ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
تَحول
السياسي إلى حكواتي في مقهى ..
ماذا يعني !؟ ماجد زاهد
الشيباني حين يفقد السياسي المحترف ،
أدوات السياسة كلها : ـ من أفكارذات قيمة ، تصلح
للتسويق ، في بلاده ، وبين شعبه
.. ـ ومن جماهير، تؤمن بأفكاره ،
وتؤيّدها ، وتتّخذ منه زعيماً ،
أو مناضلاً ، أو مفكّراً.. ـ ومن شعبية له بين قومه ( في
مدينة ، أو حيّ ، أو قبيلة ، أو
قرية ) في وطنه ، تسانده في تحقيق
طموح سياسي معيّن .. ـ ومن دولة خارجية ، يستمدّ منها
الدعم الفكري والمالي والسياسي
.. حين
يفقد السياسي هذا كله ، ولا يبقى
لديه من أدوات السياسة ، إلاّ
قدرته على التفلسف والحذلقة ،
وكتابة المقالات الباهتة ،
العاجزة عن تحريك عقل ، أو نزعة
وطنية ، أو إنسانية..
والخالية من كل قيمة وطنية ،
أو خلقية ، أو علمية ..! ولا يجد
له عملاً ، إلاّ تسلية الناس
بهذه الكتابات ، التي يدبّجها
في مقاهي بلاده ، أو مقاهي الدول
الاجنبية ، كما كان يفعل
الحكواتي القديم .. حينئذ يصبح
واجباً على هذا السياسي ، أن
يضفي على نفسه قليلاً من
الاحترام ، ويقدّم للناس الذين
ندب نفسه لتسليتهم ، أشياء
تؤنسهم وتسرّهم ، لا أشياء
تزعجهم وتعكّر صفوهم ، من سباب
وشتائم وتجريح ، لهذا الفريق ،
أو هذه المجموعة .. ومن هجوم على
عقائد الناس ، وقيمهم
الاجتماعية والخلقية ..! وذلك ،
ليستمرّوا في سماع كلامه ،
وقراءة كتاباته ، والتعاطف معه
في مأساته المعقّدة ، التي
لايستطيع أن يقدّرها حقّ قدرها
سواه ..! فهو: • أفنى
شبابه سياسياً ، حالماً بنوع من
الزعامة ، استناداً إلى أفكار
كانت تَرد إليه من دولة
غيردولته .. في زمن معين ، ثم
تغير الزمن ، فلم تعد صالحة
للتسويق ، بلْهَ صناعةَ الساسة
والزعماء ! • وحين
بلغ الكهولة ، وجد نفسه عاطلاً
عن العمل ، لأنه لم يتعلم في
طفولته وشبابه ، حرفة تساعده
على كسب رزقه ! • أدمنَ
معاقرة الأحلام السياسية ، ولم
يعد لديه شيء من أدواتها ! • لا
يستطيع أن يحصل على منصب في
دولته ، حتى لو نافق ، وتزلّف
لأصحاب السلطة فيها ، لأن
المحلات كلها ملأى بالمنافقين ،
وليس ثمّة شواغر لأمثاله ! • لا
يستطيع أن يكون معارضاً
حيقيقياً ، لأن المعارضة تحتاج
إلى عناصرلا يملك منها شيئاً ،
مثل الجماهير الشعبية ، الفكرية
أو العصبية ، ومثل الفكر النيّر
السديد الذي يجعل منه شخصاً
مؤهلاً ـ بنفسه ، وملكاته ،
وقدراته ـ .. للعمل السياسي ،
والطموح إلى المناصب السياسية ! • لا
يملك قدرة على التعامل الجادّ ،
مع القوى السياسية المعارِضة
للحكم في بلاده .. • يحقد
على أكثر القوى الموجودة على
الساحة السياسية في وطنه ،
القائمة على رأس الحكم ،
والمعارضة على حدّ سواء ،
ويَخشى الجميع ، وكل منهم مَصدر
قلق له ، من زاوية معينة ! • لم
يعد يملك إلاّ قلماً ، عاجزاً عن
كتابة جملة سليمة بلغةِ قومه ..
وسلَطةً من الأفكار، المشحونة
بحَذلقات وهَرطقات ، وأوهامٍ
وتخيّلات ، وجذاذاتِ أفكار
متناقضة ، ونشاراتِ مذاهبَ
متآكلة ، ورزمٍ من ألوان الحقد
والحسد ، وسلالٍ من أنواع
الاتّهام والتجريح ، يَحرص على
جعلها براقة ، ويغلفها بأغلفة
ملوّنة من شتّى الأصناف ،
يشتريها ، أو يسطو عليها ،
من محلاّت متخصّصة ببيع السلع
الأثرية ، من عهود قديمة ، كعهد
إفلاطون ، أو هيرقليطس ، أو
سبينوزا .. أو من عهود حديثة ،
كعهد ديكارت ، أو نيتشه ، أو
هيغل .. وذلك ليضفي على أفكاره ،
نوعاً من جلال التاريخ حيناً ،
ومن بريق الحداثة حيناً آخر..
لم
يعد يجد لديه ، سوى هذا الركام ،
يسوّقه في أكياس من الكلام !
وإذا انقطع عن تسويقه ، انقطع
رزقه ، وانقطع أمله ، أو حلمه ،
أو وهمه .. بأن يكون ، يوماً ما ،
شيئا مذكورا ..! • فماذا
يفعل ، سوى أن يكون حكواتياً ،
في مقهى مهجور ، على رصيف مهجور،
في شارع مهجور .. يتصيّد الزبائن
لكلماتِه ـ بضاعتِه المزجاة ـ ..! * فأيّة مأساة أبلغ من هذه !؟
وأيّة مأساة يصنعها بنفسه لنفسه
، إذا تصوّر أنه يستطيع كسب
زبائن، لكلماته المشحونة بكل
الركام المذكور، من الأحقاد ،
والشتائم ، والهرطقات، وتجريح
الخلْق ! • أفليس
أجهلُ حكواتي ـ والحال هذه ـ
أسعدَ حالاً منه ؛ لأنه أكثر
حصافة منه ؛ إذ يسمِع الناسَ
مايحبّون أن يَسمعوه ، من سيَر
الأبطال والشجعان ، فيشدّهم
إليه ، ويكسب ودّهم ، ورِفدَهم ،
واحترامَهم لمهنته ، حتى لو
أيقنوا أنه يبيعهم أوهاماً
وأكاذيبَ .. مادامت خالية من
الحقد والاتّهام ، والتجريح
والحسد ، والعقد النفسية
القاتلة !؟ ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |