ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
لماذا
لا يُتْرَكُ اللبنانيون
ليقلّعوا شوكَهم بأيديهم؟ الطاهر إبراهيم* هل أصبح اللبنانيون عالة على
غيرهم في اختيار ما يصلح لهم
ورفض ما لا يصلح لأنهم غير
مؤهلين لاختيار الرئيس
والحكومة؟ أم أن الغير هم الذين
اعتدوا على شئونهم الخاصة
وفرضوا أنفسهم عليهم؟ من الواضح
أن بعض اللبنانيين ولأسباب
مختلفة، كانوا يلجأون إلى الغير
في شئونهم الهامة، بينما قد
يلجأ البعض الآخر إلى الغير في
كل كبيرة وصغيرة. كما أن بعض
الذين لا طائفة تسندهم ولاحزب،
يسعون عند هذا الغير أو ذاك لدعم
وجودهم في السياسية، كتابعين
لأولئك الغير، على قاعدة: "خذ
وهات". لنفترض جدلا أن اللبنانيين
اختلفوا فيما بينهم، وأن الخلاف
تفاقم وكاد يصل إلى الاحتكام
إلى السلاح، وأن الوضع السياسي
الإقليمي منع الآخرين من التدخل
لصالح هذه الفئة أوتلك ، فماذا
سيفعل اللبنانيون؟ هل يستمرون
في التصعيد؟ أم أن العقلاء منهم
سيعرفون أن الكل خاسر، وأن
تنازلات من الأطراف المتصارعة
سوف تحقن دماء الأخوة الأعداء
وأن أفضل الحلول هو الصلح على
قاعدة لا غالب ولا مغلوب. لماذا ترفض كل الدول أن يتدخل أحد
في شئونها وتعتبره خطا أحمر
وعدوانا على سيادتها ،بل قد
تعلن الحرب على من يفعل ذلك؟ بل
إنها ترفض أن تلفتَ نظرَها دولة
من الدول أو منظمة تُعنى بحقوق
الإنسان إلى سجلها السيئ في
حقوق الإنسان ورداءة معاملتها
لناشطي المجتمع المدني، وتعتبر
ذلك تدخلا في شئونها الداخلية.
إلا في لبنان فإن سيادته
مستباحة عند الجميع. (انتقادات
الدول أو تقارير منظمات حقوق
الإنسان غالبا ما تكون انتقائية.
فقد أغمضت تلك الدول والمنظمات
عيونها زمنا طويلا عن اعتقال
عشرات الآلاف. وعندما اعتقل
عشرة من ناشطي المجتمع المدني
في سورية، وهو عمل مدان على كل
حال، أقامت تلك الدول الدنيا
ولم تقعدها عندما كان ذلك يخدم
سياستها). عندما نقول أن لبنان أصبح بلدا
مستباحا لتدخلات الدول في
شئونه، فإننا لا نقصر الانتقاد
على دمشق وطهران فحسب، بل إن
التدخل الأمريكي والأوروبي
مدان أيضا. أما فرنسا، فقد رأينا
وزير خارجيتها يأتي ويعود إلى
لبنان -سري مري- وكأن الاستحقاق
الرئاسي اللبناني أصبح شغله
الشاغل، وكأنه لم يعد لفرنسا من
اهتمامات أخرى، إلا لبنان. يوم أن احتلت فرنسا لبنان، نسي
اللبنانيون أنهم مكونون من
عشرين طائفة، وتصرفوا مع
الاستعمار الفرنسي وكأنهم
أبناء ملة واحدة، لأن فرنسا ما
احتلت وطن المسلمين والدروز
واستثنت وطن النصارى، فقد شعروا
أنهم "كلهم في الهم لبنان". وإذا صدف أن كان من اللبنانيين –أثناء
الاحتلال- أصدقاء لفرنسا مقربين
منها، وهم قلة على كل حال،
وكانوا من كل الطوائف، وليس من
طائفة واحدة. لقد كان من لبنان رجالات رفعوا
اسم لبنان عاليا نذكر منهم -على
سبيل المثال لا الحصر- :الرئيس
"بشارة الخوري" أول رئيس
جمهورية للبنان في عهد
الاستقلال، ورئيس الوزراء "رياض
الصلح" الوطني الكبير الذي
ناضل طويلا حتى خرج الفرنسيون
من لبنان، ورئيس مجلس النواب
"صبري حمادة"، وآخرين كثرا
من كافة الملل والطوائف. لقد كان لبنان دائما في خير حتى
بدأت التدخلات الخارجية في
شئونه. ولو أن الأمر ترك
للبنانيين "ليقلّعوا شوكَهم
بأيديهم"، فيختلفون
ويصطلحون، ويهاجمون بعضهم على
صفحات الجرائد، ثم يلتقون على
"تبويس الشوارب"، لكان
لبنان غير الذي نراه اليوم وقد
كاد يتفرق "أيدي سبأ".
اتركوا لبنان وشأنه وهو في ألف
خير. نقول لدمشق عاصمة بلاد الشام: لقد
"شبت بيروت عن الطوق"
وماعادت جزءا من سورية الكبرى،
فالولد عندما يتزوج ينفصل عن
والديه. كما نقول لباريس:
اللبنانيون القلائل الذين
كانوا يدعون فرنسا بالأم الكبرى
طواهم الزمن، وما عاد أحد من
اللبنانيين ينطق لسانه بهذه
التسمية: أما أنت يا واشنطن:
فاتركي العرب جميعا وهم بألف
خير، ونار الدكتاتورية ولا جنة
الديمقراطية كما نشاهدها في
العراق. أما أنتم أيها اللبنانيون: أما
تأكد لكم أن انتصار فئة منكم على
فئة أخرى هي هزيمة للوطن، وهو
الفشل بعينه. عودوا إلى رشدكم
ولا تستقووا بالخارج على الوطن.
كونوا كما فعلت فصائل المعارضة
السورية، التي لم يمنعها أن
النظام شتتها في أصقاع المعمورة
أن يُنَصّ في بيان المؤتمر الذي
عقدته بعضٌ من فصائلها في لندن
في آب من عام 2002 على جملة جاء
فيها: "لا يستقوي على الوطن
بالأجنبي إلا من هانت عليه نفسه".
*كاتب سوري ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |