
وساق ، ويقال حولها كلام كثير،
وتقلّب لأجلها ،أو بسببها ،
صفحات كثيرة ، من صفحات
التاريخ الحديث ، لسورية ،
وشعبها ، وقواها السياسية ،
والإسلامية منها ، على وجه
الخصوص..! ومن حقّ كل مواطن سوري
، أن يعرف حقيقة ماجرى في بلاده
، وحقيقة النظام الذي يحكمه ،
اليوم ، وما يجب عليه فعله ، في
مقاومة هذا السرطان الخبيث ،
الذي يفتـك به ، وبوطنه ، وشعبه
.. منذ مايزيد على أربعين عاماً
..! فنقول ببساطة :
1) لانلوم
أنفسنا، نحن الإخوان المسلمين
في سورية ، على معارضة هذا
النظام ، الفاسد المفسد البشع ..
وقد عرف شعب سورية ، اليوم ، وفي
مقدّمته ساسته ومثقفوه ، طبيعة
هذا النظام ، الذي صار يحتاج ،
اليوم ، إلى جهود جبّارة
لإسقاطه ، وتحرير البلاد منه ،
وإنقاذ العباد من ويلاته !
2) إذا كنا
نلوم أنفسنا ، في هذا المجال ،
فعلى عدم تمكّننا ، وتمكّن
شعبنا معنا ، من إسقاط هذه
العصابة ، حتى اليوم ، بعد كل ما
فعلته بالبلاد والعباد ، من سحق
وتخريب ودمار !
3) لانلوم
أنفسنا على عدم محاربتنا للنظام
بالسلاح ، لأن لحمل السلاح
مقتضيات كثيرة ،
وطنية ، وإنسانية ، وسياسية..!
(وفكرية منهجية ؛ فدعوة الإخوان
، منذ أسّست ، لها منهج واضح
أصيل ، لاتحيد عنه ـ إلاّ مايمكن
أن يمارسه أفراد يحسَبون عليها
في مرحلة ما ، من أخطاء فردية ،
يرتكبونها ويحاسبون عليها ،
بالفصل من الجماعة ـ وهذا هو
ديدنها ، في العهود المتعاقبة ،
في مصر ، وسائر الدول العربية
والإسلامية، التي وجدت فيها
دعوة الإخوان المسلمين . وكل
مازيّفته ضدّها أجهزة
استخبارات الأنظمة المستبدّة
من إشاعات ، وماروّجته من
أضاليل ، ثبت زيفه مع الزمن ،
على ألسنة بعض سدَنة الأنظمة
التي حاربت الإخوان ، ومارست
ضدّهم أقسى أنواع العنف
والاضطهاد ! ومن شاء فليرجع اإلى
ماكتبه بعض سدنة النظام المصري
، في عهد عبد الناصر، من أمثال
حسن التهامي ، الذي كان أحد صناع
القرارات الأمنية العليا، في
عهد عبد الناصر.. ضدّ الإخوان
خاصّة ! أمّا تاريخ الإخوان في
سورية فمعروف، منذ تأسيس
جماعتهم في أواسط الأربعينات ،
من القرن المنصرم ! فهم لم
يحملوا السلاح قطّ ، في مواجهة
أيّة سلطة وطنية ، طوال تاريخهم
! وما ألجأهم إلى حمله في أواخر
السبعينات وأوائل الثمانينات ،
إلاّ عسف السلطة وطغيانها ،
وتعمّدها فتح جبهة مع الحركة
الإسلامية ، لاستئصالها ! وقد
أكّد حافظ أسد ، على ضرورة
استئصال جماعة الإخوان في سورية
، بشكل واضح وصريح ، في إحدى
مجلاّت حزب البعث ، التي كانت
تصدر في أواسط الستينات ، ولمّا
يمضِ عامان على استلام حزب
البعث السلطة ، في سورية !)
4) ماينبغي
قوله ، في هذا الصدد ، إنّما هو
مجموعة من الأمور الأساسية ،
نقولها للساسة في بلادنا ،
وللمؤرّخين ، ولشعبنا كله ،
وللأجيال التي لم تشهد تلك
المرحلة، من أبناء الحركة
الإسلامية ، ومِن غيرهم ، وحتى
من أبناء الطائفة التي تَحكم
أسرة أسد البلادَ باسمها ، ومن
أبناء الحزب ، الذي يتستر آل أسد
وراءه .. ويمسحون بشوارب منتسبيه
، كل مايستطيعون مسحَه ، من
جرائمهم المخزية ، بحقّ سورية
وشعبها !
ومن أهمّ هذه الأمور :
• لمْ
يحارب الإخوان المسلمون ،
النظام الحاكم في سورية ، برغم
تبجّحه ، وادّعائه ، بأننا
حاربناه .. فانتصرعلينا !
• ولو
حاربْنا النظام ، بل لو كانت
لدينا نيّة محاربته ، أصلاً ،
لما كانت الأمورعلى ماهي عليه
الآن .. أي :
ـ لما كان الألوف من إخواننا ،
بين سجين وقتيل وشريد !
ـ ولما كان أزلام النظام ، قادرين
على اقتحام بيوتنا ، وأماكن
عملنا ، واعتقال رجالنا ونسائنا
، من غرف نومهم ، أو من أماكن
أعمالهم .. لأن من ينوي خوض الحرب
، لايترك عناصره تحت رحمة عدوّه
، يقتلهم كمايشاء ، ويعتقلهم
متى أراد ! إذن لكان القادرون
على حمل السلاح ، حملوه ، دفاعاً
عن أنفسهم ، وأهليهم ، وبيوتهم..!
ولكان غير القادرين على القتال
، تواروا عن الأنظار، ولم
يمكّنوا عدوّهم مِن قتلهم ، أو
اعتقالهم ! (ولقد عرفت ساحات
القتال في فلسطين ، منذ
الأربعينات من القرن المنصرم ،
من هم الإخوان المسلمون ، الذين
توافدوا إليها من مصر وسورية
وسائر الدول العربية .. وكيف
يحاربون عندما يقرّرون دخول
الحرب ! وليرجع مَن شاء ، إلى
الكتب التي أرّخت لحرب فلسطين /عام
1948 ) !
ـ ولَما كان الإخوان ، وأهلوهم ،
وأقاربهم .. تعرّضوا ( لمحاكم
التفتيش!) ؛ إذ كان بعض
المواطنين الذين يعتقلون ،
ويسارع أحدهم إلى إخبارعناصر
المخابرات ، بأنه سكّير، أو
حشّاش ، أو مقامر، أو لصّ ، أو
زير نساء ..! ينجو من الحبس
والتعذيب في كثير من الاحيان .. !
فهذه كلها ، شهادات حسن سلوك ،
لدى زبانية الأمن ، تدرأ عن
صاحبها الاعتقال والتعذيب
والقتل ! والطرائف حول هذه
الأمور كثيرة ، ماتزال ماثلة في
ذاكرة كل من عاش تلك المرحلة ،
وتعرّض لهجمات الزبانية ،
ومداهماتهم ، وتحقيقاتهم ،
وسياطهم ! ( ومن الجدير بالذكر،
أن هذه الأخلاق الرفيعة ،
المذكورة آنفاً ، ماتزال تعَـدّ
شهادات حسن سلوك ، حتى اليوم ،
لدى الرفاق ، تشهد لصاحبها،
بأنه مؤهّل لاستلام وظيفة
في الدولة ، أو مؤهّل للدخول في
كليّة عسكرية !).
ـ ولَما كان المئات ، من القادرين
على حمل السلاح ، غادروا بلادهم
لاجئين .. بل لحملَ كل منهم سلاحه
، وقاتل حتى الموت !
*
لقد بات كل مَن لديه اهتمام
بالشأن السوري ، ممّن عاشوا تلك
المرحلة ، يعرف أن الإخوان
استدرِجوا ، إلى معركة لم
يخطّطوا لها ، بل لم يفكّروا
فيها أصلاً ! ولقد فَصلوا من
صفوفهم ، كل من وجَدوا لديه
إصراراً على حمل السلاح ، في
بداية الأحداث ، التي اشتعلت
أواخر السبعينات ، من القرن
الماضي ! ولقد جرّتهم أحداث لم
يكونوا من صنّاعها ، إلى أتون
حرب ، شنّتها عليهم السلطة ، من
طرف واحد ، حين كتِب على جدران
مدرسة المدفعية ، اسم الجهة
التي نفذت العملية .. وأنها (الطليعة
المقاتلة للإخوان المسلمين !).
ولمّا كانت الطليعة المقاتلة ،
غير معروفة لأجهزة المخابرات ،
فقد باشرت هذه الأجهزة ،
الاعتقالاتِ ، في صفوف الإخوان
المسلمين !
* قرار
الإخوان ، بحمل السلاح ، في
أواخر السبعينات ، جاء دفاعاً
عن النفس ، بعد أن بلغ سُعار
السلطة أقصى مداه ، في الاعتقال
، والقتل ، والمداهمة ،
والمطاردة ، والتعذيب.. لهم ،
ولأهليهم ، ولأقاربهم ،
ولأصدقائهم .. !
* مجزرة
حماة ، كانت لعبة استدراج
شيطانية ، مارستها السلطة ؛ إذ
كانت تتربّص بهذه المدينة
الباسلة المنكوبة ، من سنوات
عدّة ، وتتحيّن الفرص لتدميرها
، وتحاصرها حصاراً خانقاً ، جعل
أهلها يفضّلون الموت ، على
القهر والذلّ ، والحصار القاسي
الطويل ! وكان الإخوان يعارضون ،
أصلاً ، تعريضها للدمار، حتى لو
انسحب كل من فيها ، من الإخوان
وأنصارهم !
5) الواجب الملقى ، اليوم ، على
عاتق أبناء سورية ، بات معروفاً
، لكل سوري يحسّ بأن كرامته
مهدورة ، وبأن قوت أطفاله منهوب
، وبأن أرض بلاده مستباحة من
النظام الحاكم ، ومباحة
للصهاينة ، في ظلّ حكم (الأسود
الأشاوس !) من أسرة آل أسد ! ولم
يعد لمواطن حجّة ، مهما كان
موقعه في بلاده ، بأن يتذرّع
بالجهل بطبيعة هذا النظام ،
وبعدم رؤية مايفعله ، هو
والصهاينة من ورائه .. بسورية ،
وشعبها ، وسيادتها ، وكرامتها ،
وتاريخها!
ولتعلـمُنّ نبَـأه بَعدَ حين .
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|