ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 11/11/2007


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

بيروت في  دوامة الإنتظار..أهو قرار الإنهيار؟!

د.نصر حسن

تبدو بيروت تائهة أكثر من أي وقت مضى , وضائعة في غياب العثورعلى رئيس جمهورية يرضي شهوات الجميع , رئيس ينقذها من مجهول أصبح هو الآخر جامع اللبنانيين على غير هدى في هذا التشقق السياسي والأهلي الخطير , ومع طغيان سيناريو الفراغ والإنتظار اللذين أنتجهما غياب الحسم في لحظات خلت وغلبة المفاوضات والإجتماعات والوفود التي تأتي وأخرى ترحل ولبنان لازال "بخفي حنين" , بيروت تزداد دفعاً نحو انتظار قدر ما ضمن حرائق المنطقة ودخانها وأقدارها , ورغم كثافة الرسائل التحريرية والشفهية لكل من يعنيه الأمر على مستوى الأطراف الداخلية التي أصبحت أشبه بمتوازيات لاتلتقي , وعلى مستوى قوى إقليمية وفي مقدمتها النظام السوري الإيراني منفردين ومجتمعين والمؤثرين بشكل كبير في رسم محددات الصورة الدرامية اللبنانية , وعلى مستوى القوى الدولية التي يبدو أنها تساهم في مط الإنتظار إلى أقصى مدى ممكن , وأصبح لبنان رهينة لدى تلك الأطراف المتناقضة, رهينة الإنتظار المجنون والمجهول الذي تبدو ملامحه أشبه بوصلة مقصودة خطيرة لرسم جغرافي وسياسي للبنان الجديد .

 

وفي ظل هذا الضباب والدخان يبقى العجز الموضوعي الداخلي والخارجي هو الواضح الوحيد ,الذي يجمع كافة الأطراف الحريصة على سيادة واستقلال لبنان وديموقراطيته ووحدته وتجنيبه وقوع مالاتحمد عقباه , وفي دوامة الشعارات والرسائل والصياغات والمشاورات على مستوى التركيبة السياسية والطائفية في لبنان والعربية والدولية , يزداد وضوحاً القاسم المشترك بينهم وهو التأجيل ثم التأجيل ثم التأجيل , وصولاً إلى الإستحقاق الخطيرالذي سوف يفرض نفسه على الجميع , وكأن مستقبل لبنان  يطبخ على نار هادئة بانتظار القادم الجديد , ومحددات الصورة الحالية  تشي بأنه المجهول , إذ مع حركية نشاط الأطراف على طريق اشتقاق حل نظري لازال إلى الآن غائباً,  وإن حضر سوف يضاف إلى قائمة القرارات الدولية التي لم تنفذ ,والحرص العربي الذي لم يترجم سوى إلى خوف , والوعود الخارجية التي تبعثرت في ظل فصول الدراما اللبنانية المتسلسلة, في محصلة هذا كله هو إعطاء الطرف الأقوى في المعادلة اللبنانية والإقليمية والدولية وهو حزب الله الوقت المضاعف لتثبيت وجوده العسكري على الساحة اللبنانية, ولايعنيه كل مايجري في القصور والفنادق ومكوكية الوفود , فهو يغزل نسيجه على نول آخر ولايعنيه  التنظير والتأويل , وكل مايعنيه هو فرض سيطرته على الأرض في مفاصل توحي بأنه قرر أن ينتقل إلى مرحلة تحقيق هدفه الستراتيجي على الأرض داخل لبنان تحديداً ,ويتصرف على قاعدة لكل مقام مقال, ولكل قوة أثناء الحسم حجم ومكيال.

 

فبعض عنوان المرحلة القادمة ,يوحيه الإعلان عن المناورات الكبيرة الذي قام بها حزب الله بدون علم الحكومة ودون معرفة الجيش اللبناني والأجهزة اللبنانية ,ناهيك عن قدرة القيادات السياسية على العلم ,حتى وإن علمت فلسان حالها يقول : لاحول لنا ولاقوة سوى في النخوة الدولية الحاضرة الغائبة هي الأخرى!,فموازين القوى المادية في حالة الفراغ المركب الكبير التي تعصف بلبنان هي التي تحدد مسار الأمور في نهاية المطاف , وقوة حزب الله التي هي امتداد لمخطط النظام السوري الإيراني وإصرارهم على تقويته إلى هذا الحد مادياً وعسكرياً ومذهبياً ولوجستياً ,توحي بأن الأمور وصلت إلى مستوى كسر العظم في لبنان على المستوى الداخلي , الطائفي والمذهبي أولاً والدستوري ثانياً  والسياسي ثالثاً والإقليمي رابعاً ,والعربي خامساً والدولي سادساً , ووضع الجميع أمام حالة حساب البيدر اللبناني الجديد بالواقع الجديد ,الذي سوف يكون له معطياته وعناوينه الجديدة التي تفرضها القوة العسكرية الكبيرة لحزب الله.

 

وبعض مستقبل لبنان الآخر هو في عسكرة الحياة السياسية وخربطة الثوابت الطائفية ,ونجاح حزب الله في اختراق خطوطها الستراتيجية في لبنان عن طريق اصطفاف بعض الأطراف المسيحية معه استناداً إلى أجندة ومصالح شخصية بحته محققةً له غطاءاً مرحلياً مهماً على طريق الوصول إلى هدفه النهائي ,والمتمثل بهدف النظام السوري الإيراني في لبنان والمنطقة , فحزب الله ومعه من معه , وبقدرته العسكرية التي وصلت إلى مستوى قياسي الآن ,وعلى أرضية حرب تموز 2006 التي أظهرت بطولات قياسية على مستوى الحزب , وتدمير قياسي على مستوى لبنان, وفراغ حكومي ودستوري قياسي أيضاً ,و أفرزت عجز سياسي لدى كافة الأطراف في لبنان وقياسي هو الآخر , نتج عنه بالمحصلة تثبيت الرهان على الإرادة الدولية التي تراوح بين حدين نظريين ,الأول هو العمل مع كل الأطراف للحفاظ على صورة العجز المخيفة الراهنة والمراوحة فيها من جهة , والضغط اللفظي على النظام السوري الإيراني ,الذي لاينتج سوى إعطاء الوقت الكافي لهم على الأرض اللبنانية من جهة أخرى , والقوى الأخرى على الساحة اللبنانية لاتملك سوى انتظار الوعود والتمني بقوة العدل والقانون غير الموجود .

 

بقي أن نقول أن لبنان بصورته الراهنة طائفياً وسياسياً وحكومياً , لانقول على أبواب بل دخل مرحلة ربما هي الأخطر في تاريخه كله , ومقدمة هذا الخطرهي أمرين أساسيين : الأول وهو ناتج عن عملية التمديد القسري للرئيس الحالي إميل لحود ,ومانتج عنه من اغتيالات أفقدت لبنان توازنه ودوره الحكومي والطائفي والسياسي , وأخطرها كان اغتيال الراحل رفيق الحريري وماتبعه من قرارات دولية سكٌنت الجريمة على طريق حلها الذي طال كثيراً , وبهذا قدمت الفرصة لمعطيات جديدة على الأرض ليست في صالح الحل , والثاني وهو الأهم أن الأطراف المعنية بإخلاص لبنان مماهوفيه وتحقيق العدالة في الجرائم ومحاسبة المجرمين , لم تقدم الفعل والمبادرة المستقلة المطلوبة في وقتها لمعالجة مايحدث في لبنان, وتوكلت على الإرادة الدولية المفتوحة , وفاتها في أجواء الإغتيالات السابقة واللاحقة أن هدفها هو المحافظة على وحدة واستقلال وديموقراطية لبنان التي لم تعد موجودة سوى نظرياً, وبهامش حكومة أصبحت واجهة لخراب لبنان ,ووقعت في الربط النظري بين ماتم من جرائم بالنظام السوري الإيراني ,واشتغلت نظرياً وإعلامياً فقط على هذا المسار , الذي يتعقد مع مرور الوقت وعملياً لم ينتج عنه شيئ إلى الآن , ورغم أن دور النظام السوري الإيراني التخريبي من الوضوح الكبير في لبنان ولايحتاج إلى تحليل , ويعكسه بشكل مباشر وصريح وفج موقف النظام السوري وعدم التخليه عن سياسته السابقة في لبنان , وأيضاً وضوح حزب الله في أجندته وعمله على الأرض وتمسكه بثوابت هدفه البعيد المدى ,وزيادة قوته المادية بشكل خطير لحدود تهديد أسس المعادلة الداخلية اللبنانية .

 

في ظل هذه الصورة الراهنة تضيق الخيارات ,بل تكاد تنعدم,  ليصبح لبنان كله مجبر على خيار وحيد يقرره النظام السوري وأدواته , إذا لم تبادر كل الأطراف الحريصة على وحدة لبنان وسيادته, على الإنتقال الفوري من التسليم للوعود ومحاكاة الوضع الراهن نظرياً والمساجلة سياسياً ,ومن خطورة إنتظار القرارات الدولية التي لم ينفذ منها شيئ , سوى المطالبات والضغوط الخجولة والتحذيرات الشكلية والزيارات المكوكية والمساومات المختلفة, وحده الإنتقال السريع إلى حالة المبادرة الفعلية على الأرض هو الذي يغير بعض قواعد اللعبة الخطيرة , ولاينقصها سوى ذلك , فهي تملك الشرعية الدستورية والأكثرية النيابية , والشرعية الديموقراطية والشرعية العربية والدولية , بخلاف ذلك يخشى أن الوضع الحالي سيكون جنة أمام نار التفكك والإنقسام , بين قسمة يقررها النظام السوري الإيراني وآخرين , وأي قسمة ( فتنة ) مخيفة تلك ؟!.

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ