ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 19/11/2007


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

وما زال الغلاء مستمراً

مروان سليم حمزة*

يوماً بعد يوم ، يزداد كابوس الهم المعاشي على كاهل المواطن السوري ، في وقت قد يكون من أصعب الأوقات على مدار السنة ، ويضاف فوق ماتراكم على كيانه من أحمال تنوء من ثقلها الجبال .مقابل دخل لا يسد الرمق الباقي من حياته !! وكل ذلك يتم تحت نظر حكومة عاجزة عن معالجة الأمر , أو بالأحرى غير مهتمة بمعالجته .!!

أخبار في العلن عن ارتفاع في أسعار المحروقات ، وما يتولد عن ذلك بشكل آلي من ارتفاع في أسعار كل شيء . وفعل في السر تحت جنح الظلام ، وبشكل هادئ نتج عنه تغيير في تعرفة أسعار الكهرباء وكان الأمر تمرير جانبي تم على وقع أزمة الترقب لغلاء الأسعار بشكل عام ؟؟.

وأضحى المواطن في بلادنا ، ينام على قلق وترقب وتوتر وإجهاد عقلي ونفسي لا يحتمل ، ويصحو على هم متزايد ، وعدم ثقة بنفسه وبسواد الأيام القادمة له ولأولاده ومستقبلهم .!!

ومما جاء في  بيان إعلان دمشق حول الغلاء والبؤس والفساد : أنَ السلطة وعدت  المواطنين في حملتها للترويج لخطتها الاقتصادية الجديدة في العام 2005، بالانتقال إلى ظروف معيشية أفضل ، رواتب أعلى وخدمات أسهل، وفرص عمل أكبر تتيحها الاستثمارات التي ستنهال على البلاد بعد الفرشة القانونية المشجعة والخطة الاقتصادية المحكمة ! غير أن النتائج لم تكن كما وعدت السلطة، فلا الاستثمارات انهالت على سورية، لأن الحصة التي يطلبها النافذون في السلطة من المستثمر والبلطجة التي يتعاملون بها مع المستثمرين لوضع اليد على استثماراتهم، أفقدت الاستثمار في سورية مزاياه ، ودفعت المستثمرين إلى الانسحاب بعد التعرف على الوضع من الداخل. ولا رواتب المواطنين زادت بنسب تتناسب مع التضخم وارتفاع تكاليف المعيشة. ولا الخدمات تحسنت، ولا فرص العمل زادت ، وهناك أكثر من 3 ملايين عاطل عن العمل ، يضاف إليهم سنويا بحدود الـ 300 ألف مواطن يدخلون سوق العمل، ناهيك عن البطالة الموسمية والمقنعة).

أمام الأسلوب الجديد ، الذي ابتكرته الحكومة من أمر مناقشة معالجة الوضع الاقتصادي مع الشعب السوري ( على بساط أحمدي ) يثير الدهشة ؟؟  ومنذ متى كان المواطن المسكين في سوريا يؤخذ برأيه في هكذا أمور ، وكأننا في دولة " مدنية ديمقراطية " حيث بالنهاية ، سيجد المواطن نفسه أمام خيارين للأسف أحلاهما مر،  والنتيجة سيتحمل هو كل العبء الذي سينشأ من ذلك ، كونه " ويا للمفارقة " قد شارك في اتخاذ هذه القرارات المهمة ؟؟ وأصبح الآن في مقابل عجز الحكومة مهماً !! حيث تواصل الصحف المحلية تبجحها بذلك ليل نهار وكأنها قد وجدت ضالتها ( للمرة الأولى ) في موضوع دسم وساخن يهم " كل الناس " ؟ :

وبالدخول في معترك الأسواق نجد المفارقات التالية والخطابات من كل المسوؤلين في هذا الوطن !!

وحسب كلام  معاون مدير الأسعار : بأنه تتم  بشكل يومي عملية رصد أسعار المواد الأساسية ( السلة الغذائية) التي تمس حاجة المواطنين يومياً في المحافظات من خلال مديريات التجارة الداخلية للوقوف على واقع أسعار المواد وتوفرها في السوق.. وقد لوحظ في الآونة الأخيرة ارتفاع جديد في الأسعار. ؟؟

وقد صرح أكثر من مسؤول  حكومي مطلع ، بأن مقترحات إعادة توزيع الدعم التي يجري النقاش حولها في الساحة الإعلامية والشعبية لن تكون موضع التطبيق خلال الأيام أو الأسابيع القادمة, بل سيستمر هذا النقاش والحوار( التشاركي والتفاعلي ؟؟) حولها ريثما يتم الوصول إلى الصيغة الملائمة ، والحل الأمثل الذي يرضي كافة المواطنين ويحقق عملية التوازن ، ويدفع بمسيرة التنمية ، ويحافظ على الموارد الوطنية ، لتكون في خدمة آمال وتطلعات ومصالح أبناء شعبنا ؟؟ .

" كلام جميل ورائع " !! ولكنه يفتقد لمصداقيته في الواقع الموضوعي  .

وأضاف المصدر: بأن الحكومة مازالت ملتزمة بالحوار مع المواطنين لسبر آرائهم حول أفضل السبل للسير قدما في هذه الخطوة الوطنية بما يحقق مصلحة التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتنفيذ الخطة الخمسية العاشرة ( ولا ندري ماذا فعلت السلطة أو ماذا قدمت في كل الخطط الخمسية السابقة ؟؟.). وان هذا الحوار سيتم عبر وسائل الإعلام والحوارات المباشرة واستبيانات للرأي سوف توزع قريباً على شرائح مختلفة من المواطنين لضمان الحصول على أوسع مجموعة ممكنة من الآراء حول هذا الموضوع الهام .‏

- هذا الأمر المستهجن يثير أسئلة كثيرة ولابد من طرحها أجلاً أم عاجلاً :

1 - هل سعت السلطة عبر مشاريعها الكثيرة والمعقدة بدءاً ( بالإصلاح الإداري ) وما صرف عليه من أموال ، ممثلة  بالخبرات الأجنبية التي استوردت  دون جدوى ، ومن ثم الإصلاح الاقتصادي وما راكم من مشاريع وهمية أضرت بالاقتصاد الوطني أكثر مما نفعته ؟؟ والتي تحمل المواطن أعباءها بصورة كاملة ، تمثلت بزيادة الضرائب على كل شيء ؟؟

2 - هل فكرت السلطة ولو تفكير بان الإصلاح السياسي (بكل ما في العبارة من معنى ) والذي يقود بالتالي قاطرة الإصلاح الاقتصادي وكل مايتبعه من إجراءات متكاملة  سيكون هو الحل الأنجع في القضايا التي تهم الوطن ؟؟  أو إن إبدال هذه الأولوية " بالوضع الأمني " هو الأكثر أهمية ضاربة عرض الحائط بمصلحة أكثر من 60 %  من مواطني سوريا تحت خط الفقر ؟؟

3 – هل سمحت السلطة لأحزاب المعارضة بان تشاركها الرأي بذلك ؟ ؟  وكونها إلى الآن ، أشبه ( بالنعامة التي تدفن رأسها  بالطين ) ، لم تعترف بهذه المعارضة !! ولم تسع إلى  " استخراج " قانون عصري للأحزاب ، ورغم مكابرتها بذلك ،  وكون المصلحة الوطنية هي الأهم والأعلى ، فينبغي مجبرة أن تستطلع أراء الجميع دون استثناء !!

4 – هل ساعدت  السلطة بكل مكوناتها ( السياسية والأمنية ) لولادة طبيعية لمؤسسات المجتمع المدني ، ليأخذ التشاور الاقتصادي ، المنحى الصحيح له ، عبر جمعيات ولجان وغرف مختصة قد يكون لها دور في صياغة مستقبل الوضع في هذا الوطن من كل جوانبه ؟؟ ولقد لفت نظري رأي مخالف جاء من أحد أحزاب شركاء السلطة في ( الجبهة الوطنية التقدمية ) !!؟؟

حيث يقول يعقوب كرّو : ( نحن نرفض بالطبع كل شكل من أشكال المزايدة والشعبوية غير المسئولة، ولكننا لسنا مستعدين، في الوقت نفسه، لأن ندلي برأي ونعبّر عن موقف لسنا مقتنعين به، أو أن نخفف من الآثار السلبية التي يمكن أن تنجم عن إجراء أو قرار لم يُعطَ حقه من التشاور والدراسة والتمحيص، لأن هذا يشكل تخلياً منا عن الدور المطلوب من الإعلام ومن سائر القوى الوطنية والتقدمية في ممارسة الرقابة المسؤولة وتسليط الأضواء على السلبيات والثغرات والتحذير منها والدعوة للابتعاد عنها ).

أمام هذه الأزمة  التي أخذ صداها يتوسع في كل الأرجاء ، لم يلمس المواطنون من وعود الخطة الاقتصادية البراقة ، سوى الكلام الجميل ، وزيادة الأسعار والرسوم والضرائب، وأخذت الحالة وضعاً نافذاً ، من خلال تفكير التجار بأن رفع الدعم أصبح أمراً واقعاً وان المواطنين قد استلموا ( الحسنة المستحقة ) وهم يفكرون الآن في كيفية صرفها فقط ؟؟  ونتيجة ذلك  تراجعت قدرتهم الشرائية وفرص عملهم ، وأصبح بالتالي المستقبل غامضاً ، ومثار قلق شديد لهم، خاصة بعد أن اطمأن الفاسدون على مصيرهم ومستقبل نهبهم وابتزازهم، ودخل المتنفذون الفاسدون، بعد أن أمسكوا بمفاصل الدورة الاقتصادية الرئيسية في التنافس على أصغر المشاريع الاستثمارية ، حيث حرموا المواطنين حتى من حق المنافسة على الفتات . هذا قبل أن يتلقى المواطنون، وخاصة أصحاب الدخل المحدود، صفعة رفع الدعم عن عدد من السلع الاستهلاكية الرئيسية في حياتهم مثل الكهرباء والمحروقات، التي سوف تستجر رفع أسعار عشرات السلع، ناهيك عن الخدمات العامة وتفرعاتها ، والذي سيجعل الحياة أكثر قسوة وبؤساً.

والغلاء المستشري له أسباب كثيرة .. لكن للأسف بعض الجهات المعنية بضبط الأسواق والأسعار لا ترى فيه إلا سبباً واحداً هو جشع التجار.. ويتناسون ان السلطة هي السبب الرئيس في ذلك كله ، من خلال ترويجها لأفكار تحلم فيها منذ زمن ، لسد عجزها الذي صنعته بيديها الآثمتين ؟؟ عادت عليها وعلى " مواطنيها " بما نحن فيه الآن ؟؟  فيعقدون الاجتماعات ويدبجون المقولات عن خطط وإجراءات ، يؤكدون أنها ستعيد الأسعار إلى عقالها.. ويتناسون في نفس الوقت أن من يحكم السوق هو قانون واحد ، يتمثل بقانون العرض والطلب.. فالطلب على كل المواد والسلع تزايد خلال العامين الماضيين وارتفع عدد المستهلكين بشكل كبير لسببين :

 الأول : التفجر السكاني السنوي الذي يقدر بستمائة ألف مولود سنوياً ووجود أكثر من مليوني لاجئ عراقي على الأراضي السورية.. شاركوا المواطن السوري في محدودية إنتاجه بكل المواد والموارد ، دون النظر إلى ذلك من خلال بحث هذه الزيادة بشكل جدي مع "الحكومة العراقية " ، وماذا تستطيع أن تقدم ؟؟  لتسهم بضبط الوضع ، وإعادة التوازن إلى الأسواق .

الثاني : وقوف الحكومة مكتوفة الأيدي تجاه الارتفاع الجنوني الذي تمثل في أسعار العقارات والأبنية السكنية ووضح حد لذلك ، حيث أصبحت تجارة رائجة ومربحة تمثلت في نقل رؤوس الأموال من منطقة إلى أخرى (ومن المدينة إلى الريف ) مما سبب في انتشار هذه الظاهرة في عموم أرجاء سوريا . تولد عنها مقارنات وضعية أثرت على استقرار كل الأسعار ؟؟

 وهناك سبب ثالث لارتفاع الأسعار ويتمثل بقلة وشح كميات المياه المخصصة لري المزروعات والخضر الصيفية الناجم عن شح الموسم المطري الحالي ما أثر على مساحة الأراضي المزروعة وجعلها أقل من المساحات في الموسم الماضي ، دون التعويض من قبل السلطة على الفلاحين المتضررين من جراء زيادة تكاليف الإنتاج الزراعي الذي تكبدوه على ذلك .

أمام هذه المعضلة نتساءل عن دور ( ممثلينا ) في " مجلس الشعب " الذين تم انتخابهم في أيام الدوام الرسمي ، بعكس كل دول العالم ، التي تقوم بكل الاستحقاقات الدستورية المختلفة في أيام العطل ، وطبعاً يضاف هذا العبء إلى فاتورة المصاريف التبذيرية  التي تدفع تكاليفها من خزينة الدولة في النهاية ليومين متتالين لكل استحقاق ؟؟ وكأن الانتخابات في أيام العطل تحرج السلطة كون " قائمة القديسين " تصبح  مهددة بالخرق !! وعندها تغدو سمعة ونتيجة  المرشحين المدعومين من قبلها بالأرض ؟؟ .

لا أعرف ما الذي يفعله أعضاء هذا المجلس ؟؟ وهم يرون الحكومة تناقش وتحلل وتبسط الأمور كيفما تشاء، والصحافة الرسمية تمهد الأجواء لنتقبل الأمر بجرعات مخففة ،عن الخسائر المادية التي تتكلفها الحكومة من وراء دعمها لبعض المواد ، دون أن يخطر على بال المعنيين ، التقصير الحكومي الهائل في وضع حد لنهب وسرقة  القطاع العام والهدر فيه ، الكفيلين بامتصاص أي زيادة في الدخل الوطني ، أضف إلى ما تتكبده الدولة من خسائر متراكمة يومياً ، نتيجة الفساد الإداري ، الذي لم تقدم الحكومات المتتابعة أي صيغة أو حل لمكافحته ، أو الحد من آثاره حتى الآن ، أو في أضعف الإيمان ، اتخاذ الإجراءات الصارمة ، التي تكفل منع تهريب المحروقات والسلع المدعومة عبر الحدود ، أو حتى المتاجرة فيها بالداخل ، أو مراقبتها من الغش ) .

مما تقدم ، نجد أن الفجوة كبيرة بين دخل المواطنين ونفقاتهم ، التي هي ليست ترفاً ، وإنما حاجات معيشية ضرورية ومستلزمات لا غنى عنها ، وهنا يطفو إلى السطح سؤالين : هل ما يحدث هو نتيجة ضعف الإجراءات الحكومية لتكون أكثر فعاليةً، ليقتنع ويثق بها المواطن ، وفي الثاني : هل نحن  أمام أزمة ضمير للعاملين في ضبط الأسعار الميدانية ، بسبب منافع شخصية يتقاضونها على حساب استغلال الفقراء ، ولذلك  " يجب " على الجهات ( الوصائية ) التدخل الإيجابي لصالح المواطن ، لا الإعلامي فقط .  

هذا التخبط الاقتصادي الذي نعاني منه الآن . هل هو ناتج بسبب وقوع الحكومة تحت ضغط الأفكار الليبرالية ؟؟ حسب رأي د. سمير سعيفان ، أم هي الأفكار التطبيقية المباشرة لسياسية نظام اقتصاد السوق الاجتماعي ، الذي اعتمد في تسير الخطط المختلفة ،  بتفسيرات متعددة لرهط خبراء الاقتصاد في بلدنا ، وخاصة القرارات الأخيرة ، دون النظر إلى سياسات الرواتب والأجور المتبعة ، والتي لم يعد ينفع معها " المكرمات السنوية أو العيديات "!! ويضاف لها فوق ذلك ، خطأ في التوقيت , فلم يكن من المناسب أن تباشر الحكومة برنامجها بتعديل الأسعار, ونحن على أبواب رمضان الذي يترافق مع افتتاح المدارس وبدء فصل الشتاء.‏, وأن رفع أسعار الطاقة له تأثيرات أوسع بكثير من مجرد تعويض مالي.‏ فلم تتطرق الحكومة لآثار قرارها على تكاليف المنتجات السورية ، الصناعية والزراعية وقدرتها التنافسية, وبالتالي تأثيرها على الصادرات ، وعلى الميزان التجاري وميزان المدفوعات, كما أغفلت إجراءات أخرى مهمة جداً لمعالجة عجز الميزانية ذاته, مثل مكافحة التهرب الضريبي  والذي  يفوّت إيرادات هائلة على الموازنة العامة ...‏

إذاً المهم . أن تعود الحكومة لمعالجة المشكلة بجوانبها المالية والاقتصادية والاجتماعية, عبر برنامج شامل يقوم على عدة أسس تشمل الاستمرار بدعم الطاقة ثم تخفيض الدعم تدريجياً في سنوات قادمة ، وتثبيت فوري للأسعار، واتخاذ إجراءات اقتصادية مقابلة تمتص الآثار السلبية‏ الناتجة عن قراراتها  .

وفي الختام ، يبقى الإصلاح السياسي ، هو محور أي عملية إصلاحية تنوي السلطة القيام بها ، ويضاف إليها كضرورة ملحة ، الإصلاح الإداري والاقتصادي والاجتماعي والثقافي لننتج بذلك  مشروعاً وطنياً يهم الجميع ويشارك فيه الجميع بدون استثناء ...

*السويداء – شهبا

marwanhamza@maktoob.com

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ