"المتحولون"
قصة أخرى من قصص العنصرية
الأمريكية
محمد
خليفة*
"المتحولون" Transformers فيلم أمريكي جديد
تدور قصته حول نشوب حرب كبرى على
كوكب الأرض بين مجموعتين من
أجهزة الإنسان الآلي ، تمثلان
الخير والشر .
وتدور أحداث هذا الفيلم في
منطقة الخليج العربي ، حيث تغزو
الكائنات الشريرة القاعدة
الأمريكية في قطر وتدمّرها ،
ومن ثم تمتد الحرب إلى الولايات
المتحدة . لكن
الكائنات الخيرة تصدّ زحف
الكائنات الشريرة وتنتصر عليها
وتحمي الأرض من شرّها .
ولا يخفى على كل ذي عقل أن
المقصود بالكائنات الخيّرة في
هذا الفيلم هي الولايات المتحدة
والشعوب الغربية ، أما الكائنات
الشريرة فهي الشعوب العربية
والإسلامية ، لأن أحداث الفيلم
تدور في المنطقة العربية
انطلاقاً من الهجوم على القاعدة
العسكرية الأمريكية في قطر .
وطبعاً لا يوجد في هذه
المنطقة غير العرب والمسلمين ،
وغير الغزاة الأمريكيين ، أي أن
الهجوم على القاعدة الأمريكية
هو هجوم "الأشرار" العرب
على "الأخيار" الأمريكيين
الذي يناضلون حتى يتمكنوا من
القضاء على المهاجمين .
والواقع أن هذا الفيلم ليس
هو الأول الذي تنتجه هوليوود
والذي يذمّ ويقدح العرب، فقد تم
إنتاج أفلام كثيرة في السابق ،
وكلها تصوّر العربي كرجل بدوي
أو بدائي ليس له عقل ولا يوجد في
قلبه رحمة .
لكن ما يميز هذا الفيلم
الأخير هو أنه ينظِّر لحرب
"الهرمجدون" الكبرى التي
يسعى المحفل الماسوني العالمي
إلى إشعالها في المنطقة العربية
والإسلامية بهدف القضاء عليها .
وهذه الحرب باتت قريبة وهو
ما تؤكده الأحداث المتسارعة في
المنطقة العربية والعالم .
فالتعثر الأمريكي في العراق
، وانهيار مشروع الشرق الأوسط
الكبير ، وانكفاء المشروع
الصهيوني الغادر في فلسطين ، كل
ذلك يوحي أن العرب والمسلمين
يزدادون قوة ، وأن الأمريكيين
والغربيين وحلفاءهم الصهاينة
يزدادون ضعفاً .
والقوي إذا أحسّ أنه يخسر
مواقعه ودولته ينتحر ويقتل معه
أعداءه ، وهو ما يسمى "خيار
شمشون" وفي المثل العربي
"عليَّ وعلى أعدائي" .
والولايات المتحدة
وإسرائيل تخسران في المنطقة
العربية من جراء تصاعد مقاومة
الشعوب العربية والإسلامية
لهما . وهما
لن تسلما بهذه الخسارة ، ولذا
فإنهما ستشعلان حرباً عالمية
ثالثة في المنطقة العربية .
وقد بدأ الآن التحضير لهذه
الحرب في الولايات المتحدة من
خلال تجييش الرأي العام فيها
وتعبئته بالحقد على العرب
والمسلمين .
وأوكلت هذه المهمة إلى دار
السينما في هوليوود التي كانت
وما تزال تمثل الذراع الثقافية
العالمية للولايات المتحدة
والتي عبرها يتم بث الأفكار
والمبادئ التي يحملها
الأمريكيون .
وترتبط هوليوود بشكل مباشر
، بوزارة الدفاع الأمريكية ،
ويستطيع منتجو ومخرجو الأفلام
أن يستعينوا بهذه الوزارة التي
تقدم لهم كل الخدمات من أماكن
عسكرية خاصة وأسلحة وتقنيات
عسكرية متطورة .
وأحياناً تقدم لهم وكالة
الفضاء "ناسا" كل
إمكانياتها لإنتاج فيلم يتعلق
باستكشاف الفضاء .
وقد تم إنتاج الكثير من
الأفلام العسكرية والفضائية
بهدف إبهار الشعوب الأخرى
ودفعها إلى التسليم بالقدر
الأمريكي في العالم .
وفي إطار التوجه السياسي
الأمريكي لخوض حرب عسكرية
وفكرية طويلة الأمد ضد ما يسمى
"الإرهاب" أو الإسلام ، تم
توجيه هوليوود للمشاركة في هذه
الحرب ، فجاء فيلم
"المتحولون" كبداية لسلسلة
طويلة من الأفلام التي ستظهر
بعده . والواقع
أن النهاية السعيدة المصطنعة في
هذا الفيلم ، والمتمثلة بانتصار
"الأخيار" الأمريكيين على
"الأشرار" العرب والمسلمين
، هي نهاية تتكرر في كل الأفلام
التي يكون الأمريكيون فيها
طرفاً . فرغم
الهزيمة الساحقة لهم في فيتنام
، إلاّ أن جميع الأفلام التي
أنتجتها هوليوود حول الحرب
الفيتنامية كانت تصوّر الجندي
الأمريكي كبطل لا يُهزم ، وكانت
تصور المقاتل الفيتنامي كرجل
ضعيف لا يعرف استخدام السلاح ،
وليس له معرفة بالحضارة .
مع أن الواقع كان غير ذلك
تماماً ، بيد أن فيتنام لا تملك
القدرة على إنتاج أفلام تضارع
الأفلام الأمريكية المزوّرة
عنها ولا تستطيع منع هوليوود من
توزيع هذه الأفلام ، لأنها أمة
ضعيفة وفقيرة .
ولعل حال هذه الأمة مثل حال
فيتنام ، فنحن اليوم نُرمى
بعشرات الأفلام الهوليودية
التي تبثها قنوات عربية ،
وللأسف ـ على مدار الساعة.
وهذه الأفلام مليئة
بالتحامل علينا وعلى حضارتنا
وثقافتنا ، لكن ، هل ترى يعي
المسؤولون في الدول العربية
والإسلامية خطورة هذه القنوات
المريبة ، أم أننا سنبقى نشتم
ونذلّ ومن ثم نغفر لشاتمنا
ومذلِّنا وندعو له بالتوفيق؟.
*كاتب
من الإمارات
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|