مؤتمر
الخريف والتطبيع المجاني
بامتياز مع اسرائيل
بقلم
/ م . سميح خلف
من خلال ما صرح به
أولمرت وصرحت به ليفني وزيرة
خارجية العدو الصهيوني يعطي
انعكاسا واضحا ما يمكن أن يتوصل
له المجتمعين في مؤتمر الخريف
القادم في أميركا .
فهو مؤتمر لا يعدو
عن حملة تسويق لإسرائيل ولبوش
وللحزب الإشتراكي الأمريكي بعد
الخسارة الفادحة التي تلقتها
أميركا في ثلاث مناطق في العالم
من أفغانستان إلى الحرب الضروس
مع المقاومة العراقية التي جعلت
أميركا تهرب للأمام وتزيد من
عدد قواتها بدعوى حفظ الأمن
وأصبح هروب أميركا متقدما أكثر
عندما قررت تقسيم العراق طائفيا
وهذا ما عملت عليه الإدارة
الأمريكية منذ الأيام الأولى
لإحتلال العراق ، وكأن العراق
أرض التاريخ والحضارة منتظرة
قرارا من بوش ليقسم هذا التاريخ
وهذه الحضارة ، منتهى الغباء
والإستغباء الأمريكي ، والأغبى
من ذلك كله من يسمع ومن يتبع تلك
السياسة الرعناء التي إذا دامت
عدة سنوات قادمة فإنها ستجعل
الحضارة الإنسانية في مهب الريح
أو تجعل العالم كله طبقة كادحة
تعمل تحت أمرة الشركات
الإحتكارية الأمريكية ، أما
المنطقة الثالثة الصدمة الكبرى
التي تلقتها في حرب الجنوب
اللبناني والصدمة الأمنية
والإستخباراتية التي هزت
أميركا واسرائيل عندما فرت
مجموعات أوسلو أمام مئات من
مقاتلي حماس رغم أن هذه
المجموعات تم إعدادها في
المدرسة الأمريكية في الساحات
العربية .
ونرجع مرة أخرى إلى
الواقع الفلسطيني والواقع
العربي وتعمل فيه أميركا على
منهجيتين هي وإسرائيل :
1- جر الدول
العربية تحت ذريعة التهديد
الإيراني رغم أن الأحداث تقول
أن هناك تقسيم في الأدوار
والنفوذ في منطقة الخليج
وأفغانستان بين أميركا وإيران ،
إلا أنه تحت هذا الغطاء وبوجه
آخر عندما تحججت أميركا ووضعت
مبرراتها الأمنية للأنظمة
العربية بأن الشهيد صدام حسين
يهدد أنظمتها وعصبت الدول
العربية أعينها وأسكتت عروق
التفكير في أدمغتها وصدقت هذه
المبررات بأن صدام حسين هو
العدو الرئيسي لتلك الأنظمة وفي
الحقيقة كان لا أحد يريد أن
يعترف ويقر أن الشهيد صدام حسين
هو العدو اللدود للصهيونية
العالمية ولكيانها المصطنع على
أرض فلسطين ، ولذلك اتفقت
المنهجية العربية مع المنهجية
الإسرائيلية الأمريكية لتدمير
النظام التقدمي الوحدوي على أرض
العراق وكان هذا التوافق هو
نقطة البداية لإلغاء ما تبقى من
اللاءات الثلاث والمقاطعة
العربية للشركات التي تتعامل مع
إسرائيل ، أي بدء عملية تطبيع
غير مباشرة ، أما المؤتمر
القادم ومن خلال المجموعة
العربية والجامعة العربية ،
فلقد أقرت التطبيع المباشر مع
إسرائيل تحت مبرر وحجة بحث
عملية السلام مع ما يسمى
باسرائيل ولكن في الحقيقة هو
مؤتمر تسويق وتلميع لإسرائيل
والخروج منه بشكل مباشر في
عملية تطبيع مباشرة تحت غطاء
الإستمرار في عملية مباحثات
السلام التي يمكن أن يضع لها
المؤتمر خطوط عامة وغير محددة
يمكن أن تستمر عشرات السنين ،
واضافة إلى ذلك ما صرحت به ليفني
بأن المنطقة يجب أن تشهد نوع من
أنواع الديمقراطية ولكن مع
تقنين في الأحزاب التي يمكن أن
تشترك في عملية الإنتخابات بحيث
لا يخرج إلى واقع السلطات
التنفيذية والتشريعية مثل حماس
وحزب الله ، بالإضافة إلى
الشروط المعلنة بتغيير الثقافة
العربية كالمناهج التعليمية
والتوجهات الثقافية عبر
الفضائيات .
العرب ينساقون إلى
عملية تطبيع مباشرة مع إسرائيل
رغم أن أبجديات العمل الوطني
والقومي لا تستدعي مثل هذه
الهرولة بناء على البرنامج
السياسي الفلسطيني والعربي أي
انسحاب اسرائيل إلى خطوط 67 بما
فيها القدس وعودة اللاجئين
الفلسطينيين والدولة
الفلسطينية المؤمنة جغرافيا .
هذه خطوط السلام
إذا كانت هناك جدية قبل أي
اجتماعات بعد ما يسمى بالمظلة
الدولية لتعلن الدول العربية
عملية التطبيع مع إسرائيل رغم
أننا لا نوافق على هذه المنهجية
السياسية التي تخول إسرائيل
وتعطيها مساحات من التحرك لصالح
تكريس عدوانها واستقراريتها
على أرض فلسطين .
2- المنهجية الثانية
: ما يخص الوضع الفلسطيني
واعتماد نظرية رئيس وزراء
بريطانيا الأسبق بلير بالتسويق
الإقتصادي في مناطق الضفة
الغربية وقطاع غزة أي النظر إلى
القضية الفلسطينية بمنظور
اقتصادي أولا وأمني ثانيا
والإبتعاد عن القضايا الأساسية
لمشكلة الصراع وكأن الدولار
الأمريكي واليورو والين هم
البدائل الناجعة لحل المشاكل
الوطنية ، وهذا مخالف لحركة
التاريخ ولإرادة الشعوب ، إذا
علما بأن إسرائيل ومنذ أن أفرجت
عن مائة من المعتقلين والآن
مائة أخرى تقريبا قد قامت
باعتقال أضعاف هذا العدد من مدن
الضفة ، كلام فارغ في كلام فارغ
ينتج عن اجتماعات الرئيس
الفلسطيني مع أولمرت في منزله
في القدس إذا على ماذا يهرول
الجميع في اجتماعات مكوكية في
حين أن إسرائيل لم تعطي مجرد أمل
رغم التنازلات العربية بأن تعطي
الفلسطينيين والعرب جانب من
جوانب الحقوق الفلسطينية
والعربية ، إذا على ماذا ستدور
المباحثات القادمة ، بالتأكيد
لن تخرج عن الرؤيا الأمريكية
الإسرائيلية التي أعلنت عنها
كونداليزا رايس وليفني وأعلن
عنها بلير والرباعية ، فكلما
توهم العرب أنهم قادرين على
تحريك العجلة للأمام فإن العجلة
الإسرائيلية والأمريكية تعمل
بالشكل المخالف والمعاكس لتظل
العجلة تراوح مكانها وتبقى
المطالب الإسرائيلية هي نفس
المطالب ، أما العرب فعليهم
تقديم التنازلات في عملية تطبيع
مباشرة تحت ذريعة البحث في أمور
وشئون السلام في الشرق الأوسط ،
ويجب أن يفهم العرب من كل
اجتماعات أولمرت وعباس والضغوط
العربية وزيارات كونداليزا
رايس لم تجعل باراك يسحب حاجزا
واحدا من الضفة الغربية ولم
تجعل باراك يوقف عمليات الدهم
والإجتياحات في الضفة ، إذا
ماذا سيدقم لكم مؤتمر الخريف
القادم غير شروط معلن عنها
مسبقا من أميركا وإسرائيل ، أما
قطاع غزة الذي تقوم فيه
المقاومة بواجبها في التصدي
للمشاريع التسووية الإستسلامية
يبقى له قصة أخرى نتحدث عنها في
الأيام القادمة .
-------------------------
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|