ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
وبقي المشروع الإسلامي القومي حلماً
في ضمائر الأحرار بقلم:
محمد علي شاهين انطلت مؤامرة تقسيم
مشرق الوطن العربي ومغربه بعد
غروب شمس الخلافة على الجميع،
وتوقّف المشروع الإسلامي
القومي عند حدوده الدنيا، وصار
حلماً في ضمائر الأحرار، وتمزّق
الوطن الكبير شرّ ممزّق، وأصاب
أمتنا الوهن.
اثنتان وعشرون
دولة، اثنتان وعشرون راية،
اثنتان وعشرون عاصمة، اثنان
وعشرون نشيداً وطنيّاًً،
اثنتان وعشرون عملة ورقيّة
ومعدنيّة، وأخيراً وليس آخراً
اثنان وعشرون سلطاناً وملكاً
متوّجاً ورئيساً غير متوّج
وأميراً متخالفاً متناحراً
متنافراً. ثلاثة وثلاثون
مؤتمر قمّة عربيّة انعقدت بين
عامي (1946 ـ 2007) خيّبت نتائجها
آمال 324 مليون عربي يحلم بالوحدة
والتحرّر والعدالة، بين المحيط
والخليج. وفي هذا الواقع
المرير وقعت كارثة فلسطين،
وأقيم كيان غريب بين جناحي
الوطن، مهّدت له بريطانيا
بانتداب بغيض بين عامي: (1920 ـ 1948).
واستولى شاه إيران
على إمارة المحمرة عام 1925
وأدخلها في إمبراطوريته، وطوى
حكم آل كعب في الخليج، واستولت
إيران عشيّة انسحاب القوات
البريطانيّة، وقيام دولة
الإمارات العربيّة المتحدة عام
1971 على الجزر الثلاث: طنب
الكبرى، وطنب الكبرى، وأبو
موسى، الواقعة عند بوّابة خليج
هرمز. وتنازلت فرنسا
المنتدبة على سوريّة في عام 1937
عن لواء الإسكندرون للحكومة
الكماليّة، لزرع بؤرة ملتهبة
بين العرب والأتراك، ومكافأة
لأتاتورك على هدم الخلافة،
وأسدل الستار على هذه القضيّة،
وتوقف الاحتفال بسلخه عن سوريّة
في عصر التسويات. واحتلّت أمريكا
العراق، وبدأت بوادر التقسيم
الطائفي والقومي لعراق الرشيد
بادية للعيان، واحتلّت إثيوبيا
الصومال أمام سمع العالم العربي
وبصره، ونصّبت حكومة عميلة على
غرار حكومة قرزاي. وغدت آثار العدوان
واقعاً مريراً بعد مرور أربعة
عقود على هزيمة عام 1967، وبقي
الجولان ومزارع شبعا في قبضة
الاحتلال الصهيوني، وأعيدت
القنيطرة وسيناء مجرّدة من
السلاح، وفتحت القناة وبوابات
البحر الأحمر وموانئه لسفن
إسرائيل، ورتعت بائعات هوى تل
أبيب وجواسيسها في مغانيه
ومنتجعاته، وكشف تقرير رسمي
لوزارة الخارجيّة المصريّة أنّ
عدد أعضاء السلك الدبلوماسي
الإسرائيلي في القاهرة يساوي
مجموع أعضاء السلك الدبلوماسي
لخمس دول عربيّة مجتمعة. وبقيت سبتة ومليلة
والجزر الجعفرية وباديس
والحسيمة والصخور المواجهة
للمدينتين المغربيّتين، خاضعة
لسلطة الاحتلال الإسباني رغم
الاجماع العالمي على تصفية
مخلّفات الحقبة الاستعماريّة
بما فيها هونغ كونغ وجزيرة مكاو. وانتهز
الانفصاليّون ضعف الجسد العربي
ووهنه، فاشرأبّت أعناقهم
للمطالبة باستقلال حكومة إقليم
كردستان العراق في الشمال،
وحكومة جنوب السودان، وإقليم
دارفور، والبروليتاريو في
الصحراء المغربيّة، والأمازيغ
في شمال إفريقيا، والطوارق في
الصحراء الكبرى. وبدأ تنافس محموم
هدفه السيطرة على آبار النفط،
والثروات المعدنيّة، والموارد
المائيّة، وارتفعت أصوات
الأقاليم مطالبة بتقاسم الثروة
والموارد الاقتصاديّة، تمهيداً
لإنشاء كيانات انعزاليّة
مستقلّة سياسيّاً وماليّاً
بعيداً عن العواصم. وخلال تنفيذ مؤامرة
تقسيم الوطن العربي جرت
انقلابات عسكريّة مشبوهة وقفت
خلفها أحزاب وطوائف معروفة،
قادها انقلابيّون مغامرون
اقتفوا سيرة (أتاتورك)
وعلمانيته، كانت آثارها على
الوطن والمواطن ماحقة. وفي غياب الإمام
الصالح وقعت حرب الخليج الأولى
(1980 ـ 1988) التي بلغت خسائرها
البشريّة أكثر من مليون ضحيّة،
وقدّرت خسائرها الماديّة
تريليون دولار أمريكي. ووقعت سلسلة من
الحروب الأهليّة في الجزائر بعد
إلغاء نتائج انتخابات حرّة جاءت
لصالح الإسلاميين، واجتاز
لبنان محنة استمرّت خمسة عشر
عاماً من القتال بين الأشقاء،
وانهار الصومال بعد حكم
الديكتاتور زياد برّي، وتمرّد
الشيوعيون اليمنيون في الجنوب
على حلم الوحدة، واغتيلت
المحبّة والوفاق في ظل الاحتلال
الأمريكي بين طوائف العراق
الحبيب، وسالت فيه الدماء
أنهاراً. وفي هذا الواقع
المظلم الغشوم جرى شطب النظام
التعددي من معظم الدساتير
العربيّة، واستبدل بديكور حزبي
إقصائي، شمل قوى المعارضة،
وبنيت سجون ومعتقلات على حساب
المدارس والمستشفيات، وزيّفت
الانتخابات، وفقدت العدالة
والديمقراطيّة معناها، وانتهكت
حقوق الإنسان على نطاق واسع في
دول عربيّة تدّعي الحريّة
والديمقراطيّة كذباً وبهتاناً،
وجيئ ببطانة سوء كانت مهمتها
الأولى اختزال تاريخ شعب بأكمله
في شخص زعيم أوحد، وتمجيده وجلد
معارضيه، واستخدام التبرير
الآيديلوجي والديني لإقناعنا
أنّنا بخير وسلام. وفقد المواطن ثقته
بجامعة الدول العربيّة، بعد
عجزها عن حل مشاكل الحدود
والتقسيمات الاستعماريّة
الارتجاليّة، وفشلها في تطبيق
ميثاق الدفاع المشترك منذ صدوره
في عام 1950 كلّما تعرّض قطر عربي
للعدوان، وعجزها عن حل الخلافات
بين القادة العرب. وحوصر العراق حتى
سقطت بغداد، وحوصر الصومال حتى
سقطت مقديشو، ولا تزال الخرطوم
محاصرة حتى ترضخ لمطالب
الانفصاليين في دارفور
والجنوب، أمّا الأراضي
الفلسطينيّة فتعيش حالة لا
إنسانيّة ولا أخلاقيّة من
الحصار السياسي والاقتصادي،
وتصعيد للأعمال العسكريّة
والاعتقال، منذ اليوم الأوّل
للانتفاضة المباركة في 1/9/2000،
ويستمر بناء جدار الفصل العنصري
بطول 400 كيلو متر لإحكام الحصار
حولها، بما فيه من خنادق وأسيجة
مكهربة ودروب للتعقّب وطرق
للدوريات، أمّا غزّة هاشم فلها
الله. وتوسّعت مواطن
الجدل والخلاف بين هذه الكيانات
ابتداءاً من رؤية هلال رمضان،
وانتهاءاً بحضور مؤتمر السلام. ورغم كل ما أصاب
أمّتنا من محن وكوارث وآلام،
فنحن واثقون بنصر الله وتأييده،
ما بقي من يتمادح بالموت في
ساحات الوغى، ويتهاجى بالموت
على الفراش، ويلقن الخونة
وأعداء الأمّة في كل أرض محتلّة
أو مغتصبة أو محاصرة الدروس
التي لا تنسى. وسيبقى المشروع
الإسلامي الوحدوي القومي،
الرافض للتجزئة والتبعيّة
لصالح القوى الكبرى تحت علم
الاستقلال، يسطع في سمائنا
حلماً متجدّداً في ضمائر
الأحرار. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |