ــ
رابطة
دعاة الخير في شام البركة
نضر
الله امرأ بلغ عنا أو نشر لنا
(ويطعمون
الطعام على حبه مسكيناً
ويتيماً
وأسيراً إنما نطعمكم لوجه الله)
أيها الأخوة المسلمون في شام البركة
تتوجه
القلوب في أيام الفضل هذه، أيام
العشر الأخيرة من رمضان، إلى
تكثيف القربات، وتواتر الطاعات.
والإكثار من العبادة للتعرض
لنفحات الله مصداقاً لقوله صلى
الله عليه وسلم (ألا إن لربكم في
دهركم نفحات ألا فتعرضوا لها..)
وكما
خص الله سبحانه وتعالى (الذين
يؤتون الزكاة وهم راكعون)
بالذكر والثناء، فإن الذين
يؤتون الزكاة ويدفعون الصدقات (وهم
صائمون) يدخلون بطريق المشاكلة
في الفضل الإلهي الذي لا يحد.
أيها الأخوة المسلمون في شام البركة
قد
نستحيي من الله عز وجل ثم من
الناس، أن يقال إن في شام البركة
جائعين!! وأن فيه من يبيت على
الطوى، وأن فيه من الأيتام
والأرامل والمساكين من لا يجد
قوت يومه إلا في حاويات
النفاية، بعد أن قست القلوب،
وضاقت سبل الرزق، وعزت السلعة
الذليلة، والبُلغة التي تقيم
الأود.
نعم
قد نستحيي، بل علينا أن نستحيي
من الله عز وجل، ثم من الناس أن
يكون بين ظهرانينا جائعون،
وربنا ينادي: (يا ابن آدم
استطعمتك فلم تطعمني، قال يارب
كيف أطعمك وأنت رب العالمين؟
قال استطعمك عبدي فلان فلم
تطعمه، أما علمت أنك لو أطعمته
لوجدت ذلك عندي).
ومحمد
بن عبدالله، صلى الله عليه
وسلم، يقرر (ما آمن بي من بات
شبعان وجاره إلى جانبه جائع وهو
يعلم).
أيها الأخوة المسلمون في شام البركة
هذه
ذكرى لا بد منها، ودعوة إلى
البذل والعطاء، وتحري مواقع
الحاجة، ومواطن الجوع خلال
الناس. وضرورة السعي إلى
المحتاج الذي لا يسعى إليك، ولا
يطرق بابك، السعي إلى الذين (يحسبهم
الجاهل أغنياء من التعفف تعرفهم
بسيماهم لا يسألون الناس
إلحافاً). والدعوة إلى تحري
مواقع الصدقة لا يعني رد
السائل، وتجاوز حاجة المتعرض
للصدقة مع إدراك الفرق بين
مسكين ومسكين ومحتاج ومحتاج.
إعمالاً للحديث الشريف (ليس
المسكين الذي ترده التمرة ولا
التمرتان، ولا اللقمة ولا
اللقمتان والأكلة والأكلتان
ولكن المسكين الذي لا يجد غنى
يغنيه ولا يُفطن له فيتصدق
عليه، ولا يسأل الناس شيئاً)
بيوت مستورة على ما فيها من حاجة
وفقر وجوع ومرض.
أيها الأخوة المسلمون في شام البركة
ونريد
أن نؤكد في هذه الذكرى، على
توسيع مفهوم الحاجة وأبعادها،
في عصر تكاثرت فيه الضرورات،
وتشابكت الحاجات، وتجاوزت
مفهوم (اللقمة والهدمة)
لتشمل ضرورات الحياة ومقتضيات
الاجتماع المدني من إسكان
وإحصان وصحة وتعليم، ومتطلبات
الدعوة إلى الله، والبلاغ عنه
وتحفيظ القرآن، والتفقيه في دين
الله، والإنفاق في سبيله عوناً
وتشجيعاً، وتذليلاً للصعوبات،
وسداً لثغرات راح يتسلل منها
أصحاب البدع والأهواء، مستغلين
حاجة محتاج وضعف ضعيف لحملهم
على مناهج ومذاهب للبدعة
والضلال عافى الله شامنا
المبارك منها. نريد التأكيد في
ظل وقائع العصر الجديد على
توسيع مفهوم العطاء وتطوير سهم
المؤلفة قلوبهم وسهم (وفي سبيل
الله) ليأخذا حظهما في عصر كثرة
البدع وتشابك الأهواء. مفهوم
جديد نريده لتأليف القلوب ولم
الشعث وسد الثغرة. وكذا تطوير
لمفهوم وفي سبيل الله ليشمل كل
مناشط البر والخير والإحسان.
أيها الأخوة المسلمون في شام البركة
لقد
كان الأصل في هذه الفريضة
الربانية ـ الزكاة ـ أن تُجمع
بقدرة، وأن تصير إلى مستحقيها
بعلم وتنظيم. وكان المنهج
الإسلامي منهجاً يعفي الفقير من
الشعور بحرج الحاجة، ويكفي
الغني مؤنة التحري، يصل بالحق
إلى أهله، حيثما كانوا، ويحول
بين اختلال التوازن في العطاء.
ثم كان من أمر الخلل في الحياة
الإسلامية العامة ما نعلم
جميعاً، فصار أمر الزكاة فوضى،
أو متروكاً لمشيئة الفرد
وتقديره وما أصعب أن يحيط الفرد
بحاجات المجتمع وأن يقدر على
التوازن في تغطيتها.
إن
(رابطة دعاة الخير في شام
البركة) تطلق في هذه الأيام
المباركة دعوتها إلى ضرورة
المبادرة المباشرة لتشكيل
عناقيد الجمعيات الخيرية في
المدن والقرى والأرياف. وفق
تصميم هندسي يغطي كل مواطن
الحاجة، وتوزعات الفقر. مشروع
يقوم عليه متطوعون مختصون من
أرباب المال، ورجال الإدارة،
وأصحاب السابقة في طرائق سد
الخلل والوصول إلى الثغرة.
لقد
كانت أمة الإسلام، أمة التكافل
والتراحم، هي السباقة دائماً
إلى بناء المؤسسات الأهلية
القادرة على حمل العبء عن
الدولة، وإشاعة مرافق البر
والخير والرفق والعون وتكثيرها.
وكان نظام الوقف، الذي سنعود
إليه بذكرى لاحقة، نظاماً
إسلامياً فريداً بكل إجماله
وتفصيله. ولكن لم يعد يكفينا أن
نقول كنا، ولا بد أن نبدأ القول
ها نحن ذا، نداء
إلى الخير لأهل الخير ليكون
أمرنا الاجتماعي على ما رسم
الله لنا.. (وتعاونوا على البر
والتقوى ولا تعانوا على الإثم
والعدوان واتقوا الله إن الله
شديد العقاب)
20
رمضان 1428
داعي
الخير في شام البركة
جزى
الله خيراً كل من نشر الذكرى
الأولى أو أعان على نشرها
|