ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
استراتيجية
بوش ..تخبط أم مخطط ؟ بلال
داود* لعل
أهم ما يفعله الرئيس الأمريكي
المنتخب ، في الفترة الممتدة
بين يوم انتخابه
ويوم دوامه في البيت الأبيض و
توليه السلطة بشكل رسمي ، هو أن
يعكف على
قراءة الأكوام الضخمة المقدمة
له من مراكز الأبحاث والدراسات
الاستراتيجية ، في جميع
التخصصات الاقتصادية والمالية
والحربية والاجتماعية و
التعليمية و السياسية
والقانونية و...و... مما يغطي
جميع شؤون الدولة والأمة والشعب
والأفراد ، داخليا و خارجيا ،
التي ستقوم الادارة الجديدة
بقيادة الرئيس المنتخب
بالتعامل معها بشكل مباشر أو
غير مباشر ، ومن هذه المراكز
ماهو رسمي كتلك التابعة
للوزارات والادارات ، أو شبه
الرسمية التابعة للجامعات
والمعاهد ، أو تلك المقدمة من
شخصيات مشهورة
متخصصة بالكتابة
الاستراتيجية ، من أمثال
صاموئيل هانتنجنون ، صاحب نظرية
( صدام الحضارات ) ، ولا تخلو
الدراسات المقدمة من اقتراحات
وتوصيات شخصيات سياسية سبق أن
عايشت الأحداث والحروب
والاتفاقيات ،أو شاركت في صنعها
، كوزير الخارجية الأسبق جيمس
بيكر ، أو هنري كيسنجر صاحب
نظرية الـ ( خطوة ..خطوة ) فيما
يتعلق بفتح باب العلاقات
العربية الاسرائيلية . ومن
الطبيعي أن الرئيس لا يملك
الوقت الكافي لقراءة كل هذه
الدراسات ، ولذلك يقوم فريقه
الخاص بالقراءة والتلخيص
والترتيب حسب الأهمية ، ومن ثم
تعرض عليه المختصرات المهمة
بوجود مستشاريه لمناقشتها
وإعادة ترتيبها للاستفادة منها
، وما
ان يبدأ اليوم الأول لدوام
الرئيس حتى ينهال عليه المزيد
من التقارير والدراسات
الاستخباراتية الخاصة التي لا
يطلع عليها إلا عدد قليل من
المقربين منه . و
أيا كانت الاستراتيجية التي
سيعتمدها الرئيس في سياسته ،
سواء ما استخلصه من الدراسات
المذكورة أو من غيرها أو كانت
مقترحة من فريق العمل المحيط به
، فإنه مضطر لتحويلها إلى برامج
عملية قبل عرضها على الكونغرس
الذي يتمتع أعضاؤه في الغالب
بنفس ثقافة الرئيس أو أكثر ، وقد
يكونون أكثر اطلاعا ودراية منه
بالدراسات والتوصيات التي سبق
أن قدمت إليه . وأكثر
من هذا ما نسمعه من وجود محططات
معدة مسبقا لتنفيذ ما قد يخطر في
ذهن الساسة من أفكار وبرامج و
قرارات ، وذلك ما يطلق عيه
(مخططات في الدرج ) ،جاهزة في
الغالب للتطبيق الفوري ،
خصوصا أن الولايات المتحدة
، ليست دولة من العالم
الثالث ، يفصلها
الرئيس الحالي على مقاسه ثم
يأتي الرئيس التالي على ظهر
دبابة لينقض ما غزله سلفه ،
ولذلك وجدنا الادارات
المتعاقبة على الرئاسة من
جمهوريين وديموقراطيين ، لم
يتغير موقفها من معظم القضايا
وخصوصا الخارجية منها ، مثل
الموقف من
دولة اسرائيل المؤيد والداعم
على طول الخط ، وكذلك الموقف من
المعسكر الشرقي ، قبل انهيار
الشيوعية ، ومثلها معظم
السياسات الخارجية . من
هنا يصعب على البعض التصديق
بسهولة ، أن استرتيجية الرئيس
الأمريكي ، يمكن أن تمر
بيسر وسهولة من غير تمحيص
وتدقيق ونقاش ودراسة
الاحتمالات كلها ، وما يمكن أن
ينتج عن الأخطاء ، وانعكاسات
ذلك كله على الولايات المتحدة
وسمعتها وهيبتها ومكانتها
الدولية ،
وخصوصا بعد ان انفردت بقيادة
العالم كدولة عظمى وحيدة ،
وبالتالي فإن مانراه مخطط دقيق
، وليس تخبطا . على
النقيض من ذلك يرى البعض أن
استراتيجية بوش ليست إلا تخبطا
، بدليل أن استراتيجيته في
العراق قد
أنتجت مستنقعا تزداد فيه القوات
الأمريكية غرقا يوما بعد يوم ،
وتتزايد خسائرها البشرية
والمالية والاقتصادية بشكل
مضطرد ، وهاهو الدولار الأمريكي
قد انخفضت قيمته إلى أدنى مستوى
منذ أكثر من ثلاثين عاما ،
مقارنة بالعملات الأخرى
،كنتيجة طبيعية لأخطاء هذه
الاستراتيجية التي أرهقت
الاقتصاد الامريكي بزيادة
المخصصات العسكرية من
الميزانية الأمريكية ،
بالاضافة إلى أن الرئيس
الأمريكي ليس نبيا لا يخطئ . سواء
كانت نظرية المؤامرة صحيحة ، أم
كانت هي المؤامرة كما يقول
معارضوها ، فإن الواقع يقول لنا
أن استراتيجية بوش في المنطقة
قد أنتجت حتى الآن دولة محتلة (
العراق ) على وشك الانقسام إلى
ثلاث دويلات ،( حسب توصيات
الكونغرس ) ، دويلة العراق
الكردية و دويلة العراق السنية
و دويلة العراق الشيعية ، وكل من
هذه الدويلات يحمل في طياته
عوامل الانقسام التالي
كدويولة(تصغير دويلة)
العراق الكردية البرزانية ،
ودويولة العراق الكردية
الطالبانية ، كذلك الدويلة
السنية قابلة للانقسام الداخلي
إلى دويولة إسلامية و
دويولة بعثية ، وبدورها الدويلة
الشيعية قابلة للإنشطار
الداخلي إلى
دويولة الشيعة العربية ، و
دويولة الشيعة الفارسية . ليس
بعيدا عن العراق نرى أن لبنان
على وشك أن ينقسم إلى لبنانين
وكل قسم يحمل مؤهلات الانقسام
الداخلي كذلك . وبعيدا
عن التوقعات المستقبلية فها
هوالمتبقي من مشروع
الدويلة القلسطينية ، قد انشطر
فعليا إلى قزمين ( بالزاي) ، قزم
دويولة الضفة وقزم دويولة غزة . المتتبع
للشأن السوري يعرف أن النظام
السوري الذي يستمد مقومات وجوده
من مفرزات استراتيجية بوش يعمل
جاهدا على تنفيذ مشروع التغيير
الديموغرافي السكاني ،
لتكون سوريا جاهزة للانشطار
الداخلي عند أول نفخة ريح ساخنة
تأتيها من الجوار أو من الداخل
المتأجج بنيران الظلم
والاستبداد . سيان
الأمر إن كانت استراتيجية بوش
مخططا متخبطا ، أو كانت تخبطا
مخططا ، طالما أنتجت واقعا مرا ،
وملامح مستقبل أكثر مرارة ، ما
لم تتدارك الأنظمة والزعامات
والقوى المحلية وشعوب المنطقة
هذا الواقع و إفرازاته
المستقبلية ، وتعمل بإخلاص على
تغييره . *كاتب
سوري ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |