رابطة دعاة الخير في شام
البركة
نضر الله امرأ بلغ عنا أو
نشر لنا
في
أيام القرآن
لنعلن
القرآن دستوراً للأخلاق
أيها المسلمون في ديار الإسلام
أيها المسلمون في شام البركة والخير
العشر
الأواخر من رمضان هي أيام
صالحات من أيام الله، هي أيام
القرآن الكريم (شهر رمضان الذي
أنزل فيه القرآن هدى للناس
وبينات من الهدى والفرقان..)
ولقد جاءت فريضة الصوم في هذا
الشهر المبارك، احتفاء بنزول
القرآن هدى ونوراً وإماماً
ورحمة، وشفاء وذكر وذكرى
وكتاباً وحكمة.
في
هذه الأيام الصالحة المباركة من
رمضان نزل القرآن الكريم فكان
هذا الاحتفاء الرباني العظيم
بذكرى نزوله، وكان هذا التسامي
الإنساني البالغ استعداداً
للتعامل معه، وارتقاء بالإنسان
(الضعيف الخطاء) إلى المكانة
التي تؤهله للتماس مع كلمات
الله ليس تلاوة وذكراً وسماعاً
وحفظاً فقط، فلم يكن هذا المنهج
منهج الذين (رضي الله عنهم ورضوا
عنه) في التعامل مع هذا الكتاب
الكريم. وإنما كان منهجهم كما
قرره أكثر من واحد منهم، بأكثر
من طريقة وعبارة، (كنا نؤتى
الإيمان قبل القرآن)، وكان
أحدهم رضي الله عنهم لا يجاوز
الآيات العشر منه حتى يفقه
معانيهن ومقتضيات العمل بهن، لم
يكن القرآن الكريم بالنسبة
إليهم كتاب ثقافة أو علم نظري
مجرد، وإنما كان دستور عمل
ومنهاج حركة يلتزم به يتلقاه
آية آية ومادة مادة، ولا ينتقل
من رتبة إلى ما يليها إلا بعد
إحكام أمر الرتبة الأولى،
والقيام بجميع حقوقها
ومتقتضياتها. كان هذا الالتزام
حقيقة واقعة لدى السلف الصالحين
على امتداد العصور، فلم يكن
القرآن الكريم كتاب جدل ومادة
نظر، وإنما كان نصوصاً يتدبرها
المسلم ليتلبس بحقائقها
ومعانيها، وليخلع عن نفسه، وعن
أسرته ومجتمعه، ما استطاع، كل
ما ينافيها.
أيها
الأخوة المسلمون
يا
أبناء شام البركة
كان
بودنا أن نقرر في عنوان هذه
التذكرة (القرآن دستور حياة)
ولكننا نعلم أنه قد حيل بين
المسلمين وبين هذا الإعلان
لعوامل يصعب تعدادها ويطول
استقصاؤها، وليس من مقاصدنا في
هذه التذكرة الوقوف عندها،
ولهذا آثرنا أن ندعو أو أن
نتداعى في هذه الأيام الصالحة
المباركة لعهد مع الله سبحانه
وتعالى، عهد في ساعات الفيض
الإلهي والنفحات الربانية، أن
نجعل القرآن الكريم (دستور
أخلاق) فنلتزم به، في سائر مناحي
حياتنا ومناهج سلوكنا، لا نحيد
عنه، نرجع إليه في كل أمرنا.
ونعلنه فصلاً وفيصلاً في إقرار (المعروف
والمنكر) و(الخير والشر) و(الحق
والباطل) نرجع إليه لنعرف ما
نأتي فنلتزمه، وما ندع فنجتنبه.
وأن نعاهد الله في هذه الليالي
الصالحة المباركة ليالي القرآن
وأيامه، أن نجعل القرآن الكريم
إماماً وهدى ونوراً، وأن نحل
حلاله ونحرم حرامه وأن نتوقف
عند حدوده، وأن نبرأ من كل دعوة
خارجة عليه، وأن نوالي من
والاه، ونعادي من عاداه، لا
نبتغي به بدلاً، ولا نتقدم عليه
برأي أو حكم أو اجتهاد.
يا
أمة القرآن..
مازال
القرآن الكريم الغض الطري
بحلاوته وطلاوته ربيع قلوب ونور
صدور وذهاب أحزان وهموم، ومازال
أيضاً منذ نزل هدفاً لمنافق
ومطعناً لفاسق (وقالوا لا
تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه
لعلكم تغلبون) ومازال المنافقون
والذين في قلوبهم مرض يتتبعون
متشابه الآيات، ليضربوا بعضها
ببعض وليحرفوا أمة القرآن عن
منهج القرآن.
ولن
ينفعنا في هذه الليالي
المباركة، إلا المزيد من
الاعتصام بحبل الله، والقرآن
الكريم هو حبل الله الممدود،
لنرد عن أنفسنا أولاً وعن
إسلامنا حملات المنكرين
والمستفزين والمستهترين.
نعم
لقد حيل بيننا وبين إعلان
القرآن دستوراً وإماماً ومنهج
حياة، ولكن لا أحد يحول بيننا
وبين أن نجعل القرآن العظيم
دستور أخلاق، وأساس حياة لفرد
مسلم، ومنهج علاقة لأسرة مسلمة،
ولمجتمع مسلم. لا أحد يحول بيننا
وبين ذلك، أيها الأخ المسلم،
أيتها الأخت المسلمة، غير الهوى
والشهوة، وحب الإخلاد إلى
الأرض، وتتبع سنن من قبلنا حتى
إلى جحر ضب خرب لو دخلوه.
أيها
الأخ المسلم أيتها الأخت
المسلمة
تطل
علينا الفتن كقطع الليل المظلم
يأخذ بعضها برقاب بعض ولا عاصم
لنا في هذ ه
الظلمات غير كتاب الله سبحانه
وتعالى نجعله الإمام والقائد
والنور والهادي وسنسمع أمام هذه
الحقيقة من الذين نافقوا ومن
الذين أشركوا ومن الذين أوتوا
الكتاب من قبلنا أذى كثيراً ولن
يغنينا إلا الصبر والاعتصام
والثبات (ولتسمعن من الذين
أوتوا الكتاب من قبلكم ومن
الذين أشركوا أذى كثيراًً وإن
تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم
الأمور)
كان
القرآن الكريم خلق الحبيب محمد
صلى الله عليه وسلم كما تروي
السيدة عائشة أم المؤمنين رضي
الله عنها وعن أبيها (كان خلقه
القرآن) هذا الخلق القرآني هو
الذي زكاه المولى تبارك وتعالى
بقوله (وإنك لعلى خلق عظيم)
دستورنا الأخلاقي العظيم هو هذا
الخلق العظيم.
فمن
يحول بيننا وبين أن نعلن العهد
مع الله، والبيعة لله، في أيام
القرآن هذه أن يكون القرآن
الكريم لنا جميعاً دستوراً
للأخلاق، ومصدراً للحقائق
ومنهجاً للحياة؟!
من
يحول بيننا وبين ذلك غير ما
ذكرنا من ضعف النفس وآفاتها
وكدوراتها. في رمضان التقوى
لنرقى إلى مرتبة القرآن الكريم
فنجعل منه دستوراً لأنفسنا
ولأسرنا ولمجتمعاتنا.
داعي
الخير في بلاد الشام
21
رمضان 1428
|