ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
خُبث
اللسان : كاشِف لخُبث القلب ، أم
مُنشئ له !؟ ماجد زاهد
الشيباني احتلف فقهاء القانون ، حول (العَقد)
؛ هل هو كاشف لإرادة المتعاقدين
، أم هو منشئ لها !؟ وكل منهم
تناول الأمر من زاوية رؤية
معيّنة له فيها حجّة وبرهان ..! فهل خُبث اللسان ، الذي يقذف
بالشتائم هنا وهناك ، ولا يبالي
بأيّة لفظة هابطة ، أو متدنّية ،
يلوكها في فمه ، ثم يقذفها في
وجوه الناس ، ويجرج بها أشخاصهم
وأعراضهم .. هل خبث اللسان هذا ،
كاشف لخبث القلب ، أم هو منشئ له
ابتداء ولم يكن موجوداً من قبل !؟ في هذا
الأمر بعض التفصيل ، يختلف عن
تفصيل فقهاء القانون .. فنقول : • ثمّة
فرق ، بين مايقوله المرء بلسانه
دون تعمّد ، على سبيل اللغو ، أو
العبث .. أو تحت وطأة انفعال طارئ
.. ثم يعود فيعتذر عنه ، حين
ينبّه إلى مافيه من خطأ أو سوء
أو ضرر.. أو يستغفر الله منه ،
إذا كان من أهل الإيمان ، وكان
الزلل الذي وقع فيه يجرح إيمانه
؛ كأن يتلفّظ بكلمة كفر يتحرّج
منها في الأصل ، في حالته
العادية الطبيعية ، ثم يعود
فيستغفر الله منها .. وربّما
يدفعه الإحساس بالذنب ، إلى دفع
صدقة أو كفّارة ، وإلى البكاء
على ذنبه ، الذي وقع فيه دون أن
يتمكّن من ضبط انفعاله وكلامه !
وفي القرأن الكريم إشارات واضحة
، إلى الفروق بين ما تلقي به
الألسنة لغواً أو سهواً ، وبين
ماهو ناجم عن فعل إرادي مصمّم ،
منبعث من قلب يَعي ما بداخله من
رصيد لهذه الكلمة ! • الزوج
الذي يحبّ زوجته ، ويرغب
باستمرار الحياة معها ، قد
ينفعل في لحظة ما، فيلقي في
وجهها بكلة الطلاق ، طلقة واحدة
.. وربّما يلقي لها بكلمة الطلاق
ثلاثاً! إلاّ أن نيّته بعيدة
تماماً ، في أعماقه ، عن أن
يفرّط بها ، أو يتخلّى عنها ! وقد
يندم ندماً شديداً ، بعد أن يعود
إليه توازنه النفسي والذهني !
لذا ، فالطلقات الثلاث ، التي
يملك الحقّ فيها ، تعدّ ضمانة له
، ولزوجته ، وأسرته ، وبيته ..
أكثرممّا تعدّ سلاحا لديه ! لأن
سلاح التفريق موجود في الطلقة
الواحدة ، إذا رغب به ! وهنا لا
تتّضح إرادة الزوج في مفارقة
زوجته ، إلاّ عند تكرار الطلقات
، على مدد مختلفة ! • التلفّظ
بشتم الربّ والدين ، نزقاً ، أو
جهالة .. رائج في بعض المجتمعات
التي يكثر فيها السفهاء ،
وتنتشر فيها السفاهات ! إلاّ أن
شتم الأنبياء حالة نادرة ،
لاتقع إلاّ من متعمّد ، حاقد على
النبيّ الذي يشتمه ! • تكرار
الهجوم على النييّ ، وشتمه ،
واتّهامه بما لايليق بمقام
النبوّة .. كل ذلك يعزّز افتراضَ
فسادِ القلب وخبثِه .. حتى على
فرض أن السفاهة الأولى ، قد وقعت
منه بحقّ النبيّ سهواً ! • انطلاقاً
من فكرة أن اللسان كاشف لما في
القلب ، لامنشئ له ، وفق البنود
الواردة أعلاه ، واستئناساً
بقول الشاعر ـ في الحالة التي
يفترَض فيها التعمّد والإصرار ـ
: إنّ الكلام من الفؤاد ، وإنّما
جُعِلَ اللسان على الفؤاد
دليلا نرى أن ماتلوكه ألسنة الخبثاء
السفهاء ، الحاقدين على
الديانات ، ومقدّسات الشعوب
والأمم ، من هجوم على الانبياء
والمقدسات .. ليس هو الأهمّ ،
الذي ينبغي النظر إليه ، والبحث
في كيفية التعامل معه ، مِن قِبل
الآخرين الذين تشتَم مقدّساتهم
.. بل الأهمّ هو كيفية التعامل مع
الغدّة ذاتها ؛ غدّة الحقد
والسفاهة ، التي تفرز الشتائم
بين آونة وأخرى! أيْ أن المطلوب
، هو معالحة الحالة البشرية
ذاتها ، حالة الشخص ، لا ما
تنتِجه من فساد وسوء ، وفتنة
وضلال .. عبر كلام قد يَحتجّ بعض
الغيارى عليه ، وقد يعتذر عنه
صاحبه بلسانه ، امتصاصاً لغضب
هؤلاء الغيارى .. ثم يعود إلى
التعبير عنه بوسائل آخرى مختلفة
! نلك هي
المسألة.. والناس إزاءها أصناف : ـ بعضهم
يسَرّ بها .. وهؤلاء من الطينة
النفسية والخلقية لصاحب
الشتيمة ، حتى لو كانوا من دين
مختلف ! فالأمر هنا متعلق
بالأخلاق والمروءات الإنسانية
، أكثر من تعلقه بالعقائد
والديانات ! فكريم النفس والخلق
، يأبى أن يشتم عقائد الآخرين ،
احتراماً لمشاعرهم ، واحتراماً
لعقيدته التي يعرّضها للشتم من
قِبلهم ،على سبيل المعاملة
بالمثل.. إذا
كان ممّن يؤمنون بعقيدة ما ،
أيّة عقيدة ممّا يمكن أن يؤمن به
البشر ! ـ بعضهم
لايهمّه الأمر .. وهؤلاء لا
يَعدّون محمداً نبياً لهم ، إذا
كانوا من المحسوبين اسماً على
ملّته ! ولا يَعدّون عيسى نبياً
لهم ، إذا كانوا محسوبين اسماً
من أتباع ملّته ! ـ بعضهم
يفضّل أن يشتَم أبوه وأمّه ، على
شتم النبي الذي يتبعه ويؤمن
برسالته ! ويرى أن نصرة الأنبياء
والأديان ، لا تقل أهمّية من
الناحية الوطنية ، عن نصرة
الأوطان التي تؤمن أكثرية
أبنائها بالأنبياء والأديان ..!
وهي لدى المؤمنين المتمّسكين
بدينهم ، أهمّ
وأوجب ، وأكثر قداسة ! ـ بعضهم
يسوّغ للشاتم فعلته ، من
منطلقات تتعلق بمصلحته ، إذ
تكون له صلة ما ببعض المتنفذين ،
الذين يدعمون الشاتم ! ومن
المسوّغات : الادّعاء باهتزاز
شخصية الشاتم ، وضعف التوازن
العقلي والنفسي لديه ! ومنها
كذلك : قلّة أهمّية الشاتم ،
وضآلة شأنه ، وضعف تأثيره ! ـ أكثر الذين يؤذيهم شتم النبيّ ،
لايدرون مايفعلون ! وكثيرون
منهم يتصرّفون بردود فعل
عشوائية ، قد تؤذيهم ، وتؤذي
قضيّتهم التي يدافعون عنها ،
أكثر ممّا تسهم في كبح جماح
المجرمين الذين يتطاولون على
مقدساتهم ، كما دلّت على ذلك
تجارب عدّة ، في أزمنة متعاقبة
..! ( ومن أكثر الأمور إيذاء ،
توسيع دائرة المسؤولية عن
الجريمة ، لتشمل غيرَ أصحاب
الوزرالمستبيحين لحرمة
المقدسات !) . إن المسلمين منهم ،
على سبيل المثال ، يقرأون في
كتاب ربّهم ، صباحَ مساء ، أن
الجهاد يكون بالمال والنفس !
وإذا كان الجهاد بالنفس ، يشمل
فيما يشمل ، الجهاد باللسان
والقلم ، كما يشمل الجهد العقلي
بأنواعه .. ( وكل ذلك دون اللجوء
إلى العنف) فإن المطلوب ، هو
التنسيق بين أصحاب القدرة على
الجهاد ، الراغبين بالدفاع
الصحيح المنضبط ، عن نبيّهم ،
وعن مقدّساتهم التي يستبيحها
السفهاء بألسنتهم وأقلامهم !
أمّا الجهاد بالمال فهو متعدّد
الفوائد متنوّع الطرائق ، ويمكن
توظيفه لخدمة الهدف إعلامياً
وسياسياً ، وقضائياً في بعض
الحالات التي يجدي فيها التدخل
القضائي .. وغير ذلك من أوجه
التوظيف المالي ، التي تكبح
جماح الحاقدين ، الذين وظّفوا
أنفسهم دمىً رخيصة عند شياطين
الإنس والجنّ .. وإن كان بعضهم من
أخبث شياطين الإنس ، وأكثرها
سفاهة ولؤماً ! ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |