ــ
ومضات
محرّضة :
برّأه
الله من جرائم مخزية ، فأصرّعلى
حَملها .. فمَن هو!؟
عبدالله
القحطاني
لو طرِح السؤال في مسابقة ، أو
امتحان ، وأعطيت للطلبة
اختيارات معيّنة ، ليختاروا
واحداً من بينها ، مِثـل :
هل هو : ـ راعي بقر، في إحدى
الغابات المعزولة المجهولة !
ـ إنسان متوحّش من عصور ما
قبل التاريخ !
ـ نزيل أحد مشافي الأمراض
العصبية والعقلية !
ـ رئيس جمهورية ، في دولة
عريقة متحضّرة !
نقول : لوطرِح السؤال هكذا ،
وأعطيت للطلبة هذه الخيارات ،
فمَن منهم يختار الجواب الرابع
!؟
لكن هذا ليس سؤالاً يطرح على طلبة
ـ أغبياء .. أو أذكياء ـ في
المرحلة الابتدائية .. إنه واقع
حيّ ، بكل غرابته ، وغلظته ،
وشذوذه !
إن
المخلوق المسؤول عنه ، الغريب
الشاذّ ، شخص حيّ ، يعيش في
عالمنا الراهن ، ويحكم دولة
عريقة متحضّرة ، بل مبدعة
للحضارة ، مصدّرة لها !
هل نحن بحاجة إلى ذكر اسمه
وعنوانه ، والدولة التي يحكمها
!؟ لا نرى ذلك !
حسْبنا أن نذكر بعض جرائمة
الشاذة ، التي يفخر بها ،
ويعدّها مآثر.. لنعرف من هو ، أو
ليَعرف مَن لم يعرفه ، مِن قبل ،
مَن هو ! ونترك للقرّاء الكرام ،
فرصةَ معرفتِه بأنفسهم !
- إنه ورث
عن أبيه ، حكماً جمهورياً ، فرِض
بالحديد والنار! ولمّا مات أبوه
، وأوصى له بالخلافة ، على عرش
(الجمهورية!) ، عـُدل دستور
دولته ، في دقائق معدودة ،
ليناسب عمرُ الرئيس ، المنصوص
عليه فيه ، عمرَ الغلام الوريث !
إذ اجتمع مجلس الشعب ، الذي
عيّنه أبوه ، ليبصم على قراراته
، وليفديه بالروح والدم .. اجتمع
هذا المجلس ، بسرعة مذهلة ،
وعَدل دستور البلاد ، ليكون
عمرُ رئيس الجمهورية ، أربعة
وثلاثين عاما ً، بعد أن كان في
الدستور أربعين عاماً !
- وإنه
أصرّ على الاحتفاظ بسائر
(الأعداء) ، الذين خلّفهم له
أبوه ، ولم يحرص على إزالة
العداوة ، بينه وبين أيّ واحد
منهم ، أو فريق ! بَـلْهَ أن يكسب
ودّهم ، كما يفعل عقلاء الساسة ،
حين يتولّى أحدهم منصباً جديداً
؛ لاسيّما إذا كان هذا المنصب
مسروقاً ، أصلاً، أو منهوباً ،
بقوّة السلاح ، من شعب كامل ! (
أعرافُ البشر العقلاء ، جرت على
أن الحاكم الجديد ، يحرص على كسب
ودّ شعبه ، فيعفو عن السجناء ،
الذين حبسَهم سلَفه ، ويَحطّ عن
كواهل الناس ، كثيراً من
الأعباء المالية ، كالغرامات ،
والضرائب الباهظة ، ونحو ذلك !
وإذا كان قد ورث الحكم عن أبيه،
فإنه يحرص على إزالة ماعلق بهذا
الأب، وبعهده ، من آثار سيئة ،
في نفوس الناس ، إذا كان باراً
به ! أمّا المخلوق المذكور،هنا،
فيرى أن برّه بأبيه ، يقتضي أن
يحتفظ بسائر الجرائم ، التي
ارتكبها هذا الأب ، بحقّ الناس ،
لاصقةً بجبهته ، وجباه أسرته
كلها .. ويحملها هو مع أبيه
ويعتزّ بها.. ولله في خلق شؤون !) .
- وإنه
أصرّ ، على الاحتفاظ بسائر
السجناء المظلومين ، من أبناء
شعبه ، الذين وضعهم أبوه في
السجون ، لمعارضتهم نظامَ حكمه
، أو مخالفتهم له ، في الرأي ..
حين كان الابن ، مايزال في
المدرسة الابتدائية ، لم يبلغ
الحلم ، ولا يعرف شيئاً ، عن
هؤلاء المظلومين ، ولا شيئاً عن
الخلاف ، الذي كان قائماً بينهم
وبين أبيه .. أصرّ على الاحتفاظ
بهؤلاء السجناء في سجونه ،
لأنهم من تركة الوالد العزيز
الراحل !
- وإنه
حرص ، على تجريم الأبناء
والأحفاد ، تجريماً وراثياً !
فالحفيد الذي ولِد لجدّ كان
معارضاً لأبيه ، يُعدّ مجرماً ،
من لحظة ولادته ! ويحرَم من
حقوقه الوطنية والإنسانية
الإساسية !
- وإنه
أصرّ ، على الاحتفاظ بالقانون ،
الغريب ، الشاذّ الشائن ، الذي
يُعدّ لطعة عار أزلية بشعة ،
يأنف أحطّ المجرمين ، أن تلصَق
بجبينه ، أو حتى بثوبه .. ذلك
الذي سنّه أبوه ، والذي يحكم
بالإعدام ، على كل من ينتمي إلى
فصيل معيّن ، من أبناء بلده !
وسحَب هذا القانون ، على أبناء
المنتمين ، أو المتّهمين
بالانتماء ، إلى هذا الفصيل ،
وأحفادهم.. حتى لو كانوا قد
ولِدوا بعد موت أبيه ، بسنوات
عدّة ! وحتى لو كانوا قد ولِدوا
في المرّيخ ! ونورد هنا رقم
القانون ، وتاريخ إصداره .. كيلا
يَظنّ ظانّ ، من بني البشر
العقلاء ، أننا نَسوق أسطورة
خيالية غريبة ، أو نورد قصّة من
قصص ألف ليلة وليلة ! إن رقم
القانون هو : / 49/ وقد صدر في
العام : (1980) ميلادي ! وإن الناس
الذين جرّمهم القانون ، ما
يزالون بحكَمون به ، حتى اليوم !
وإن كانت أحكامه صارت توقَع
بحقّهم مخفّفة ؛ إذ يسجَن
الواحد منهم ، اثني عشر عاماً ،
تخفيفاً لحكم الإعدام !
والسجناء المحكومون الآن ،
بموجب هذا القانون الشاذّ ،
بالعشرات ، في سجون الحاكم
الابن !
فهل عرف القرّاء الكرام ، مَن هذا
المخلوق !؟ وهل هو واحد من
الأصناف الأربعة ، المذكورة
أعلاه .. أم هو من جنس آخر ، لا
يخطر على بال أحد ، من البشر
العقلاء ، أو من شياطين الإنس
والجنّ البلهاء !
لن
نَمنح ، هنا ، جائزة ، لمن يَعرف
المخلوق المذكور .. لكنا نرجو
منه ، أن يدعو دعوة صالحة ، بظهر
الغيب ، لهذه الأمّة المثخنة ،
المبتلاة ، الصابرة ، الكريمة ..
بأن يطهّرها الله ، من هذا
وأمثاله ، ومن العبيد الذين
يسبّحون بحمده ، ويفدونه بالروح
والدم ، لقاء فتات مغمّس بدماء
الأبرياء ، من أبناء وطنهم
وشعبهم وأمّتهم !
وإنّ
الأرض لله ، يورثها مَن يشاء مِن
عباده .
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|