ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 15/11/2007


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

هل تسعى واشنطن لتغيير ما، في دمشق ...

لعزل بيروت عن طهران؟

الطاهر إبراهيم*

أجمع المحللون السياسيون في لبنان وفي المنطقة أن خطاب نصر الله يوم الأحد 11 تشرين الثاني الجاري، كان زلزالا سياسيا. فقد امتدح "إميل لحود" ليورطه، واتهم خصومه من 14 آذار بأنهم "لصوص وقتلة ومن عملاء المشروع الأمريكي،الصهيوني". وحتى الوكالة التي كانت بيد دمشق بشأن الاستحقاق الرئاسي فقد بدا كأنها سحبت وأعيدت إلى طهران صاحبة الامتياز الأساسي . وأهم من ذلك، فإن التفويضَ الممنوح من نصر الله ل"نبيه بري" رئيس المجلس النيابي لمتابعة مبادرته في محاورة زعيم الأكثرية النيابية النائب "سعد الحريري"، وزعماء آخرين لتنفيذ الاستحقاق الرئاسي، بدا وكأن التفويض غدا في مهب الريح.

ولم يتوقف الانقلاب عند حدود سحب الوكالة من دمشق وغموض مصير التفويض الممنوح للرئيس "بري"، فإن الجنرال "ميشيل عون" بدا كأنه لا يعرف دوره الحالي بعد هذا الانقلاب  ،طالما أن أطرافا أساسية أقرب منه إلى "نصر الله" قد تم تهميشها. فالجنرال، مهما قيل عنه في استماتته في القتال حتى آخر نفس ليصل إلى الرئاسة الأولى، ليصفي حساباته مع الذين ساهموا في نفيه إلى باريس، -دمشق وسمير جعجع على غير اتفاق بينهما- فوجئ –كما فوجئ الآخرون- بخطاب "نصر الله"، وهو يحسب نفسه بمكانة منه بحيث ينبغي أن يشاوره ،على الأقل، لكن ظنه خاب، لأن الأمر أكبر من تحالف على توزيع المناصب بعد أن دخل المشروع الإيراني النووي على الخط.

غني عن الذكر أن باقي المتحالفين مع حزب الله لم يكن لهم أي شأن قبلا، - هم محسوبون في الأصل على سورية- حتى يكون لهم الآن، طالما أن الجنرال نفسه لم يحسب له حساب . ونضرب صفحا عن الأسماء فهم يعرفون أنفسهم كما يعرفهم اللبنانيون.

الرسالة كانت واضحة. صحيح أن نصر الله هاجم الحكومة اللبنانية –غير الشرعية بتعبير تلفزيون المنار- بعنف وسوّى بينها وبين واشنطن، إلا أن الرسالة كانت موجهة لسركوزي –بعد لقائه مع بوش- الحريص جدا على إنجاز الاستحقاق الرئاسي اللبناني، الذي لا يعتبره إلا إنه إثبات وجود، وليقول  لأنصار "جاك شيراك": انظروا فقد عملت ما أعجز صاحبكم. وكأن نصر الله أراد أن يقول: واحدة بواحدة. النووي الإيراني في كفة والرئاسة اللبنانية في كفة. إذا تركتم إيران وشأنها فلا بأس أن يكون الرئيس مَنْ يكون. لا مطمح لنا في الرئاسة ، فهي شأن مسيحي، ولا فرق بعدها أن يختار البطريرك الرئيس أو تختاره قوى 14 آذار. أما الجنرال عون فدعوه لنا، فنحن نرضيه ب"تبويس الشوارب".

وإذْ أكدنا أن الرسالة موجهة إلى "ساركوزي"، فليس لأنه يعطي الفَسْح "للنووي" الإيراني، بل بصفته "ساعي بريد"، يحمل الرسالة إلى الرئيس "جورج بوش"، فهو وحده يستطيع أن يرفض أو يقبل، وقد رفض بوش الأقل من ذلك بكثير. قد تكون المعركة "مكاسرة" إرادات، أولا وأخيرا. فقد تحدى نصر الله الجميع عندما قال بأن العالم كله لا يستطيع نزع سلاح المقاومة. هل نستطيع أن نقول إن "نصر الله" قد وضع كل رأسماله على الطاولة؟ فإما ما تريده طهران، أوعليه وعلى خصومه بعد ذلك، وليكن ما يكون.

لا شك بأن الكرة الآن في ملعب واشنطن. وهي بالتأكيد معنية بالأمر لأبعد الحدود. القضية ليست قضية رئيس لبناني من 14 آذار أو من 8 آذار. بالنتيجة فإن الرئيس العتيد لن يعمل ضد واشنطن لو كان من المعارضة. كما أنه لن يقطع مع دمشق، فيما لو جاء من قوى 14 آذار. لقد عملت واشنطن بكل ما أوتيت من قوة لإيقاف المشروع النووي الكوري الشمالي، مع أن كوريا ليست دولة مسلمة، وستنتهي إن عاجلا أو آجلا إلى أحضان كوريا الجنوبية، كما انتهت ألمانيا الشرقية إلى أحضان ألمانيا الغربية. فأين المشكلة إذن؟

لقد قامت واشنطن بتحطيم نظام صدام حسين لأنه بدا وكأنه يحاول تشكيل نواة قوة قد تهدد إسرائيل، وذلك من دون إهمال الدافع النفطي في احتلالها بغداد. واشنطن تعرف أن إيران اتخذت من فلسطين قضية محورية كعامل جذب لعواطف المسلمين -أكثر الدول العربية اعتبرت القضية عبئا- لا لسبب ديني فحسب، بل أرادت أن ترفعها رايةً تقف تحتها شعوب إسلامية كقضية مقدسة تخفي وراءها طهران أجندة خاصة بها.

الهدف الشيعي الذي تسعى له طهران يتشكل من حلقات تريدها أن تتشابك في محور يمتد من طهران إلى بغداد مرورا بدمشق، وانتهاء ببيروت. وإذا ما اتصلت حلقات هذا المحور تماسكا صلبا فسوف يصعب على واشنطن أن تبقى في العراق. وإذا بقيت فيه فسيكون ذلك بشروط إيران. وإذا ما أرادت واشنطن كسر هذا المحور -توشك حلقاته أن تتصل- فسوف يكون ذلك في أضعف حلقاته. بعض الاستراتيجيين الأمريكيين يعتقدون أن الحلقة الأضعف الآن هي دمشق، لأن سورية هي الأقل حضورا شيعيا. ولأنه ليس هناك تطابق بين أجندة دمشق وأجندة طهران على المدى البعيد، لأن عداوة دمشق مع واشنطن تختلف عن عداوة طهران، فهي طارئة تحاول دمشق جاهدة أن تصل حبال الود معها من جديد.

حتى الآن ثبت أن واشنطن تقدم رجلا وتؤخرعشرا في دعم المناوئين للنظام السوري. لكن إذاثبت أن نصر الله يعني حقيقة ماقاله في خطابه الأخير كما فهمه اللبنانيون وغيرهم، فهل

ستغير واشنطن من أولوياتها؟

الإستراتيجيون الأمريكيون الذين أشرنا إليهم آنفا، أكدوا أن أحد أهم أسباب إحجام واشنطن عن إعطاء إشارة البدء في ورشة التغيير في سورية، هو معارضة الجنرالات الإسرائيليين لتغيير النظام السوري، بعد أن أثبت لهم على مدى أكثر من ثلاثة عقود أنه يحترم الاتفاقات التي أبرمت معه برعاية "هنري كيسنجر" في اتفاقية فصل القوات في عام 1974. حيث لم يسجل ولو خرق واحد. بل لم يردّ ولو لمرةً واحدةً على الطلعات الجوية التي كان الطيران الإسرائيلي يخترق فيها الأجواء السورية حتى وصل إلى أقصى الشمال الشرقي في سورية ،واخترق حاجز الصوت فوق قصر الرئاسة في اللاذقية.

بعض الإستراتيجيين الأمريكيين زعموا أن الجنرالات الإسرائيليين قد يغيرون مواقفهم إذا تأكد لهم أن النبرة المرتفعة لخطاب نصر الله الأخير لها علاقة ببرنامج إيران النووي آنف الذكر، عندها فقد يضغط جنرالات إسرائيل من أجل زعزعة المحور الذي تسعى له إيران، وأن هذا لا يتم إلا بتغيير النظام السوري.

أكتب هذه الكلمات وقد سمعت في الأخبار أن وزير الخارجية الفرنسي "كوشنير" قد أقنع البطريرك "صفير" بتقديم لائحة بأسماء مرشحين توافقيين للرئيس "بري" والنائب "الحريري" ،وأغلب الظن أنها ستُقَدم للمجلس النيابي في جلسة يوم 21 الجاري، حتى يُجنب البطريرك الإحراج الذي حدث عام 1988. فإذا قبل "نصر الله" قائمة البطريرك، وترك السفينة تسير إلى بر النجاة فليس هناك من معنى لغضبته المضرية في خطابه الأخير الذي شد أعصاب الجميع، وعندها يعتبر الخطاب كلاما يقال في بازار السياسة اللبنانية لا أكثر ولا أقل.

يبقى أن نعرف أولويات واشنطن في المنطقة وبماذا يفكر الرئيس الأمريكي؟ وهل هناك أي مفاجآت عنده. ولا يسعنا إلا أن نقول: إن غداً لناظره قريب.

*كاتب سوري    

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ