ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 06/11/2007


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

"ركانة حمور" لم تجد من يرفع أذان الاستغاثة! ...

ولا الوالي الذي يسمع الأذان!

الطاهر إبراهيم*

تروي قصص التاريخ الإسلامي أن دمشقيا كان له دَيْن على ذي مكانة وحظوة يرفض أداء ما عليه، ولم تنفع معه وساطة ولا صاحب جاه، كما لم ينصفه قائد شرطة ولا قاضٍ في ديوان المظالم. ولما يئس من استرجاع حقه ذهب إلى المسجد فصلى ركعتين، لهج فيهما بالدعاء إلى الله أن ييسر له من يعينه على قضاء حاجته. ولأنه كان يدعو بصدق وحرارة، فقد سمعه شيخ يصلي بجواره، فسأله عن شأنه؟ ولما عرف خبرَه دله على خياطٍ في سوق "الحميدية"، يذهب إليه الناس في قضاء حوائجهم. قال في نفسه يحدثها: وما ينفع خياط وقد فشل القاضي وقائد الشرطة والوزير؟

ولأن "الغريق يستمسك بقشة"، ولن يضيره الذهاب إلى الخياط، فقصد من ساعته إلى حيث يجد الخياط، فرآه شيخا عجوزا تكاد عظام جسمه تُرى من هزاله وضعفه. فكّر بالرجوع لو لا أن الخياط ناداه، وقد عرف فيه صاحبَ حاجة. فلما قص عليه القصص، نهض لساعته، بعد أن أغلق "كشك" الخياطة، وقال له دلني على غريمك. فما أن قرع الخياط الباب ورآه الحاجب حتى صرخ فيه أعلم سيدك بمكاني. وإن هي إلا دقائق معدودة حتى خرج المماطل يؤهّل ويرحّب ويقول: هلا أرسلت إلي يا سيدي حتى آتي إليك؟ لم يزد الخياط على أن قال  : ادفع للرجل حقه وزده لأنك أرهقته. فقال حبا وكرامة. كل ذلك وصاحب الحق فاغراً فاه مما يرى ويسمع! رفض الخياط أن يأخذ أجرا على معروفه وهو الذي لا يكاد يتحصل على قوت عياله من مهنته، ولكنه رضي أن يقص على صاحب الحق قصته قال:

تأخرت يوما في إغلاق الدكان إلى ما بعد أداء صلاة العشاء. وعندما توجهت نحو داري، سمعت صوت استغاثة امرأة، فيممت شطر الصوت، وإذا بعساكر يجرون امرأة شابة من بيت زوجها وهي تستصرخ من يخلصها من بين أيدي هؤلاء المجرمين. رجوتهم أن يَدَعوا المرأة وشأنها، فرفضوا. استصرخت بعض المارة علهم يعينون على دفع الأذى عن المرأة فلم يجرؤ منهم أحد لمعرفتهم بأن سيد هؤلاء العساكر ذو سلطة وصولجان. مع أني أضعف من أن أقف في وجه طفل صغير، لكني لم أشأ تركهم حتى أعذر أمام الله، فدفعوني أمامهم كأني كرة يتقاذفها الغلمان. وهنا لمع في ذهني خاطر نفذته على الفور. صعدت على مئذنة جامع قريب، ورفعت صوتي بالأذان: الله أكبر... أشهد أن لا إله إلا الله... أشهد أن محمدا رسول الله... حي على الصلاة... حي على الفلاح... الله أكبر... لا إله إلا الله..... لم أكد أفرغ من أذاني حتى هجم علي عسكر الوالي واقتادوني إليه لأني فعلت منكرا.

سألني الوالي، وكان عاقلا: ما دفعك على أن تفعل ما فعلت، ولم يكن الوقتُ وقتَ صلاة؟ قلت: أعز الله الوالي، وكيف إذن أصل إليك لتدفع عن امرأة مسلمة عدوان من أراد فضح عرضها وهتك شرفها؟ وقصصت عليه القصة وختمت قائلا: أيها الوالي إذا لم تعد المرأة إلى بيت زوجها قبل أن يلغ الكلب في عرضها فإن زوجها سيطلقها. أمر الوالي بإحضار القائد المعتدي فورا، وقطع رأسه وعلقه أمام المسجد، وقال لي: كلما وجدت عدوانا وظلما فأَذّنْ فأسمعك فأنصف المظلوم. ومن يومها وأهل الشام يتناقلون هذه الحكاية، حتى ضرب بها المثل، فيقول الرجل للآخر: "لا أعطيك المبلغ ولو أَذّنت"، وذهبت مثلا.

تذكرت هذه القصة وأن أتابع على صفحات مواقع الإنترنت مسلسل اختطاف المرأة الشامية "ركانة حمور" يوم الخميس 25 / 10 /2007 أمام زوجها وأطفالها، عند بيتها وهي تغادر سيارتها، في وضح النهار ظهراً أمام الناس. فقد هاجمها شخص في مدخل عمارتها وحاول أن يتحرش بها. وعندما صرخت في وجهه انضم إليه مجموعة من المتوحشين، ثم اقتادوها إلى سيارتهم وهي تصرخ وتستغيث. لم يخفّ المارة لنجدتها، بعدما تبين لهم أن المهاجمين من "فرع الأمن الداخلي في أمن الدولة". تقاعُسُ المارةِ عن نجدة المُعتدَى عليها جديد على أخلاق السوريين، لا لأن الشهامة قد شطبت من قواميسهم، بل لأن "الحديد حامي"، ولا أحد يريد أن يساق إلى حيث لا يعرف "النمل الأزرق" مكانه.   

لا أريد أن أسرد حيثيات ما جرى في الاستجواب التعسفي الشائن –ولا أسميه تحقيقا- فقد كفتنا السيدة "ركانة" -أخت الرجال- المؤونة. ولكن -وبعيدا عن السياسة فالقضية أكبر من السياسة- ألم يكن بين ضباط الأمن من يشعر بالخجل مما فعله عناصر الأمن "الأشاوس" وهم يتحرشون بهذه السيدة، فيمنع مجموعة "الاقتحام" من هذا التحرش المشين؟

وهذا اللواء الذي أشفق عليه المستجوب لأن: (التبليغة تستلزم وقتا كبيرا لتنظيمها يعني بدك يانا نعذب اللواء مرة ثانية ونطلب من اللواء أن يضع الختم وتوقيعه للمرة الثانية) (على حد تعبيره أمام السيدة)  –كأن جلب السيدة ركانة بهذه الصورة ليس فيها مشقة!- ألم يشعر هذا اللواء بالخزي والعار عند ما أخبروه بقبيح عملهم معها؟

مرة أخرى أقول لهذه السيدة "عفارم"، لأنها وقفت في وجه القاضي "النائب العام"، كأنها هي القاضي وهو المتهم. وهو حقا متهم، لأنه تخاذل عن القيام بواجبه الذي يحتمه عليه منصبه –نائبا عاما- ورفض قبول دعوى السيدة. أما ذلك الجندي المجهول الذي اتصل أكثر من مرة لإيقاف هذه المهزلة، فنقول له شكرا.

 

أما معالي وزير الداخلية –الوالي-  فكأنه "لا في العير ولا في النفير"، ولا يستطيع أن يقف موقف ذلك الوالي الذي سردنا قصته آنفا، (عندما أمر بجلب المجرم "اللواء"، وأمر بقتله على ملأ من الناس ليتعظ به المجرمون) وكأنه آخر من يعلم، وليس له من الأمر شيء.

*كاتب سوري

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ