ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
رسالة
من د. غازي حمد الى قادة حماس في مثل هذا الاسبوع
اكون قد امضيت في حماس(وقبلها
الاخوان) ربع قرن من الزمان , كنت
فتى يافعا, وهانذا تخطيت
الاربعين, وغزا الشيب رأسي, ولم
يعد لي في الدنيا متاع الا عمل
صالح القى الله تعالى به !!. اعترف انني احببت
هذه الحركة بكل مجامع قلبي
وافنيت عمري فيها , وتنقلت في
مساربها ودهاليزها ونشاطاتها
من اعلام وسياسة وادارة , وعاشرت
قياداتها الكبار العظام : الشيخ
احمد ياسين والدكتور عبد العزيز
الرنتيسي واسماعيل ابو شنب
وابراهيم المقادمة ,كثيرا ما
جالستهم وحاورتهم في قضايا
السياسة والوطن .... حملت اسمها في
جوانحي في السجون لمدة خمسة
اعوام, و عملت رئيسا لقلمها في
صحيفتي الوطن و الرسالة ,كنت
انافح عنها وعن مبادئها
وافكارها (ليس من منطلق حزبية
ضيقة كنت دوما أأباها وارفضها ,و
كنت ارى ان ثوب الوطن دوما اوسع)
ثم اصبحت ناطقا باسم حكومتها ثم
ناطقا باسم رئيس وزراء ينتمي
اليها ...سجنت في سجون اجهزة امن
السلطة لاني كنت ممن يؤمنون
بحرية الكلمة والنقد البناء
وكتبت عن كل شيء حتى عن الرئيس
عرفات -رحمه الله- و الذي عاتبني
عدة مرات ... كنت اشاهد حماس وهي
تكبر وتشب على قدميها , ويتسع
بيتها ليضم الالاف المؤلفة من
الشباب المؤمن النقي الطاهر
الذي احب الوطن واحب البذل من
اجله ....كنت اجد ليل نهار لاقدم
النصح بالكلمة والورقة
والمحاورة ....كنت ارى في حماس
حلمي بوطن حر وعيشة كريمة ..
طموحي بالحرية والاستقلال ورفع
المعاناة عن ابناء شعبي ,,مع ذلك
كنت احترم و اقدر كل القوى
الفسطينية التي لها بصماتها
الكبيرة على مسيرة التاريخ
الفلسطيني خصوصا حركة فتح ذات
المسيرة النضالية الطويلة
والعريقة, وحافظت على علاقة
طيبة مع مختلف اطياف العمل
السياسي. حماس اصبحت بيتي و
خيمتي ...اقضي فيها وقتا اكثر مما
اقضيه بين زوجتي و اولادي ..كنت
حريصا ان ارى هذه الحركة تتقدم و
يتقدم مشروعها و تثمر اوراقها
.... كنت اراها تنتقل من
مرحلة الى مرحلة ومن طور الى آخر...مرحلة
الدعوة والعمل الخيري والجهاد
ثم الحكم والسياسة . كانت تجربة
غنية و دسمة ومرت بكثير من
التحديات والمحن ,ولكل تجربة
انجازاتها واخطاؤها ..سلبياتها
وايجابياتها . فهل قيمت حماس
تجربتها الغنية بموضوعية
ومهنية تكفل لها تجاوز اخطائها
و تجنب عثراتها واستدراك ما فات
؟ حماس اليوم اصبحت
حركة كبيرة , واسعة الانتشار,
قوية الجذور , وصل اسمها الى كل
فضائية و اذاعة و صحيفة ...اصبحت
محط الانظار , و مفصلا مهما من
مفاصل السياسة و لاعبا قويا في
خط الوسط في الملعب الفلسطيني ... تشعب المسالك و
الدروب لاشك ان مر السنين و
اثارها ,والصراعات الكثيرة
والتنقلات السريعة اضفت على لون
حماس الابيض كثيرا من الالوان
الاخرى . لم تغير كثيرا حماس من
افكارها واليات عملها
ومفاهيمها مما اضفى عليها نوعا
من التقليدية والبطء في مجاراة
التغيرات السريعة في المنطقة .فترة
الحكم و الانتقال الى المربع
السياسي كان موجة الضغط العالي
التي وضعت حماس في مواجهة
حسابات كثيرة ومعقدة ,حيث تشعبت
امامها المسالك والدروب وتعددت
الرؤى والعناوين . اختلطت الامور
عليها من هول المفاجآت (وما
اكثرها بسبب غياب التخطيط)
وغياب الاستعداد لتقلبات
المراحل الساخنة التي تموج كما
يموج البحر .حاولت ان تتأقلم مع
الواقع الجديد لكن كان صعبا
عليها ...لم يكن سهلا ان تخرج من
عباءة التنظيم الضيقة الى عباءة
الحكم الواسعة ... لم يكن سهلا ان
تنتقل من فكر المعارضة الى فكر
الدولة (وهي الحركة التي لم
تتشرب كثيرا من مفاهيم السياسة
و تشابكاتها) .. لم يكن ميسورا ان
تتحمل عبء مرحلة لم تكن على
مقاسها السياسي او التنظيمي ...لذا
فقد تعثرت كثيرا رغم محاولاتها
النهوض اكثر من مرة ..و رغم
محاولاتها تكييف نفسها مع
الواقع المحلي والدولي الا ان
الامور كانت اكبر منها بكثير ,ووجدت
حماس نفسها في صراع متشعب مع كل
الاطراف بلا استثناء : الرئاسة ,فتح
,الاجهزة الامنية ,المجتمع
الدولي ..ثم جاء الحسم العسكري
في غزة ليعمق ازمة حماس مع هذه
الاطراف ومع مختلف القوى
والفصائل و منظمة التحرير ..ثم
صدامها مع الصحافيين و رجال
الاعلام والمؤسسات الاهلية . لقد استنزفت حماس
في معارك جانبية ما كان ينبغي
لها ان تنجر فيها او تقع في
شباكها وما كان ينبغي ان تستهلك
طاقتها المخصصة للمشروع الوطني
التحرري ..ما كان ينبغي لها ان
تسقط في شرك فتح الجبهات مرة
واحدة. ربما اعتقدت حماس
انها يمكن ان تغير موازين
المعادلة المحلية والدولية من
خلال قوتها في الشارع وسيطرتها
على السلطة والبرلمان لكنها لم
تدرك ان السياسة لها حسابات
خاصة ودقيقة جدا غير حسابات
العسكر والقوة والمسيرات
الجماهيرية ...حسابات تقوم على
تقاطع المصالح واقامة الاحلاف
وفهم المناورات والتكتيك الذكي
الحذر . المشكلة ان ضعف
المرونة السياسية لدى حماس
افقدها الكثير مما كان يجب ان
تكسبه بسهولة و اضاعت فرصا
ذهبية لتعزيز مفهوم الاسلام
السياسي ..كما ان التغيرات
السياسية التي طرأت على حماس
كانت استجابة اضطرارية وتحت ضغط
الواقع و ليس عن تخطيط ورؤية مما
افقدها عامل الهجوم و المبادرة..كان
بامكان حماس ان تكسب فتح و القوى
الفلسطينية وحتى الرئاسة الى
جانب برنامجها لو احسنت تسويقه
في اطار واسع مرن غير تنظيمي ضيق
-لا يلزمها بالتنازل عن ثوابتها
..كان بامكان حماس ان تضرب ضربة
معلم بقيادة الدفة الفلسطينية
بمهارة القبطان وحكمة الربان
وتعرف كيف تقتنص الفرص الذهبية
التي وقعت بين يديها .... لكنها
استعجلت كثيرا وفكرت انه يمكن
ان تطبق برنامجها الاصلاحي من
خلال المراسيم او الصلاحيات
الحكومية فقط !!لا .الامور كانت
ابعد من ذلك بكثير ولو كان لحماس
رؤية عميقة لسارت الهوينا
ولتدرجت في الحكم ولسارت بخطى
وئيدة مثلما فعل اردوغان في
تركيا ,حيث وصل الى الحكومة و
البرلمان و الرئاسة دون صدام و
دون عنف و دون اراقة دماء . هل تغيرت الصورة؟ اليوم تغيرت الصورة
. اصبحت حماس اصبحت مثار خلاف و
جدل في الساحة الفلسطينية .. محل
انتقاد من قوى و فصائل و منظمات
حقوقية و صحافية ...... كنت احب لحماس ان
تسير قدما نحو تحقيق اهدافها..ترسيخ
اقدامها في الارض ..اعطاء
النموذج الافضل في الحكم
والادارة ..ان تكون حضن الجميع
والناظم الجامع للمشروع الوطني
...لكني اصدقكم انني بت اليوم
قلقا خائفا على هذه الحركة
الفتية ان تضيع في زحمة
الصراعات التي كثرت حولها ..قلقا
من بقائها وحيدة معزولة في
الساحة دون حليف او صديق ...قلقا
من تنامي خصومها في الداخل
والخارج ... قلقا من تراجع
شعبيتها وفقدانها الكثير ممن
ناصروها واختاورها لتمثل
طموحاتهم وامانيهم ...قلقا من
تزايد اخطائها و عثراتها ... قلقا
عليها لاني احبها اكثر مما احب
عنترة عبلة ,و كثير عزة !! انا لا اريد ان اجلد
ظهر حركتي بقدر ما اريد لها ان
تصحح مسارها وتقوم ما اعوج منها
..لن التفت الى هؤلاء الذين دوما
اتهموني بجلد الذات لاني اصر
على قول رأي ينبع من ضميري فقط و
من نظرتي للوطن الى الحركة وليس
العكس , ولاني اؤمن بان الحقيقة
هي ملك الكل وليست مخبوءة في قبو
فصيل او في نفق حزب ....أؤمن بان
النقد البناء يصحح و يبني و يرفع
الاعمدة ,اما اخفاء الاخطاء
فانه يزيد الامر سوءا و كارثية ..ان
الحركة بحاجة طويلة لوقفة صادقة
مع النفس ...لمراجعة حقيقية و
موضوعية لكل ما جرى ..لمحاسبة
شرعها الاسلام لتقويم الذات
وتصحيح المسار. ان كثرة الاحداث
اليومية سرقت من الحركة القدرة
على الرؤية البعيدة وسلبت منها
لحظات تنعم فيها بالتفكير
العميق والتخطيط لما هو آت(ولا
زالت الايام حبلى والحاذق من
اتعظ بالايام الخوالي) , لذا
كثرت همومنا وهجمت علينا تضربنا
عن قوس واحدة. كتاب مفتوح حماس اصبحت اليوم
عنوانا كبيرا وكتابا مفتوحا ..صار
الكل يتحدث عن كل شيء فيها :
قياداتها ..مقاومتها ,اعلامها ..
لم تعد سرا خافيا او كتاب اسرار
..رأيت من حقي ان اكتب هذه المرة
اليها علنا لانني كتبت اليها
سرا الكثير من الدراسات
والاقتراحات والاراء .لم اعرف
ان كانت تلقى لديهم قبولا ام لا
؟؟ سيقولون كثيرا عن
الحصار و المؤامرات و الخطط
لاسقاط حماس و الحكومة وعن
التيار الانقلابي و عن خطة
دايتون و غيرها الكثير من
المسميات..أنا ادرك كل هذا جيدا
وافهمه و اعرف اثاره وتبعاته
لكن ما يهمني بالدرجة الاولى هو
كيف سنواجه و كيف نتصرف و كيف
نخطط ...كيف نبتعد عن هواجس لا
اصل لها لكي نعيش الواقع
بحقائقه وارقامه معلوماته
البعيدة عن التهويل والتضخيم و
كوامن الشك ..كيف نخرج من أزمة
الظنون والشكوك الى واقع ارحب
نعمل فيه-تحت ضوء الشمس - و نجد
بكل ما اوتينا من العلم والحكمة
والدراية ....كيف نفكر بعلمية
ومهنية بعيدا عن صخب الاعلام و
الشعارات والهتافات التي تسد
عقولنا عن نغمات الحقيقة ..ما
أحوجنا للحظات صفاء تخرجنا من
موجات التشويش التي سيجت حولنا
سياجا محكما منعنا من رؤية
الكثير من نصف الكأس الممتليء
في الساحة الفلسطينية ... الحسم حمل حماس ما
لاتطيق انني ارى ان ما ذهبت
اليه حماس من حسم عسكري في قطاع
غزة لم يكن له ما يبرره , اعتبرته
خطأ استراتيجيا فادحا حمل
الحركة ما لا تطيق.كان يمكن
لحماس ان تعالج الازمة (بجرعة)
محدودة يصفها اطباء مهرة بدلا
من ترك الامور تتدحرج بلا كوابح
..و بلا حسابات و بلا استشراف لما
ستؤول اليه الامور... صحيح انها حلت
مشكلة امنية لكنها فرخت الف
مشكلة سياسية كانت في غنى عنها.
انظروا اليوم : بدل ان تتوسع
الحركة في علاقاتها العربية و
الدولية (والتي بدأت تتفتح
براعمها في حكومة الوحدة
الوطنية ) اصبحت معزولة محاصرة
في شريط ضيق (قطاع غزة) ,ازداد
الخناق حولها واشتد الحصار
وزادت معاناة الناس , فقدت حكومة
الوحدة التي كانت بوابتها
للشراكة الوطنية , وملاذها
لتلقي عن كاهلها عبء تحمل
المرحلة لوحدها .. تعمق انقسام
غير مسبوق بين الضفة وغزة ...زادت
حدة الكراهية بين حماس وفتح ,و
تأزمت علاقتها بكل القوى
والفصائل..انتقلت الازمة
الامنية الى الضفة وعاني ابناء
حماس هناك من قمع و ممارسات
اجرامية قاسية .. برزت ازمة
الرواتب و محنة المعابر..طفت
مشاكل الوزارات بين غزة ورام
الله ...اصبحنا حيرى في وطننا ,
مشتتين ممزقين قلقين على
مستقبلنا ومصيرنا ...اصبحنا في
كل لحظة تحت سيف الاستنزاف
والتوتر والحرب الباردة بين غزة
ورام الله ....اصبحت الصحف تصدر
عناوينها بمعركة عض الاصابع بين
ابناء الوطن الواحد ..قرار هنا
واجراء هناك ,فصل هنا و تعيين
هناك .. اتهام هنا و تخوين هناك
....يالله !! الى اين وصلنا و اي
طريق يقودنا؟؟واي كارثة
تنتظرنا ؟!! تجربة صعبة ثم كانت تجربة حماس
في حكم قطاع غزة التي شابها كثير
من التعثر والارتباك والاخطاء ,نظرا
لثقل المسؤولية وحداثة تجربتها
في الحكم .. الم يكف حماس مرارة
تجربة الحكومة العاشرة (بما
فيها من حصار مناكفة داخلية) كي
تتجنب فكرة التفرد بالحكم ؟ الم
يكن هناك متسع للتفكير
والاعتبار وفتح الافاق بدل سدها
؟ كنت مشفقا على
اخواني من فخ غزة من هذه الورطة
التي وقعنا فيها واصبحت عبئا
على كاهلنا في كل لحظة تمر ..
واجهنا الكثير من الارهاق
والتعب والاستنزاف ..كنا في غنى
عن كل ذلك . كانت الاربع و
العشرين ساعة مشغولة بغزة و
همومها التي لا تنتهي ..كنت
اتابع برنامجا تلفزيونيا يتحدث
عن التوسع الاستيطاني في القدس
والاستيلاء على بيوت البلدة
القديمة في الخليل و اتحسر على
ما ذهبنا اليه (ككل وطني) من
انحراف البوصلة و تيهنا في
صحراء لا نهاية لها. اقر بان حماس تفتقد
الصبر وطول النفس وسياسة التدرج
واستيعاب الخصوم في معالجة
المشاكل والازمات نظرا لغياب
الرؤية الاستراتيجية التي
تمنحها مسافة اطول لسبر غور
الطرق الوعرة .. حماس غرقت في
تفاصيل اضرابات الصحة و صلاة
الجمعة و نشر نتائج التوجيهي
والتوقيت الشتوي و سفر الحجاج ..غطست
في مشاكل التنفيذية واحتكاكها
بالجمهور....و مئات من القضايا
التي كان ينبغي الا تشغلها عن
مشروعها الوطني ...مشروع الاصلاح
و التغيير ,مشروع ازالة
الاحتلال ومحاربته. كنت اتمنى على
اخواني في غزة ان يبادروا الى
طرح رؤية وحل للازمة القائمة
وان يتجاوزوا هذه المرحلة بشيء
من الحكمة و تغليب المصلحة
الوطنية على اي حسابات حركية او
حزبية .ان مبادرة الحركة ليس
تعبيرا عن ضعف بل هي القوة
بعينها ...بل هي المصلحة الوطنية
لاخراج الحالة الفلسطينية من
الشلل والركود . قلت بان مرور
الوقت ليس في صالح احد والشعب
الفلسطيني هو الذي سيدفع الثمن
من هذه المعارك الموهومة . ما الذي سنصل اليه
في النهاية بعد الحسم والمناكفة
والمعاندة ؟ حوار مرة اخرى ؟!!
حوار للمرة الرابعة و الخامسة
والعاشرة ...هل سنعود الى مكة ام
نلتقي في القاهرة ..ام سنبحث عن
عاصمة اخرى تلملم جراحاتنا
وتداوي وجعنا ؟ انا متأكد بانه
سهل جدا ان نحل كل قضايانا هنا ..نعم
هنا !! لو تجرد الجميع للصالح
الوطني و تخلي عن كل الحسابات
الضيقة .....لسنا بحاجة الى السفر
بعيدا ..لسنا بحاجة الى طاولات
مستديرة او مربعة بل بحاجة الى
قلوب صافية و عقول واعية ...كما
في حماس حريصون غيورون على
الوطن هناك في فتح ايضا و في
الجبهتين والجهاد وكل القوى ...وبامكان
كل هذه الايادي ان تتشابك
وتخرجنا من دوائر التعاسة و
النكد . ممارسات خاطئة دوما كل سلطة هي محل
انتقاد و تبرز سلبياتها اكثر من
ايجابياتها ..فكيف لو كان الواقع
غزة التي هي مشكلة بحد ذاتها
سياسيا و اقتصاديا و اجتماعيا ؟. هناك العديد من
الممارسات الخاطئة التي شوهت
صورة الحركة واساءت اليها ...سواء
في الاعتقال او الاعتداء او
مصادرة املاك الناس( في الضفة
الغربية فعلت الاجهزة الامنية
اكثر من ذلك و تجاوزت حتى الخطوط
الحمراء ) . كنت اتمنى على
قيادة حماس ان تكون اكثر حزما و
صرامة في مواجهة الخروقات لكنها
مع الاسف تكررت وسحبت جزءا مهما
من رصيدنا في بنك الوطن . تساءلت
كثيرا عن الصورة المشرقة للحركة
التي طالما حلمنا بان نقدمها
لشعبنا الجريح المكدود. على سبيل المثال ,
كنت ارى بان نشر الوثائق
الامنية بهذه الطريقة
الانفعالية هو نوع من المراهنة
الخاسرة على اصلاح المؤسسة
الامنية ..طريقة الفضح والتشهير
لا تبني ولا تصلح ...بل اضاعت
الحركة ورقة رابحة كان يمكن ان
تعزز مطالبها باصلاح هذه
المؤسسة ..كان ينبغي التريث و
الصبر ودراسة الامر بدل التسرع
والذي لم يزد في عقول الناس بان
هناك فسادا في المؤسسة الامنية ,
وهو ما نعرفه منذ عشر سنوات !!
كان المهم هو كيف نصلح هذه
المؤسسة ...ماذا لدينا من برامج و
خطط . اقر بانه يصعب على
الاخوة في قيادة الحركة
الاعتراف باخطائهم علنا .اقول
لاخواني في قادة حماس بان
الاعتراف بالخطأ من شريعة
الاسلام ومن فضائل الاخلاق
ودلالة كبيرة على الثقة بالنفس
وشجاعة الموقف(عودوا الى سيرة
عمر و ابو بكر و ابو عبيدة
والاعلام من الائمة, فلسنا
بافضل منهم) . ان سياسة التبرير
او التهرب لن تكون في صالح
الحركة على الاطلاق .كما ان
تعليق الاخطاء على شماعات (جاهزة)
اصبح الديدن اليومي واصبحت كل
مشكلة تجدل لها متهما!! ان قيادة الحركة
بحاجة شديدة الى اقرار نهج
المحاسبة والصراحة باعتبار انه
جزء من شرع الله و سنة من سنن
رسول الله ..و ليس وقوف النبي (ص)
على المنبر ودعوته للناس لاخذ
حقوقهم منه (رغم انه المعصوم)
الا دلالة داغمة على ايجابية
النقد العلني و نشره كثقافة و
ليس مجرد سلوك تنظيمي داخلي انتم بحاجة الى
ثلاث باختصار شديد , ان
الحركة بحاجة الى ثلاث : أ- رؤية سياسية
تخرجها من أزمة علاقتها بالمحيط
الفلسطيني و الاقليمي و الدولي ب- بحاجة الى ثقافة
التعايش مع الاخر على اسس
التعاون والاحترام ,تخرجها من
ازمة علاقاتها مع القوى و
الفصائل خصوصا حركة فتح .... ج-بحاجة الى تعزيز
مفاهيم المؤسسة المهنية من خلال
تحديد جهة القرار وترسيخ مفاهيم
المراجعة و المحاسبة ومعالجة
الاخطاء و مع قليل من
التفصيل : 1- الحركة بحاجة الى
رؤية سياسية ناضجة وواضحة
تخرجها من ازمة العلاقة مع
السلطة الفلسطينية و مع الوسط
الاقليمي و الدولي . لقد شكلت
رؤية حماس السياسية المرتبكة
دوما نقطة صراع ومواجهة بينها
وبين مختلف الاطراف المحلية
والدولية بل كانت عقبة امام
حماس في تحقيق انجازات سياسية
من وراء الكم الهائل في العمل
المقاوم ومن وراء وجودها في
المؤسسة التشريعية و التنفيذية
.في تقديري كان يمكن ان تقفز
حماس قفزة كبيرة في ترسيخ مفهوم
الاسلام السياسي من خلال ادارة
جيدة للحكم. ليس مطلوبا من حماس
ان تتنازل عن حقوق و ثوابت
القضية , بل مطلوب منها شيئان :
رؤية استراتيجية واضحة , وقدرة
مرنة في التكتيك والمناورة
السياسية ..و اقر بان حماس تفتقد
فن المكر السياسي , وتواجه
السياسة بمواقف مصمتة و شعارات
فضفاضة , وفي احايين كثيرة تفضل
الهروب من المربع السياسي نحو
ترسيخ مفهوم بان المقاومة خيار
استراتيجي ,مع ان المقاومة اداة
و ليست استراتيجية ...اداة تخدم
الهدف السياسي, وهو ما لم تنجح
فيه حماس حتى اللحظة. 2-ان الحركة بحاجة
ملحة الى معالجة نظرية المؤامرة
التي عششت في رأسها ردحا من
الزمن... النظرية التي طالما
اقضت مضجعها وجعلتها تعتقد بان
كل العالم ضدها( و الامر ليس
كذلك) ,مما يولد لديها كثيرا من
الهواجس والشكوك تجاه الاخرين .ان
وجود معارضين و مخالفين للحركة-و
غيرها- سنة من سنن الكون(حتى
الانبياء لهم خصوم و جعلنا لكل
نبي عدوا من المجرمين), و حماس
ليست بدعا من الحركات و
الجماعات ,المهم كيف تواجه حماس
مخططات اضعافها وجرها بعيدا عن
اهدافها . للاسف ان حماس
واجهت ذلك من خلال سياسة غير
واضحة المعالم قامت على الاتهام
والصدام و استعداء الاخرين دون
ان تضع خطط وبرامج عملية
وواقعية لمواجهة كل التحديات
التي وضعت امامها.. لذا فهي ما ان
تخرج من أزمة الا وتقع في اخرى .. 3-ان حماس بحاجة
شديدة الى معالجة عقدة التعايش
مع الاخر ..هذه العقدة التي
تولدت من خلال تربية حزبية ضيقة
ومن خلال اعلام حزبي ساعد في
ابعاد الناس عن الحركة . ان حماس
يجب ان تنتبه جيدا الى ان التفاف
الناس-وليس عناصرها فحسب- حولها
وحسن علاقتها بالقوى والفصائل
جزءا مهما من مسيرة نجاحها. مع الاسف ان حماس
خسرت الكثير من القوى التي كان
يمكن كسبها بشيء من الحكمة و حسن
الديارة وفن التعامل . حماس يجب
ان تدرك ان عملها وحيدة منعزلة
عن باقي المجموع الفلسطيني يضعف
قدرتها على حمل المشروع الوطني
ويكاثر من خصومها ومناوئيها . ما كان ينبغي على
حماس ان تفقد حليفا قويا كحركة
فتح (بغض النظر عن كل السلبيات
التي تعشش فيها) ...ما كان ينبغي
لشقة الخلاف ان تكبر الى درجة
الحقد و الكراهية .. الى درجة
الغلو في الدم. حماس بحاجة الى
مراجعة حقيقية لنظرتها لمن هم
خارج دائرتها التنظيمية وبحاجة
الى تربية افرادها على لغة
الوفاق وتقبل الاخر والتعاون
معهم . ان هذه هي الثقافة
الصحية التي تكفل لحماس ان تكبر
و يكبر مؤيدوها و اتمنى ان تفعل
ذلك بسرعة 4-ان حماس بحاجة -اقرب
الى الفرض والواجب- الى تنقية
وفلترة اعلامها واخراجه من
شرنقة الحزبية الضيقة . ان اعلام حماس
هجومي حاد وقاسي في ردوده و يغلب
عليه كثير من التطرف والاوصاف
الجارحة الخارجة عن العرف
الدبلوماسي ...لقد طال الخطاب
الجميع من رئيس ووزراء ونواب
تشريعي وقيادات وطنية و احزاب .. لقد خلق حالة من
الشرخ والنفور بطريقة لا تساعد
حماس على نسج علاقة طيبة. لقد افتقد لغة
التسامح و العفو والوفاق وتقفي
ايات الله ادفع بالتي هي احسن
فاذا الذي بينك و بينه عداوة
كأنه ولي حميم .. كان يمكن لخطاب
حماس ان يكون بمثابة مغناطيسيشد
اليه الجميع ...خطابا توفيقيا
محببا . من حق حماس ان تدافع
عن مواقفها بقوة دون الحاجة الى
التجريح او التشهير ودون الغلو
في الاتهام .ان حماس يجب ان
تستوعب ان كل نقد يوجه الي ها لا
يعني ان صاحبها عدو ولا ينبغي ان
يصنف في الصف المعادي ...و يجب ان
تستوعب بان اعلامها قد يكون
مقبولا لدى ابناء الحركة لكنه
على مستوى عموم الوطن و الخارج
يخسرها و يفقدها رصيدها نهاية وصلت الى نهاية
كلامي !لا ادعي احتكار الحقيقة ,ولا
ابغي شهرة بقدر ما رجوت الله ان
تكون كلمة صادقة تنفذ الى قلوب
المحبين من ابناء هذه الحركة
الراشدة وتنفذ الى عقولهم طلبا
للفهم السليم .... آمل من قادة
الحركة الا يتسرعوا في الحكم
على ما ورد فيها ..ليس مكان
للانفعال بل للدراسة والبحث
عملا بسنة المصطفى (الحكمة ضالة
المؤمن) . سأظل وفيا لهذه
الحركة ,محبا لها لكن تحت مظلة
الوطن الواسع ..تحت مظلة
المفاهيم التي تجمع ولا تفرق
وتجذب ولا تبعد .....ستظل هذه
الحركة شامة في جبين الامة
ومعلما من معالم التاريخ المضيء
..ستظل حضنا دافئا و ملاذا واقيا
و ترسا منيعا..رغم كل ما قيل
ويقال , فتاريخها المشرق لن
تمحوه العثرات ولا الهنات ...فلنحافظ
عليها : مشرقة وضاءة معطاءة
حبيبة الى كل قلب وقريبة من كل
عقل! آمل الا تفهم
كلماتي على غير وجهها .ما اصبت
فمن الله و ما اخطأت فمن نفسي و
الشيطان . و السلام ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |