ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
التوليفات
السياسية : ضرورات
لابدّ منها في العمل السياسي ! ماجد
زاهد الشيباني 1) في
العمل السياسي لابد من توليفات
، وعلى مستويات شتّى . وقد تكون
التوليفات على مستوى الشخصيات ،
أو على مستوى البرامج والأفكار
، أو على مستوى المواقف ، أو على
مستوى البنود ، المقرّرة من فئة
معيّنة ، أو المتّفق عليها من
فئات عدّة ..! ومنها : • توليفات
عند تشكيل وزارة ، من حزب واحد ،
أو من مجموعة أحزاب وقوى سياسية
موجودة على الساحة .. • توليفات
عند تشكيل قيادة حزب ، أو مكتب
حزبي ذي شأن ، أو لجنة عمل ، أو
نحو ذلك .. • توليفات
عند تشكيل تحالف سياسي ، بين
مجموعة قوى محلية، أو إقليمية ،
أو دولية . • توليفات
عند تشكيل جبهة مضادّة لجبهة
قائمة ، في حالة صراع أو تضادّ
أو منافسة . • توليفات
بين قوى معارضة لنظام حكم معيّن
، تسعى إلى إسقاطه . وقد تكون
وطنية محلية فحسب ، كما قد تدخل
فيها عناصر إقليمية ودولية ! 2) شروط لابدّ من الالتزام بها
لنجاح أية توليفة : ـ إدراك العناصر الداخلة في
التوليفة : طبيعةَ التوليفة ،
وطبيعةَ عملها ، والهدفَ منها . ـ قدرة العناصر الداخلة في
التوليفة ، على التنازل عن بعض
مواقفها ، المتناقضة مع بعض
مواقف العناصر الأخرى . ـ قدرة العناصر الداخلة في
التوليفة ،على تناسي الحساسيات
والعداوات التاريخية القديمة،
إذا وجِدت ، ولو مؤقتاً ! حتّى
يتحقّق الهدف الذي تسعى عناصر
التوليفة إلى تحقيقه .. وبعد ذلك
يخرج الجميع من إطار التوليفة ،
إلى فضاءات خاصّة بكل منهم ! وقد
يسعى الكثيرون منهم ، بعدئذ ،
إلى إنشاء توليفات جديدة ،
لمنافسة بعض عناصر التوليفة
القديمة ! كما قد تنشأ توليفات
متضادّة ، من عناصر التوليفة
السابقة ، تتصارع فيما بينها،
لتحقيق أهداف ومصالح مستجدّة ،
لكل فئة من فئات التوليفة
القديمة ! فالسياسة عمل إداري
فنّي ، يهدف إلى خدمة مصالح
أطراف مختلفة ، تتّفق حيناً ،
وتتعارض أحياناً.. وباتّفاقها
وتعارضها تتّفق السياسات
وتتعارض ! 3) مظاهر مألوفة : ـ الذين يجعلون من مبادئهم
قيوداً تقيّدهم عن الحركة
والفعل ، في أطار التعامل مع
الواقع ، المتقلّب ، والمتغيّر
، والزاخر بشتّى المفارقات
والموافقات ، والتناقضات ،
والأخطاء ، والانحرافات .. فلا
يتحركون إلاّ ضمن غرف ضيّقة ،
جدرانها مبادؤهم وأخلاقهم
الشخصية .. هؤلاء يصعب عليهم
العمل السياسي أصلاً ! ويصعب
عليهم جداً، التعامل مع الآخرين
، في إطار توليفات مرحلية ،
لتحقيق أهداف مشتركة لأطراف
التوليفة ! أمّا الذين تجري
مبادؤهم وأخلاقهم ، أنساغاً في
نفوسهم وقلوبهم وشرايينهم..
وتمدّهم بالعزيمة والحماسة ،
لتحقيق الأهداف التي تخدم
المبادئ ، وتزوّدهم بصِمامات
أمان ، مبرمجة داخلياً ضدّ
الانحرافات .. كما تزوّدهم
بشحنات دائمة من الوعي والحذر،
ورقابة السلوك لديهم ولدى
الآخرين .. أمّا هؤلاء فلا
تضيرهم السباحة في أيّ نهر من
أنهار السياسة ، أو بحر من
بحارها ! وهم أقدر من سواهم ، من
اللاهثين وراء مصالح مجرّدة من
المبادئ ، على تحقيق أهدافهم
المشتركة مع الآخرين ، وأهدافهم
الخاصّة بهم على المدى الطويل ..!
وصلح الحديبية في العهد النبوي ،
يشكّل ، وحده ، مدرسة قائمة
بذاتها ، للمتأمل الحصيف، في
مجال التعامل السياسي مع
الآخرين ؛ إذ يفتح نوافذ
وآفاقاً ، في الفكر السياسي
عامّة ، والإسلامي خاصّة ، بما
يبهر الألباب ، من حيث إنشاء عقد
الصلح ، بتوليفة من البنود ،
التي رأى كل فريق ، أنها تحقّق
له مصلحة ما ، ومن حيث نتائجه ،
بتوليفة من العلاقات الجديدة ،
والتحالفات الجديدة .. ومن حيث
الأهداف البعيدة التي تحقّقت
على أساسه ! ولقد سمّاه ربّ
العالمين فتحاً مبيناً ، حين
كانت عيون الصحابة تدور في
محاجرها ، ألماً منه وحزناً ،
وقلوبهم تتفطّر حسرة ولوعة ،
وإحساساً بالغبن ! ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |