ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
كلهم
شركاء! .... في ماذا؟ الطاهر إبراهيم* يستطيع القارئ العربي أن يؤكد،
-ومن دون أن يستثني- أن سنوات
الستينات والسبعينات
والثمانينات وحتى منتصف
التسعينات، كانت سنوات قحط وجدب
ثقافي ومعرفي في معظم دول
المنطقة. فلم تكن قنوات فضائية
تبث على نطاق تجاري بل
تلفزيونات وطنية. كما أن
الإنترنت لم يكن قد شاع
استعماله، قبل ذلك التاريخ، إلا
على نطاق ضيق. ولو نحّينا القنوات الفضائية
جانبا، فهي ليست موضوعنا الآن،
فإننا نستطيع أن نؤكد أن ما مضى
من السنوات العشر الأولى من
القرن الواحد والعشرين قد شهدت
انطلاقة عملاقة في الإعلام
الإنترنتي، إن صح التعبير. ولقد
وجد المواطن العربي -المحصور
داخل حدود جهات وطنه الأربع-
متنفسا له، ثقافيا وفكريا
وسياسيا، من خلال تصفح المواقع
الإخبارية والثقافية
والفكرية، حتى في أشد الدول
العربية تضييقا على الحريات. ومع أنه أصبح من شبه المستحيل منع
وصول المواطن العربي إلى كل
مواقع الأخبار التي تهمه، بسبب
ابتكار وسائل "كسر" الحجب،
وبسبب إغراق الفضاء الإلكتروني
بعشرات آلاف المواقع يوميا ما
أعجز مؤسسات المراقبة أن تواكب
هذا التوسع، فلم تيأس الأنظمة.
وما زالت تحاول أن تجد السبل
الكفيلة للتقليل من الضرر الذي
يسببه تصفح المقالات التي تفضح
ممارسات تلك الأنظمة. فعملت على
تضييق هامش الحرية أمام
المعارضين، أوعلى إسكات
أصواتهم نهائيا إذا اقتضى
الأمر. بعض الدول فطنت إلى أسلوبٍ أكثر
تحضرا من إغلاق الصحف والمواقع
في وجه مقالات المعارضين، وهو
فتح مواقع بديلة يكتب فيها
مناصرو الأنظمة، بل ومعارضوها
أحيانا فيما لو التزموا الكتابة
بلهجة معارضة مقبولة. لأن
الحكمة تقتضي ذلك، عملا بالحكمة
المأثورة التي تقول: "كلام
خصمك في وجهك –وإن أغاظك- أهون
منه في قفاك". ونظرا للضرر الذي حاق بسمعة
سورية بشأن حقوق الإنسان، فقد
رأينا الإعلامي السوري "أيمن
عبد النور" ينشئ موقعا
إلكترونيا أطلق عليه اختصارا
"كلنا شركاء". وبدأ "عبد
النور" يراسل كتّاب الإنترنت
السوريين الموالين والمعارضين
على السواء، ويقتبس من الصحف
ماجعل الموقع يبدأ بداية قوية،
شهدنا فيها مناظرات أخذت طابعا
يكاد يشبه ما كنا نقرأه في
المجلات الأدبية في النصف الأول
من القرن العشرين. وقد نُشِرَ في
الموقع مقالاتٌ حاول كتّابها
–وكنت واحدا منهم- إبقاء شعرة
معاوية، ماجعل مقالات معارضة
تجد لها مكانا في موقع لحزب
البعث، وإن حاول عبد النور أن
ينفي أي علاقة للموقع بنظام
الحكم. فوجئت منذ عامين إحجام "كلنا
شركاء" عن إدراج مقالات
لمعارضين إسلاميين يعيشون في
المنفى، وكانت مقالاتي هي
الأكثر حجباً -مع أني لم أنقطع
عن إرسالها للموقع- وإن بقيت
مقالات معارضين آخرين تجد لها
مكانا في الموقع. ومع أني لا
أشكو من قلة المواقع التي تنشر
لي، فمقالاتي تنشر في صحف عربية
-على قلتها- وفي مواقع تزيد عن
العشرة. ما جعلني أكتب مقالا
بعنوان: "منع النشر على
الهوية... قراءة في بعض المواقع
الإلكترونية"، نشر في شهر
يوليو من عام 2006 ، أشرت فيه إلى
موقع "كلنا شركاء" بالاسم،
فأفاجأ أن الموقع نشر المقال
مأخوذا من مجلة "العصر"، ثم
لم يعد ينشر لي إلا فيما ندر. المفارقة أن بعض السوريين الذين
يتابعون المواقع الإلكترونية
-كتابة وقراءة- انتبهوا إلى ما يعنيه مدلول اسم "كلنا
شركاء" الذي يحيل إلى أن
الموقع هو ملك لكل السوريين،
بينما سلوك المشرفين كان ينم عن
شكل انتقائي، ينشرون لمن يواكب
النظام، ويستبعدون مقالات
سوريين ليسوا من الاتجاه الذي
يرضى عنه النظام ومن يشرف على
الموقع، مايتناقض مع معنى
"كلنا شركاء في الوطن". لقد تحول "كلنا شركاء" من
موقع يقف على قدم المساواة مع:
(موقع "أخبار الشرق" القريب
من الإخوان المسلمين، الذي كان
السباق إلى ترسيخ أقدامه في هذا
الميدان، وموقع "الرأي"
القريب من حزب الشعب السوري
الديمقراطي)، إلى ما يشبه
"الجريدة الرسمية" التي
تُعنى بنشر المراسيم الجمهورية
والبلاغات الوزارية. غني عن
الذكر أنه قد أنشئت مواقع سورية
بعد كلنا شركاء، تفوقت عليه،
وليس لها إمكاناته. بل إننا نزعم أن الفضاء أمام
"كلنا شركاء" كان أرحب،
بسبب مقدرته على تغطية نفقاته
من ميزانية حزب البعث، مما لم
يكن متاحا للموقعين آنفي الذكر.
بل لقد شعر الذين تابعوا
"كلنا شركاء" منذ تأسيسه،
أن عطاء المشرف عليه "أيمن
عبد النور" قد تراجع، ما يعني
أنه غيرُ راضٍ عن مستوى وجاذبية
الموقع عند القراء. أمام هذا الواقع المتردي الذي
يعيشه "كلنا شركاء" بسبب
تضييق هامش الحرية أمامه بحيث
لا يستطيع نشر مقالات لسوريين
معارضين، أو حتى نشر مقالات
مترجمة تتكلم عن واقع سورية،
كنا نتمنى ألا يكون "كلنا
شركاء" منبرا لأشخاص يريدون
أن يصفوا حساباتهم مع الآخرين
على صفحات الموقع، كما فعل
المهندس غسان طيارة عندما هاجم
وبعنف في 16 تشرين ثاني الجاري،
زميلا له هو المهندس "غسان
نجار". لأن الأخير -وهو نقابي
سابق- رحب بمقال كتبه
"طيارة"، اعتبره بداية
صفحة جديدة بعد خصومة
"نقابية" قديمة من خلال
نقابة المهندسين في أول
ثمانينات القرن الماضي، انتهت
بغسان طيارة نقيبا للمهندسين
معينا لا منتخبا، وبغسان نجار
في المعتقل. وإننا إذ نتمنى على الموقع لو أنه
استطاع أن يعيد صياغة نفسه من
جديد فيقوم بتفعيل نفسه من خلال
استقطاب مشاركات كل السوريين،
وإلا، فالقراء عندما يقرأون اسم
"كلنا شركاء" وما يُكتَب
فيه، سيتساءلون: هذه الشراكة! في
ماذا؟ ومع من؟ *كاتب سوري
------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |